تدشن ثورة 21 سبتمبر الشعبية المباركة اليوم الاثنين الموافق 22 سبتمبر 2025 م عامها الثاني عشر بعد أن أكملت عامها الحادي عشر يوم أمس الأحد الموافق 21 سبتمبر 2025 م وهي الثورة الشعبية الأولى على مستوى العالم العربي والثانية على مستوى العالم الإسلامي بعد الثورة الإسلامية في إيران التي قادها الإمام الخميني رحمه الله وأسقطت حكم الشاه محمد رضا بهلوي في 11 فبراير عام 1979 م وكما سبق وأشرنا في مقالات سابقة بأنها جاءت مصححة لكل ما سبقها من ثورات أوحركات أستطاع التدخل الخارجي في الشأن اليمني أن يقيدها ويمنعها من تحقيق مبادئها وأهدافها التي قامت من أجلها وأحدثت ثورة 21سبتمبر بقيامها تحولا وطنيا وتاريخيا في حياة الشعب اليمني ، قد يستغرب البعض من هذا الوصف لاعتقادهم أن أغلب الدول العربية والإسلامية يوجد فيها ثورات بينما الحقيقة أن الثورات تصنعها الشعوب والانقلابات يقوم بها العسكر ولا ينطبق مفهوم الثورة الشعبية إلا على ثورة 11 فبراير في إيران وثورة 21 سبتمبر في اليمن كونهما ولدتا من رحم الشعبين وقامتا على أكتاف الجماهير ولم يكن للعسكر أية علاقة بهما وهذا سر نجاحهما في احداث متغيرات ومعادلات جديدة على مستوى العالم كله ، وذلك بعكس الانقلابات العسكرية التي كانت وما زالت تأتي أساسا على خلفية صراعات سياسية على السلطة ولا تعمر طويلا فقد تتلوها انقلابات في غضون أشهر قليلة بعد قيامها ويذهب ضحاياها من قاموا بها ليحل محلهم قادة الانقلابات الجدد فأدخلت الشعوب في دوامات لانهاية لها. وينطبق ذلك على بلدنا اليمن كما هو حال البلدان العربية والإسلامية فلم يخرج عن هذه المعادلة في الشطرين سابقا أو حتى من بعد إعادة تحقيق الوحدة منذ شهدت الساحة اليمنية أول انقلاب عسكري في صنعاء ضد الحكم الملكي يوم 26 سبتمبر عام 1962 م أطلق عليه ثورة ولم يكن رجالها مستعدين للدفاع عنها فاستدعوا جيش خارجي ليحميها ويحميهم ولم يكاد هذا الانقلاب يكمل عامه الخامس حتى قام عليه انقلاب آخر في 5 نوفمبر عام 1967 م ولكن حظه ليس أفضل من سابقه فقد ووجه هو الآخر بانقلاب ضده يوم 13 يونيو عام 1974 م لتبدأ بعد ثلاثة أعوام ونيف انقلابات من نوع جديد شهدت دورات دموية حصدت قتل ثلاثة رؤساء خلال ثمانية أشهر اثنين في صنعاء وثالثهم في عدن ولم تمضي مدة ثلاثة أشهر على من تسلم الحكم في صنعاء بعد قتل الرئيسين حتى قامت محاولة فاشلة للانقلاب عليه وإسقاط حكمه فكانت عاقبة ذلك مأساوية عندما تم اعدام خيرة رجالات اليمن من قادة تلك المحاولة الانقلابية مع أنهم كانوا حريصين على ألا تسفك نقطة دم واحدة في حالة نجاح انقلابهم العسكري لكن التدخل السعودي أصر على إعدامهم وفق محاكمات صورية والتخلص منهم ولا يزال العديد منهم ممن لم يشملهم الإعدام مخفيين قسرا حتى اليوم ولا يعرف مصيرهم . وفي المقابل شهدت الساحة في الشطر الجنوبي من الوطن سابقا انقلابات متتالية كان أولها الانقلاب على حكومة الاستقلال التي تشكلت في 30 نوفمبر عام 1967 م وعمرها لم يبلغ بعد عام وسبعة أشهر حيث أعلن الرفاق في 22 يونيو عام 1969 م ما أطلقوا عليه الحركة التصحيحية فأودعوا رئيس الجمهورية السجن ليبقى فيه حتى وفاته وأعدموا رئيس مجلس الوزراء ولم تشهد الفترة من يونيو 1969 إلى يونيو 1978 م استقرارا حيث تخللها تصفيات للرفاق فيما بينهم أبرزها حادث الطائرة المشهور الذي ذهب ضحيته شخصيات سياسية ودبلوماسية وعسكرية من الصعب تعويضها وتوجت تلك الفترة بقتل قائد الانقلاب وعدد من رفاقه ليتسلم الحكم طاقم جديد عام 1979 م ولكن هذا الطاقم لم يكمل العامين حتى تم الانقلاب عليه عام 1980 م مفسحا المجال لفريق آخر توج فترة حكمه بأحداث 13 يناير المأساوية عام 1986 م فحصدت خلال عشرة أيام فقط رؤوس ما يقارب اثناعشر ألف من الكوادر المجربة والمتعلمة وهو ما شكل خسارة ليس للجنوب فحسب وإنما لليمن