رحم الله الشابي الذي حدد طريق الحرية بإرادة الشعوب وذلك بتحررهم من خوف قوة وبطش الاستبداد والطغيان حين يحدثون التغيير في أنفسهم فيحدث في حياتهم وواقعهم (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم...) وشاء الله أن تتحقق نظرية الشابي على يد شعبه التونسي قائد حرية الشعوب في القرن الحادي والعشرين هذا الشعب الحي الذي ثار ضد الظلم والطغيان والدكتاتورية والاستبداد والكبت والقمع والفساد وضد السياج الحديدي وأجهزة الأمن حامية وحارسة المستبد الذي ظن أنه في مأمن من الشعب وأنه يفعل ما يريد ولا يسأل عما يفعل، وظن المستبد أنه استطاع إسكات الشعب والمعارضة بالقمع والسجن والتشريد وأنه لا صوت يعلو فوق صوت الزعيم، وقد عبث المستبد بالثروة التونسية هو وأسرته ومقربوه وأفقر الشعب ونشر البطالة التي كانت منها الشرارة الأولى التي انطلقت من جسد الشاب (البوعزيزي رحمه الله) تلك الشرارة التي لامست قلوب ونخوة الشعب التونسي الأبي.. فأحرقت قصر المستبد وأخرجته من تونس شريدا طريدا يتيه في الهواء والأرض غير مأسوف عليه ترفض أن تقبله دول الأشقاء والأصدقاء لأنه لم يعتبر ممن سبقوه كالشاه وغيره (فما بكت عليهم السماء والأرض...) (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية..) وبعد ثلاث وعشرين عاما يعترف المستبد أنه أخطأ في حق شعبه وأنه فهم ما يريد وأن السبب في ذلك بطانته وأنه لن يحكم إلى الأبد.. ولكن كل هذا بعد فوات الأوان.. هل شاهد المستبدون الطغاة هذا المنظر وهل سيعتبرون؟ (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب...) (إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار...) ولقد ذهب المستبدون في اليمن إلى التعتيم الإعلامي الكامل عن الأحداث في تونس ظانين أن الشعب اليمني لا يشاهد ما يحدث عبر الفضائيات لأنهم لا يزالون في عصر القطرنة. إن واقع الشعب اليمني اليوم أشد ظلما وطغيانا وفسادا وفقرا وبطالة واضطهادا واستبدادا وانتهاكا للحقوق والحريات واستباحة للدماء والأموال ونهبا للثروات في البر والبحر ونهبا للأراضي وأكثر تدهورا تعليميا وصحة وخدمات من قبل النظام المستبد الفاشل فهل سيعتبر مما حدث في تونس ويعيد النظر في سياساته الخاطئة وممارساته السيئة التي أوصلت الشعب إلى المجاعة وجعلته يعيش تحت خط الفقر وجعلت معظم الشباب يعيش حياة بطالة، وهذه هدية الشابي للأنظمة: ألا أيها الظالم المستبد حبيب الفناء عدو الحياة عبثت بأنات شعب ضعيف وكفك مخضوبة من دماه حذاري فتحت الرماد اللهيب ومن يزرع الشوك يجني الجراح فعلى النظام أن يفهم شعبه اليوم قبل فوات الأوان. والدرس الثاني للنظام هو ما حدث في جنوب السودان، فهل يعي النظام هذا الدرس بحيث يصحح سياساته وممارساته السيئة في المحافظات الجنوبية.. حتى يكسب قلوب الناس ويوحد قلوبهم بالعدل والإنصاف وتحقيق الأمن الغذائي والأمن العام بدلا من السلب والنهب والغطرسة والقوة والطغيان.. والحليم من اعتبر بغيره. (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون...)