فرضت عاصفة الحزم واقعا جديدا على الأرض في الأزمة اليمنية، وتسارعت الجهود الإقليمية والدولية لمحاولة إيجاد آلية لحل الأزمة عبر الحوار بين مختلف الأطراف، بعدما كانت الدول الراعية للانقلاب على الشرعية تغض الطرف عن استفزازات الحوثيين، بل وتمدهم بالدعم اللوجستي والدبلوماسي، وغدت تتنادى بمائدة المفاوضات التي لا مناص منها لكن بشروط الشرعية والعدل التي فرضتها حملة التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية. لقد لعبت بعض الدول في المحيط الإقليمي والدولي دورا سلبيا في الأزمة اليمنية بتشجيع المخلوع صالح والمتمردين الحوثيين، على الانقلاب على الشرعية، في محاولة لبسط السيطرة على المنطقة العربية وما يستتبعه ذلك من فرض إرادتها على الشعوب العربية ومقدراتها وتقرير مصيرها، فكان لزاما على العرب التحرك بسرعة، رغم أننا نؤمن بالسلام ولا نشجع الحرب، لكنها حرب فرض علينا خوضها. لقد أعادت عاصفة الحزم التوازن الاستراتيجي في المنطقة وحققت توازن الرعب المفروض تحقيقه منذ زمن، وسيطرت على أجواء اليمن وهي في طريقها إلى تحقيق السيادة الكاملة قريبا، بعد تدمير قوات المخلوع صالح وحلفائه الحوثيين على الأرض، وشل تحركاتهم؛ ما جعلهم يتنادون بضرورة البحث عن مخرج عبر الحليف الإقليمي والدولي كما هو واضح هذه الأيام. العرب دعاة سلام لا دعاة حرب.. ولكن الحرب كانت الملاذ الأخير والدواء المر الذي لا بد من تجرعه، ولذا فإن أي حل مقترح عبر الحوار لا بد أن يراعي شروط الشرعية وحماية الثورة الشعبية ومقدرات اليمن والحفاظ على وحدته وعاصمته الموحدة صنعاء، والتي لم تستبعد من أجلها عاصفة الحزم كل الخيارات حسب التطور على أرض المعركة حتى مرحلة التدخل البري، إذ لا إقصاء لأي إجراء لازم لإعادة الشرعية في اليمن. إن أي حوار لحل الأزمة أن تسبقه إجراءات لا بد من الالتزام بها حرفيا، وهي اولا انسحاب الحوثيين من جميع المدن اليمنية، وتسليم جميع أسلحتهم، والاعتراف بالشرعية ممثلة في الرئيس هادي والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وإلغاء أي دور للمخلوع صالح ونظامه في العملية السياسية المفترضة، ثم يمكن بعد ذلك الجلوس إلى مائدة الحوار والتفاوض مع الالتزام بتنفيذ ما يخرج به أي اتفاق. إن دول التحالف في عاصفة الحزم ترحب بأي جهد حقيقي لحل الازمة اليمنية، سواء الإقليمية أو الدولية، لكن مع الالتزام التام بتلك الشروط، حتى يقدر لمساعيهم النجاح وتؤتي أكلها في إعادة الشرعية وحل الأزمة اليمنية في الإطار العربي الصحيح. لقد نجحت عاصفة الحزم أن تشكل عاصفة جديدة في الواقع الإقليمي والدولي ليس أقل من أن نطلق عليها هذه الأيام "عاصفة الحل".