كله وأنقسم الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم على نفسه وكذلك الجيش الجنوبي الذي كان يعد أقوى جيش في الجزيرة العربية والخليج واستمرت بعد ذلك المماحكات بين الجنوب والشمال حتى تم الاتفاق على إعادة تحقيق الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990 م فاستبشر اليمنيون خيرا واعتقدوا بأنهم قد خرجوا من دورات العنف التي رافقت الحكم في الشمال والجنوب ولكن مع الأسف لم تكد تمر إلا أشهر قليلة حتى شهدت الساحة اليمنية اغتيالات وصراعات سياسية واختلافات بين الطاقم الحاكم نفسه الذي كان له الفضل في اتخاذ قرار إعادة تحقيق الوحدة لتنتهي بحرب 1994 م المشؤومة التي ما تزال تداعياتها تلقي بظلالها إلى اليوم على الوضع في اليمن وفتح الباب واسعا أمام التدخل الخارجي في الشأن اليمني خاصة من قبل أمريكا والسعودية ليصبح اليمن تحت الوصاية وتم التفريط في أرضه حيث تم التنازل عن جيزان وعسير ونجران ومناطق أخرى في الربع الخالي وغيره وفجر النظام الذي كان قائما حروب صعدة الستة وتم تهميش القضية الجنوبية من خلال الالتفاف على اتفاقية الوحدة لتصل الأمور ذروتها من الخلافات في عام 2011 م متزامنة مع ما شهدته بعض الدول العربية من عمليات تغيير قادها الشباب هذه المرة وليست الجيوش وانتقلت العدوى إلى اليمن لكن مع الأسف فقد تم الالتفاف على ماعرف بثورة الشباب التي أطاحت بالنظام من قبل الأحزاب فتم إنتاج نظاما بالشراكة مع النظام المطاح به لتعود الخلافات على تقاسم الكعكة من جديد ولم يستفد اليمن من عملية التغيير لدرجة أن حكومة باسندوة أعلنت عجزها عن دفع مرتبات الموظفين رغم وجود الموارد المختلفة لديها والمساعدات الخارجية فأعلنت عن اتخاذ جرعة زادت من الأعباء على كاهل المواطنين بعد أن وعدوهم بأن اليمن سيدخل عهد جديد يوفر لشعبه رخاء واستقرار لم يشهده من قبل فرفضت القوى الشعبية بقيادة مكون أنصارالله الجرعة مطالبين بالغائها ولكن الحكومة لم تستجب للمطالب الشعبية فزاد الضغط عليها بعد أن أصبحت الثورة الشعبية محاصرة لها فقدمت استقالتها للشعب وليس للقيادة السياسية التي كان يرأسها الفاقد للأهلية عبدربه منصور هادي الذي أرتمى في الحضن الأمريكي والسعودي فدخلت الثورة الشعبية العاصمة صنعاء يوم 21 سبتمبر عام 2014م حاملة معها إتفاق السلم والشراكة الذي تم التوقيع عليه في نفس اليوم بالقصر الجمهوري من قبل الرئيس آنذاك عبدربه منصور هادي وممثلي كل القوى السياسية بمختلف توجهاتها الفكرية والسياسية وبرعاية أممية ولم تكن انقلابا كما يزعم المغرضين وتم تشكيل حكومة جديدة برئاسة خالد بحاح لم يشارك فيها مكون أنصارالله حتى لا يتهم بأن هدفه السلطة وليس مصلحة البلد ، ومن هنا أصيبت أمريكا وربيبتها السعودية بالجنون بعد أن تم طرد العسكريون الأمريكيون الذين كانوا يحتلون صنعاء ويتحكمون في قرارها السياسي وإنهاء الوصاية على القرار السياسي اليمني فكان رد الفعل عنيفا حيث تم تشكيل تحالف دولي تقوده أمريكا والسعودية والإمارات ليتم شن عدوان على اليمن يوم 26 مارس عام 2015 م بهدف إجهاض الثورة الشعبية وإفشال أهدافها الوطنية ولا يزال هذا العدوان قائما للعام الحادي عشر على التوالي ولكن الله أعان الشعب اليمني بفضل قيادته الحكيمة ممثلة بقائد الثورة الشعبية السيد عبدالملك الحوثي والجيش اليمني البطل بكل أفرعه خاصة الصاروخية والبحرية والطيران المسير والمدعوم شعبيا فاستطاع أن يواجه العدوان الكوني وينتصرعليه ويتحول اليمن بفضل الله إلى رقم صعب في المنطقة والعالم يحسب له الف حساب ، وما دعمه للقضية الفلسطينية التي تخلى عنها العرب والمسلمين ومساندته للأشقاء في قطاع غزة الذين يتعرضون لإبادة جماعية وتحمله لرد الفعل الأمريكي والإسرائيلي إلا ترجمة عملية لما وصل إليه من قوة وتأكيد على التفاف الشعب حول ثورته وقيادته .