اعتبر أكاديميون وسياسيون التوقيع على وثيقة حل القضية الجنوبية بالخطوة الإيجابية، داعيين جميع المكونات السياسية إلى تحمل مسؤوليتهم التاريخية والوطنية، وجعل المصلحة الوطنية العليا فوق أي اعتبار. جاء ذلك خلال حلقة نقاشية أقامها المنتدى السياسي للتنمية الديمقراطية بالعاصمة صنعاء، والتي تنوعت فيها وجهات النظر وأثري النقاش حول العديد من القضايا المهمة على الساحة اليمنية من قبل نخبة من الأكاديميين. وقد أخذت وثيقة حل القضية الجنوبية حيزا كبيرا في نقاش الأكاديميين، حيث اعتبر الدكتور نبيل الشرجبي، استاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة، اعتراض بعض المكونات السياسية على وثيقة حل القضية الجنوبية بالمقبولة، وبعضها جاءت منفعلة ومبالغ فيها. وعبر الشرجبي عن تخوفه من تحول مؤتمر الحوار إلى وثيقة ما فوق الدستور، وان يظل فيصل اعلى للتحكم بالبلد، بينما اعضاءه لا يتمتعون بالحيوية والشعور بالمسؤولية ولم يختاروا من قبل الشعب اليمني- حسب قوله. وقال الشرجبي ان مؤتمر الحوار صنع نخبويا ولم يصنع شعبيا، داعيا قوى الثورة الشعبية إلى تشكيل لجان عاجلة للإتفاق على الحدود الأدنى من القضايا الرئيسية، وعدم إفساح المجال امام القوى المعادية للتغيير بتصدر المشهد السياسي وترتيب ارواقها. موضحا ان مساحة التباين زادت بين قوى الثورة، وبدأت الإختلافات تنشب بينها، وظهرت ذلك من خلال الإختلاف في تقديم الرؤى لمؤتمر الحوار وكان آخرها وثيقة حل القضية الجنوبية. اما الدكتور عبدالخالق السمدة، استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، فقد أكد ان الإشكالية ليست في عدد الأقاليم وإنما في وجود الدولة وبسط نفوذها في كل أرجاء الوطن والحفاظ على البلد من الإنهيار. وابدى السمدة استغرابه من اعتراض حزب المؤتمر على وثيقة حل القضية الجنوبية، والذي قال بأنهم يذرفون دموع التماسيح عندما يظهرون حرصهم على مستقبل الوطن والوحدة، وهم الناهبون لثروات الجنوب على مدى 33 عام. وأشار أن تحفظ المؤتمر على الوثيقة بعد أن تحدثت في احد بنودها عن تسليم السلطة، بأنهم لا يريدون الإعتراف بالثورة الشعبية وما حققته من إنجاز، داعيا إلى عدم تحديد فترة انتقالية وربطها بزمن معين بل مهام ونصوص. ولفت السمدة إلى وجود تناقضات في الوثيقة، وإختلالات جوهرية، وقال ان بسط نفوذ الدولة واستكمال هيكلة الجيش وتنفيذ مخرجات الحوار سيحسن اوضاع الناس والبلد. كما اكد الدكتور سعيد العامري، رئيس المنتدى السياسي للتنمية الديمقراطية، ان التآمر الخارجي على دول الربيع العربي لن يهدأ، وان القبول بالأقاليم امر واقعي بدلا من التشظي والإنفصال. وأكد العامري ان وثيقة حل القضية الجنوبية ليست دستورا، وما زال حولها حوارا، مشيرا ان التوقيع عليها جاء طالت فترة مؤتمر الحوار وسئم الناس منها والنقاشات حولها لأنها أخذت وقت أطول من اللازم. وكشف العامري عن حوار يجري بين المكونات السياسية للقبول بثلاثة اقاليم كحل وسط، مطالبا بتشذيب الوثيقة وتعديلها ووضع الملاحظات عليها خصوصا في موضوع الثروات والمواطنة. كما تحدث الدكتور عبدالله ابو الغيث، عن هفوات وقعت فيها الوثيقة، مثل توزيع الثروات في إطار المستويات الفيدرالية واختلالات في حقوق المواطنة المتساوية، لافتاً أن الرؤية في البند رقم (8) في المباديء التي وردت فيها اعطت حق إدارة الموارد الطبيعية وتنميتها، بما فيها النفط والغاز، ومنح عقود الاستكشاف والتطوير لسلطات الولايات "المستوى الثالث للفيدرالية" وذلك ما لم نسمع به في الفيدراليات المعروفة. مشيرا ان هذا النص وضع خدمة لقوى إقليمية ودولية تريد أن تظل عملية استكشاف اليمن لثرواتها الطبيعية والنفطية والغازية أسيرة لها، بحيث تتمكن بذلك من الاستحواذ عليها أو تعطيلها في أحسن الافتراضات، عن طريق إثارة حكومات تلك الولايات ضد السلطة الاتحادية كما يحدث الآن في بعض المحافظات. واوضح ابو الغيث ان انتقال المناصفة والمساواة بين الشماليين والجنوبيين إلى الهياكل الوظيفية الدنيا في الخدمة المدنية والقوات المسلحة والأمن يشكل ضربة للمواطنة المتساوية التي تجعل ربع السكان يحصلون على حق يساوي ثلاثة أرباع غيرهم، وكان يكفي أن يقال بأن هذه الوظائف توزع بطريقة تضمن إلغاء التمييز وتكافؤ الفرص لجميع اليمنيين، مع احترام التعيينات لمتطلبات الخدمة المدنية المتعلقة بالمهارات والمؤهلات. واختتمت حلقة النقاش بالعديد من التوصيات والمقترحات التي تكفل المنتدى السياسي برفعها إلى لجنة التوفيق ورئاسة مؤتمر الحوار الوطني.