ترى كم شخصا في اليمن عليه أن يحرق نفسه ليدرك الرئيس علي بن عبدالله صالح أن الانهيار بات وشيكا! وكم ثورة علينا القيام بها لتطهير هذه البلدة الطيبة من الظلم والاستبداد والجهل وتمركز الأسرة الحاكمة على منافذ المال والسلطة والخيرات!!
انفجرت ثورة تونس لتقدم أنموذجاً بسيطاً لما يمكن أن يحدث في أي بلد عربي يحمل من الظلم والقمع والتخلف وجبهات الصراع المفتوحة أكثر مما تحمله تونس ويعاني منه شعبها , ويؤدي بها إلى ثورة لن تعرف الياسمين ولا الورود بل ستغرق في الدماء والوحل تحت ظل قيادات متفرقة وشعوب مسلحة وتدخلات خارجية.
لم تكن اليمن يوما ما كتونس لذا على الرئيس أن يعلم أن ثمن الثورة سيكون باهظا, وان الاستيقاظ المبكر أفضل من البحث عن أي من البلدان سيقبل استضافته من عدمه. فطائرة زين العابدين بن علي لا يزال أزيزها يصم آذان جميع الرؤساء العرب وهي معلقة خارج سماء الدولة الصديقة (فرنسا) رافضة استقباله على أراضيها!!
وفيما تسارع الكثير من الدول العربية لامتصاص آثار الثورة التونسية من خلال خفض الأسعار ودعم فئة الشباب الذين هم وقود الثورات , تقف حكومتنا الرشيدة ذاهلة ( خارج نطاق التغطية ) أو ربما هي (مالية أيدها), فالشباب اليمني تلملمه مقايل القات ليثرثر بما يريد ويخرج ما هو مكبوت في صدره (يعني ليس لديه وقت للثورة)!!
لقد خيبت تونس كل التوقعات وأحدثت شرخاً في ثقة الرؤساء العرب بموت الشعوب وعدم قدرتها على المقاومة فحذار حذار فتحت الرماد اللهيب ومن يزرع الشوك يجني الجراح .
رحم الله أبا القاسم الشابي ملهم كل الثورات ورحم الله محمد البوعزيزي ملهم الثورة التونسية والذي احرق نفسه احتجاجا على الظلم , وقد كتب إلى أمه قبل أن ينتحر: "مسافر يا أمي، سامحيني، ما يفيد ملام، ضايع في طريق ما هو بإيديا، سامحيني كان (إن كنت) عصيت كلام أمي. لومي على الزمان ما تلومي عليّ، رايح من غير رجوع. يزّي (كثيرا) ما بكيت وما سالت من عيني دموع، ما عاد يفيد ملام على زمان غدّار في بلاد الناس. أنا عييت ومشى من بالي كل اللي راح، مسافر ونسأل زعمة السفر باش (أن) ينسّي" كم ثورة نحن بحاجة لها للملمة الصفوف وخلق قيادات جديرة بالتضحيات المبذولة , قادرة على لملمة ما تمزق من كيان الوطن وتقديم برامج حقيقية للإنسان اليمني !!
*** وقال هنري ويلكنسون من مؤسسة جانوسيان سيكيورتي الاستشارية "الأمر الذي سيقلق حكومات كثيرة في المنطقة هو أن الأزمة كانت عفوية ولم تكن منظمة. الأحداث في تونس أظهرت خطر تأثير الكبت: إذا انتهجت نظام القمع العنيف دون معالجة أسباب السخط يمكن أن يؤدي أي شرخ في النظام إلى انفجار".