لم يكن ينقص إلا أن بيان تنظيم القاعدة الأخير لتكتمل أجزاء الصورة، لا شيء في هكذا وضع يأتي مصادفة أو هكذا تقول الوقائع. الجمعة كانت الأعين ترقب باهتمام أخبار الهبة الشعبية التي دعت لها قبائل حضرموت، لكن سرعان ما بدأت الجماعات المسلحة تحصد ثمار الفوضى التي بدأت تتصاعد، رغم ان قبائل حضرموت صاحبة الدعوة التي جاءت على خلفية قضية خاصة بالشأن الحضرمي حسب ما تؤكده الوجاهات الحضرمية، والتي حرصت وشددت في اكثر من ظهور أن الهبة يجب أن تكون سلمية خالصة. إنتاج مرئي ويعتبر مراقبون أن العشرة الأيام الماضية سجلت فيها القاعدة في اليمن رقماً قياسياً في إنتاج الفيديوهات التي تظهر بشكل محترف وعالي في الجودة والإخراج، وتشهد القاعدة حالة من الاضطراب والتناقض في التعامل المرتبك مع التطورات الأخيرة على الصعيد الأمني والسياسي. فبعد مجزرة العرضي أصدرت القاعدة بياناً تنفي صلتها الحادثة جملة وتفصيلاً، ثم أتبعت ذلك بتسجيل مرئي قالت فيه أنه ليس من أخلاق تنظيم القاعدة قتل الأبرياء ولا الإجهاز على الجريح، ووصفت من قاموا بهذه العملية بالمجرمين الذين يهدفون إلى تشويه القاعدة. لكن الساحة الإعلامية تداولت تسجيلاً لقاسم الريمي القيادي في القاعدة يتبنى الهجوم الذي قال "أنه كان يستهدف الوزارة وليس المستشفى" كما حدث، واتهم الريمي "منفذ العملية بارتكاب "أخطاء لم يؤمر بها" مؤكداً "أنهم لا يمكنهم القيام بأعمال مثل تلك التي ظهرت ولا يدعون إلى ارتكابها" معتذراً عنها بقول "اللهم إنا نبرأ إليك مما صنع خالد" في إشارة إلى حديث نبوي، لكن مراقبون أكدوا أن التضارب والإرتباك في تصريحات القاعدة يطرح تساؤلات حول علاقتها بأعمال العنف والفوضى التي تشتعل في بعض المحافظات. ففي عدن خرجت مجاميع مسلحة وبدأت تثير الرعب في بعض أحياء المدينة الدافئة في حضن البحر، كانت الفوضى المفتعلة تخفي ورائها هدف ثمين، فبحسب مصدر أمني فإن هجوماً مسلحاً نشب فجر الجمعة على السجن المركزي بالمنصورةعدن حاول اقتحام السجن والذي تزامن مع تحركات تسعى للإفراج عن سجناء يتبعون تنظيم القاعدة هناك، متوقعاً أن العملية كانت بغرض تحريرهم. المصدر الأمني نفسه والذي أدلى بتصريحات مساء أمس لوقع "عدن اونلاين" أكد أن رابط بين الفوضى التي تتزعمها عناصر من الحراك المسلح في أحياء مختلفة في عدن وبين عملية اقتحام سجن المنصورة المركزي، مستغرباً التنسيق بين القاعدة والحراك المسلح. وفي سيئون تمكن السلطات الأمنية بالمحافظة من استعادة ثمانية سجناء بعضهم محكوم عليه بالمؤبد بعد فرارهم من السجن المركزي بساعات مستغلين لحظة دخول الطباخين وتمكنوا من الفرار من إحدى فتحات البوابة –حسب مصادر أمنية- هناك. الحوثي تصعيد نوعي وضمن مسلسل التوظيف للأحداث فقد استغلت مليشيات الحوثي المسلحة مجزرة العرضي واستفادت من الضجيج الذي شد انتباه الرأي العام لتبدأ بالتزامن معها هجمة شرسة غير مسبوقة على دماج حسب تصريحات الناطق الرسمي باسم أهالي دماج. وصرح سرور الوادعي أن قصفاً عنيفاً بالدبابات والمدفعية نفذه الحوثيين على سكان دماج، وأكد أنهم كانوا يحاولون اقتحام المنطقة أكثر من مرة. المليشيات المسلحة التابعة للحوثي سارعت في استغلال ما يدور في المحافظات الجنوبية مساء يوم أمس الجمعة حيث أقدمت على اعتقال أمين المكتب التنفيذي للإصلاح الشيخ علي زيد، والذي تم الإفراج عنه مساء أمس السبت. وكان وسائل إعلامية مقربة من الحوثيين قد بدأت بنشر أنباء عن سيطرة مليشيات الحوثي على مناطق في عمران، لكن الأنباء أكدت أن القبائل تمكنت من دحرهم من وادي خيوان، وهي ما تشير إليه مصادر أن الجماعة تستفيد بشكل كبير حالة الفوضى التي تمر طرأت على المشهد المحلي. الحراك ولغة الرصاص وفي حضرموت اتهمت أطراف في قبائل حضرموت فصيل بامعلم في الحراك الجنوبي بمخالفته لمبادئ وثيقة الهبة الشعبية، وخرجت مسيرات تابعة لبامعلم في مدينة المكلا ترفع شعارات وأعلام الشطر الجنوبي سابقاً خلافاً لما تم الاتفاق عليه، واتهمت أطراف محلية في حضرموت بعض فصائل الحراك بانتهاج العنف والسعي لإدخال البلاد في حرب أهلية عن طريق الاعتداء على المواطنين والمنشآت الحكومية. وكانت الأجهزة الأمنية قد ألقت القبض على مجموعات مسلحة في حضرموت وشبوه وبعض المحافظات كانت تنوي ارتكاب أعمال تخريب وفوضى حسب تصريحات مسئولين أمنيين, وفي ذات السياق ضبطت الأجهزة الأمنية بأمانة العاصمة ظهر أمس سيارة (هايلوكس)عند جولة آية تحوي قنابل ومتفجرات (TNT)وصواعق وفيوزات صواريخ وقواعد مدافع ورشاشات وهو ما يؤشر أن الجماعات المسلحة بمختلف أذرعها تستغل حالة الإرباك والفوضى في المشهد السياسي ما يطرح تساؤلات عن مدى التنسيق بين الجماعات المسلحة وبعض الأطراف السياسية التي تسعى إلى إرباك المشهد والذي يتيح مساحة واسعة لتحرك جماعات العنف بعيداً عن القبضة الأمنية والرأي العام.