على مدى ثلاثة أيّام في الفترة المتراوحة بين 20 و22 مارس الجاري تحتضن تونس فعاليّات المؤتمر السنوي الثّالث للعلوم الاجتماعية والإنسانيّة الذي ينظّمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السّياسات الذي يشرف على إدارته المفكّر العربي عزمي بشارة، وهو من أهمّ المؤسّسات البحثيّة الأكاديميّة المختصّة التي ما فتئت تقدّم دراسات نظريّة، وبحوثا ميدانيّة، ومقاربات معمّقة في تحليل الشّأن السّياسي والاجتماعيّ العربي المعاصر. ويتناول المؤتمر بالدّرس والنّقاش موضوعين أساسيّين الأوّل بعنوان "أطوار التّاريخ الانتقاليّة، ومآلات الثّورات العربيّة". والثاني بعنوان "السّياسات التنمويّة وتحدّيات الثّورة في لأقطار العربيّة". ويهتمّ الباحثون في المحور الأوّل بالبحث في المراحل الانتقاليّة للثورات العربيّة باعتبارها لحظات تحوّل تاريخيّة دقيقة في مسيرة بلدان الرّبيع العربيّ، مبرزين أهمّ خصائص هذه المرحلة وما يعتريها من معضلات وتحدّيات وما يتخلّلها من حالات اهتزاز وشكّ قد تؤثّر في جهود التوجّه نحو إقامة أسس الدّولة الدّيمقراطيّة. ويوظّف الدّراسون ههنا البحث التّاريخيّ المستند إلى تخصّصات متعدّدة في السّياسة والاجتماع والتّاريخ المقارن بهدف الاستفادة من التّجارب الانتقاليّة في تاريخ الإنسانيّة، والوعي بكيفيات توظيفها في إدارة مشكلة الزّمن الانتقاليّ العربيّ الرّاهن. أمّا المحور الثّاني فيتعلّق بالتّباحث في الخيارات التنمويّة للدّول العربيّة في المجالات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة في زمن الثّورات، ويحاول الباحثون الإجابة عن سؤال مركزيّ هو: ما هي التحدّيات التي يفرضها الحراك الاجتماعي الواسع والعميق الذي شهدته بعض الدّول العربيّة على عمليّة صوغ السّياسات التنمويّة، وكيفيّات تنفيذها، وآليّات تحقيقها على المدى القريب والمتوسّط؟ ويحضر المؤتمر كوكبة من أبرز رجال الفكر والثّقافة في العالم العربيّ من تونس ومصر واليمن والمغرب والجزائر وسوريّة والأردن ودول الخليج العربي. ويتيح المؤتمر فرصة للتّثاقف والتّعارف والتّداول حول عدد من أمّهات القضايا العربيّة المعاصرة.