قبل يومين عاد الشاب عوض التميمي من صلاة الفجر والحزن يعلو وجهه، خرج يسابق الضوء، بعد الصلاة على اثنين من رفقاءه قتلوا في حي السلام بمديرية خور مكسر بعدن. كان حي السلام مسرح العمليات القتالية، كان الفتية يلعبون -كعادتهم - لحظة غروب شمس الأربعاء الماضي ، وفجأة سقط الشابين أحمد فضل العسل ومحمد المرفدي سقطا في لحظة واحدة، وانسكب دمهما في غمضة عين. يقول عوض التميمي وهو مكتظ بالحزن، قتلوا ابني (حافتي)، -مصطلح يطلق على الحي في عدن "الحافة"- قتلهم قناص حوثي برصاصة واحدة، ماتا في وسط الحي ، كل شيء في عدن بات هدفاً للقتلة. في عدن يعيش الناس ليالي رعب قاسية، وهي المدينة المفتوحة التي لا تنام، يقصدها الزائرون من كل حدب وصوب، لا ترد ضيفاً، والعدنيون ألفوا الناس وتعايشوا مع كل ألوان الطيف، في لحظة انتقام وحقد قرر صالح أن يقتحم المدينة الآمنة، بجحافل حليفه المتطرف عبد الملك الحوثي، يطلق صالح على نفسه بالزعيم، يلقبه أتباعه مؤخراً هكذا!، أما الحوثي فيقدم نفسه على أنه "السيد" وهو اللقب الذي يضحي عليه أتباعه بأنفسهم. الطريق إلى عدن كانت مفروشة بالجثث وآلاف الضحايا، في تقرير أصدره مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجية بصنعاء العام الفائت ، قال أن 7000 ألف يمني كانوا ضحايا حروب الحوثي في 2014م. رقم مهول للغاية، الحوثي يرتكب محرقة بحق الشعب اليمني، لكن الدم اليمني لا يزال يجري بغزارة في عدن هذه الأيام. في دار سعد المديرية المحرومة في عدن، دخل الحوثيون من أطرافها ، وأطلقوا قذائف مدافعهم و دبابتهم صوب بيوت الساكنين من أهالي عدن، كان الوضع كارثياً بحق ، يقول علي حسين،اجتمعنا في بيت جدي كل أقاربي كنا هناك، وكانت أصوات المدافع وقذائف الدبابات تتساقط عن يمين دارنا وشمائله، كنا ننتظر الموت في أي لحظة, ويضيف"تشبثت بأمي وكنت لا أستطيع سماع دعائها من صوت القصف،كانت اختي الصغيرة تبكي بدون توقف في حين كان جدي المصاب بالسكر يحاول أن يحمينا بظهره، وخالي كان في صفوف المقامة". فايزة التميمي شقيقة عوض، تقول أن عدن تعيش أسوأ وضع عرفته ، لقد تحولت المدينة إلى ساحة أشباح مخيفة. "نحن ننتظر الموت كل لحظة، ونتلقى صور الضحايا بين كل لحظة وأخرى". في 28 من مارس كانت قيادات عسكرية تنسحب من جبل الحديد وسط عدن، ويعتبر من أكثر معاقل الجيش تحصيناً ، وأكبر مخازن أسلحة هناك. كان الجبل يتعرض لعملية نهب واسعة ، تقاطر المواطنون بشكل مجنون ، وأخذوا ينهبون كل شيء أمامهم. يقول أدهم فهد -طالب في الثانوية- لا أستطيع أن أتخيل ما يجري، يصعب أن أرى الفوضى تدار بمراحل مخطط لها، لا شيء يدعوني لاحتمال العفوية فيما يجري، أجزم أن هناك من يدير الفوضى في عدن!. في الأيام التالية شهدت مديريات عدن أبشع عملية حرب، انتشرت الدبابات التابعة لميليشيا الحوثي في أحياء مديريتي خور مكسر وكريتر، ودمروا كل شيء فيها يقول أهالي كريتر "أحرقت الميليشيا مكتبات وطنية وأسواق مزدحمة تاريخية لم تمسسها الحرب من قبل، منذ آلاف السنين" لكن المقاومة كانت ضارية، لقد جابهت بقوة ، حيث تم اعطاب ثلاث دبابات وتم اسر العشرات من المقاتلين في صفوف الحوثيين, "يقبع أكثر من 85 سجيناً في أحد الأماكن بمديرية المنصورة، كلهم من صغار السن". إدانة واسعة وكانت قوى سياسية ووطنية قد أدانت بشدة الحرب على عدن ، حيث اعتبرتها المكاتب التنفيذية للإصلاح بعدن،وأمانة العاصمة، ولحج، بأنها حرب على الوطن، وثوابته.، وطالبت بسرعة إنهاءه فوراً في حين طالب التكتل الوطني للإنقاذ الحوثيين بإيقاف حربها في الجنوب والانسحاب من هناك وتسليم الأسلحة للدولة وكان وزير الخاريجة اليمني رياض ياسين نداء لتحالف عاصفة الحزم "لإنقاذ عدن" من هجوم الحوثيين. وقال ياسين:نرجو ممن يستطيع أن يدعم صمود أهل أن يسارع بذلك قبل فوات الأوان. ووجه ياسين نداءه الى اللجان الشعبية المتواجدة في المناطق حول عدن الى نجدة اخوانهم من أبناء عدن بكل ما يمتلكون من السلاح ،وقال ياسين أن المقاومة في عدن بحاجة للدعم من أجل التصدي للحوثيين . واتهم وزير الخارجية قيادات كبرى في محافظة عن وقيادات عسكرية كان التعويل عليها لاعداد خطة من أجل مواجهة الحوثيين لكنها اختفت بفعل فاعل بالرغم أنها استملت الكثير من الدعم .