يشهد العالم ذكرى إطلاق اليوم لحرية الصحافة، دون حرية لأصحاب المهنة ذاتها ،فمع قتل أو منع من ممارسة مهنته بالترهيب والترويع، يفقد العالم شاهدا على الواقع الإنساني. يأتي هذا اليوم في وقت تشهد فيه وسائل إعلام يمنية تكميما تاما لمنتسبيها ، وحجب ممنهج لمواقعهم، وتوقيفا قسريا لصحفهم. ولعل ما أقدمت عليه مليشيا الحوثي المسلحة من حجب أكثر من 30موقعا إخباريا يمني وأجنبي خير دليل على مثل هذه الممارسات، فضلا عن اقتحام مكاتب ومقرات تابعة لوسائل إعلام معارضة، واعتقال منتسبيها. و يعود الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة إلى إحياء ذكرى اعتماد إعلان ويندهوك التاريخي خلال اجتماع الصحفيين الأفريقيين الذى نظّمته منظمة اليونسكو وعقِد في ناميبيا في مايو 1991، وينص الإعلان على أنّه لا يمكن تحقيق حرية الصحافة إلا من خلال ضمان بيئة إعلامية حرّة ومستقلّة قائمة على التعدّدية. ويُتَّخذ هذا اليوم مناسبة لتذكير الحكومات بضرورة احترام التزامها بحرية الصحافة، ومناسبة أيضا لتأمل مهنيي وسائل الإعلام في قضيتَيْ حرية الصحافة وأخلاقيات المهنة. وأهمية اليوم العالمي لحرية الصحافة من هذا القبيل لا تقل عنها أهميته من حيث تقديم الدعم لوسائل الإعلام المستهدفة بالتقييد أو بإلغاء حرية الصحافة. إنه أيضا يوم لإحياء الذكرى، ذكرى الصحافيين الذين فقدوا حياتهم في ممارستهم المهنة. ويأتى اليوم العالمي لحرية الصحافة في عام 2015 ليركز علي ثلاثة موضوعات رئيسية، تتمثل في وجود وسائل إعلام مستقلة وجيدة. بمعنى أن تصبح التقارير الصحفية الدقيقة والمستقلة عاملا ثابتا في العمل الإعلامي دائم التغير ومنع تأثير العامل التجاري والتطورات التكنولوجية المتسارعة . وتعتبر المساواة بين الجنسين من أهم تلك الموضوعات ،فلا يزال انعدام المساواة مستمرا في الوسط الإعلامي، بعد مرور 20 سنة من إعلان بيجين ،بينما يحتل المرتبة الثانية السلامة الرقمية للصحفيين ومصادرهم وهو الامر الشاغل والمتزايد بسبب ثورة الاتصالات التي صعّبت على الصحافيين حماية أنفسهم ومصادرهم. وعلى المستوى العالمى فقد أصدرت منظمة الدفاع عن حقوق الانسان "فريدوم هاوس"، تقريرها السنوى عن حرية الصحافة والذى تضمن "أن حرية الصحافة في العالم هي اليوم في "أدنى" مستوى لها منذ عشر سنوات". ووفقا للتقرير، فإن 14 في المئة فقط من سكان العالم يعيشون في بلد لديه صحافة حرة ،حيث هناك 42%من بلدان العالم لديه صحافة حرة جزئيا، و 44 % لا يسمح فيه بحرية الصحافة. ومن مفارقات اليوم العالمى لحرية الصحافة هو فوز الصحفي السوري مازن درويش الناشط في مجال حقوق الإنسان .. المعتقل حالياً في سوريا بجائزة اليونسكو لحرية الصحافة لعام 2015. وكانت لجنة تحكيم دولية مستقلة تضم إعلاميين محترفين قد أوصت بمنح جائزة "غييرمو كانو" العالمية لهذا العام، للصحفي مازن درويش تقديراً للعمل الذي قام به في سوريا لأكثر من عشر سنوات "بتضحية شخصية كبيرة" وما تعرض له من منع سفر ومضايقات فضلاً عن الاعتقالات المتكررة والتعذيب. وفي مصر، شهد العام الماضي قصف العديد من الاقلام الصحفية من خلال فصل المؤسسات الصحفيه لهم ،لاسباب بعضها معلوم و آخر مجهول، فقد فصلت أحد مواقع الصحافة الاليكترونية ، 75 صحفيا بحجة تقليل الميزانية، وهو ما قوبل برفض الصحفيين، فأعلنوا رفضهم للقرار، وناشدوا أعضاء الجماعة الصحفية، خاصة العاملين بالمواقع الإلكترونية، اتخاذ موقف واضح ضد سياسات العمل داخل المؤسسات الإعلامية. وعلى جانب متصل قامت إحدى الصحف المستقلة بفصل 130 صحفيا ، بينهم من مر على عمله بالموقع سنتان، وسط صمت مجلس النقابة، حتى وصل الأمر لإعلان إحدى الصحفيات إضرابها عن الطعام داخل نقابة الصحفيين لحين عودتها للعمل، مطالبة بتعيين من مر على عمله بالجريدة ستة أشهر. ولم يقتصر الامر على الصحف المستقله والمواقع الاليكترونية ،ليمتد الى الصحف القومية والتى قررت إدراتها فصل 160 صحفيا، تحت حجة "تقليل النفقات"، بقرار من رئيس مجلس إدارة المؤسسة. وهنا يأتى دور نقابة الصحفيين لتخرج بتصريحات تشعل الساحة بأنها لن تصمت عن هذا الفصل ،ولكن يبقي الصمت هو سيد الموقف ،وسط تجاهل لمطالب الصحفيين . وعن انتهاكات الصحفيين ، فهناك ما لا يقل عن 18 صحفيا داخل السجون المصرية، منهم المصور محمود أبو زيد المعروف باسم "شوكان"،وقد أفر جت السلطات المصرية مؤخرا عن المصور الصحفى أحمد جمال الدين زيادة بعد قضاء أكثر من سنة وراء القضبان ،بينما ينتظر باقي المسجونين قرار العفو من الرئيس عبد الفتاح السيسي. وفى الفترة الأخيرة سادت الاوساط الصحفية حالة من الارتباك بعد ظهور هاشتاج "أنا صحفى إليكترونى"فى محاولة من الصحفيين الاليكترونيين لتحريك النقابة نحو الاعتراف بهم ،بينما جاء موقف نقيب الصحفيين الجديد مناقضا ليعلن عدم اعترافه بتلك الحملة، ليظل الصحفيين مستمرين فى طريق الأشواك بين تعسف المؤسسات واتجاه النقابة.