احتشد مئات الآلاف من جماهير العاصمة صنعاء، عصر اليوم عند جولة سبأ بحي الحصبة، حيث كانت نقطة انطلاق مسيرة مكتظة بالحماس، تتزاحم فيها الحشود والذكريات الجياشة، في لحظة توقف تصادف مأساة مذبحة جمعة الكرامة في ذكراها الرابعة. وحضرت صور الشهداء الذين قضوا في تلك المذبحة البشعة، والتي وصفها بيان شباب الثورة "بأنها جريمة غير مسبوقة في التاريخ اليمني"، لقد كانت دماءهم تثجّ من أوردتهم أمام العالم أجمع، وكانوا يسقطون برصاص قناصة محترفين ، ظهر ذلك في نوعية الإصابات التي أخذت أرواح ما يزيد عن 43 شهيد، في دقائق معدودة، واخترقت أجساد عشرات المصابين، أبرزهم الطفل سليم الحرازي الذي فقد بصره بعد أن عبور رصاصة في مقدمة رأسه انتزعت حبتي عينيه وتركته كفيفاً أبد الدهر. وعند الخطوات الأولى للحشود تقافزت الذكريات، وطفحت رائحة الدماء التي عادت إلى ما قبل أربع سنوات، فتزاحمت قطرات الدموع في مآقي السائرين في ركب المسيرة، لتمتزج بفيض حبات مطر السماء، فاشتعل حماسهم وهتفوا "مطر مطر مطر .. الحوثية أكبر خطر"، ورفعوا صور الشهداء عالياً يهتفون لهم " يا شهداء الكرامة، القاتل ماله سلامة، والله ما يهنا إقامة، حتى ينفذ اعدامه، طوبى طوبى للشهداء، أحياء عند الله سعداء، عاش الشعب اليمني عاش، دمه غالي ما هو بلاش، عرف الغرماء والاوباش، ما غير الحوثي وعفاش"، وطالبوا "بالتحقيق الشفاف في جريمة الكرامة البشعة ، وسرعة تقديم الجناة للعدالة"، حسب بيانهم، في حين كانت شعاراتهم تهتف " يا قاضي هذا باطل، اربع سنوات بتماطل، كم يا أيتام وارامل، ينتظروا الحكم العادل ،والشعب بيعرف كامل ،مهما تغطي وتجامل، هذي أنفس هذي دماء، يكفي تلاعب يكفي عمى، ليش ما تعتقلوا الغرماء، حتى سادة أو زعماء". قمع واختطاف لكن المسيرة الحاشدة التي جاءت استجابة لدعوة القوى الثورية والوطنية، تعرضت لإعتداءات من مليشيا الحوثي المسلحة، فبحسب الناشط أكرم الوليدي فقد " اعترضنا ما يقارب 30 مسلح لكن شباب الثورة أصروا على المضي بعزائمهم وكنا نردد سلمية سلمية وما أن تجمع حشد من الشباب أثناء ما كانت المليشيا تسعى لتفريقنا عبر أكثر من شارع حتى تجمع الآلاف من الشباب وكسرنا تقطعهم و مضينا حتى دخلنا ميدان التحرير رافعين صور الشهداء وهتافات ضد انقلاب الحوثي". وأسفرت اعتداءات الحوثي عن اختطاف الثائر" محمد غالب الوصابي" بحسب بيان وزعه مركز صنعاء الحقوقي - تلقت الصحوة نت نسخة منه- يدين فيه اعتراض المسيرة السلمية واختطاف الثائر الوصابي ويطالب بسرعة الإفراج عنه. محطة فارقة وخطيرة وكان بيان صادر عن شباب الثورة بذات المسيرة قد أكد على أن هذه الذكرى الرابعة لمذبحة الكرامة " والتي كانت في الثامن عشر من مارس 2011م تحل والثورة الشبابية الشعبية السلمية تمر في منعطف خطير، عقب المحاولات المتكررة لمليشيا الحوثي استكمال حلقات الانقلاب الغاشم". وخاطب البيان شباب الثورة "و ﻻ بد ان تعلموا ان ثورتكم تواجه خطرا محدقا جراء تحالف قوى الشر، ضد ثورتكم المستمرة، وفي هذه الذكرى المؤلمة فإن القوى الثورية والوطنية إذ تحييها بألم بالغ لتؤكد على استمرار النضال السلمي حتى تحقيق أهداف ثورة فبراير كاملة". وأكد البيان "على التمسك بشرعية مؤسسات الحكم الحالية حتى انتهاء الفترة الانتقالية" مطالباً "مليشيات الحوثي الانقلابية سرعة سحب مسلحيها من العاصمة صنعاء وكافة المحافظات، ورفع احتلالها لمؤسسات الدولة، والإفراج الفوري عن كافة المعتقلين من شباب الثورة منذ 2011م إلى اليوم". كما طالب البيان" بإنهاء كافة الخطوات والإجراءات الانقلابية قبل أي حوارات" داعياً "إلى ضرورة التحقيق الشفاف في كافة الجرائم المرتكبة بناءاً على قانون العدالة الانتقالية الذي يجب أن يخرج للنور" واختتم البيان التأكيد على "استمرار التصعيد الثوري لإسقاط كل المؤامرات ضد شعبنا وثورتنا". وكانت القوى الثورية قد أطلقت فعاليات نوعية متزامنة مع الذكرى الرابعة لمجزرة الكرامة، حيث أقامت حركة"وهج" الطلابية سلسلة بشرية في جامعة صنعاء صباح الثلاثاء، في حين أقيم معرض مصور في فندق صحارى صنعاء يوم أمس، وفي صباح الأربعاء، نفذت حركة "دعوني أعيش" النسوية وقفة في جولة "الشهداء" إحياءاً لذات المناسبة. تصوير:محمد العماد