كنتُ أتمنى أن نصلي على (البوعزيزي) ذلك الشخص صاحب العربة الذي أحرق نفسه في مدينة (سيدي أبو زيد) التونسية والتي انطلقت منها شرارة الثورة التونسية، وقد كان (البوعزيزي) من حيث يدري أو لا يدري، جعلته الأقدار سبباً موقظاً لأمة ومحيياً لشعب، ومن ثم كنت أتمنى أن نصلي على (البوعزيزي) في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي حتى تكون صلاتنا شفاعة له ليغفر الله له إحراقه لنفسه. وكنتُ أتمنى أن يتواصل لهيب الثورة ضد الطغيان والاستبداد في جميع بلداننا العربية والإسلامية. وكنتُ أتمنى في هذا المسار أن يتواصل زخم المظاهرات في الجزائر وغيرها من بلداننا حتى تؤتي أكلها وثمارها المرجوة على غرار تونس. وكنتُ أتمنى أن يكون هذا الحدث العظيم عند أشقائنا في تونس مناسبة يُحتفل بها سنوياً كمناسبة وطنية وذلك لما ندركه جميعاً من آثار ونتائج وتداعيات سواءً في داخل تونس نفسها أو في بلداننا العربية والإسلامية بل هو في أنحاء المعمورة، ورغم ذلك يبقى مشعل الثورة تونسياً وعلامة ماركة مسجلة باسم شعبنا التونسي الحي، وله براءة حق الريادة والأولوية تماماً كما هي الانتفاضة الفلسطينية قبله. وكنتُ أتمنى أن تعقد الندوات والأمسيات والمؤتمرات وتتواصل دون انقطاع على مستوى شعوبنا وضمن فعاليات وأنشطة تقيمها منظمات المجتمع المدني والمؤسسات النظيرة لها والهيئات والنقابات الشعبية سيما العمالية والطلابية منها، وذلك كله في سبيل المحافظة على إبقاء جذوة الثورة الشعبية التونسية وتأثيراتها في النفوس متوهجة على السطح وحتى لا يواريها رماد النسيان في طياته ومن ثم لا يقوى الطغاة المستبدون على إخفائها بما يظنونه مبادرات وتدابير ومعالجات لإصلاح الأوضاع هنا وهناك، وما هو في الحقيقة إلا ذر للرماد على العيون وضحك على اللحى ومغالطات طالما اعتدناها وألفناها منهم، وهنا أُذكِّر بأنَّ المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين. وكنتُ أتمنى أمنية خاصة لبلادنا أن تقوم سلطة الاستبداد والفساد الحاكم فيها بالتعجيل بحفر قبرها بأيديها والتعجيل بزوالها، وها هي تفعل ذلك بما صنعته قبل اختطاف (توكل كرمان) وأثنائه وبعده.