لم تكن ثورة 21 سبتمبر 2014 حدثًا عابرًا في مسار اليمن بل محطة فارقة شكلت تحولاً استراتيجياً في تاريخ اليمن الحديث . لقد جاءت هذه الثورة كاستجابة طبيعية لمطالب شعبية تراكمت عبر سنوات من التبعية السياسية والاقتصادية والفساد الذي أنهك مؤسسات الدولة حتى باتت القرارات الوطنية مرهونة بالخارج. على عكس ما روجت له بعض الأطراف، لم تكن ثورة 21 سبتمبر انقلاب على سلطة أو مغامرة سياسية بل كانت ثورة مطلب شعبي يمني بامتياز. خرج الناس رفضاً للوصاية الخارجية وتطلعاً لبناء دولة مستقلة تمتلك قرارها السيادي وتعيد الإعتبار للكرامة الوطنية. وقد حققت الثورة منذ أيامها الأولى منجزات جوهرية لا يمكن إنكارها، أبرزها: أبرزها الإستقلال السياسي حيث انتزع اليمن قراره من هيمنة الوصاية الأجنبية واستعاد سيادته الكاملة. ومن ضمن الإنجازات أن أعادت الثورة الإعتبار للهوية اليمنية وحررت الإرادة الشعبية من القيود و أوقفت هيمنة مراكز النفوذ التي سيطرت على مقدرات البلاد لعقود. كذلك أسهمت الثورة في بروز مشاريع زراعية وصناعية وخدماتية نابعة من إرادة وطنية. لم يرق ذلك لبعض القوى الإقليمية والدولية التي رأت في الثورة تهديداً لمصالحها ونفوذها فسارعت إلى التدخل وجر اليمن إلى حرب عدوانية منذ عام 2015. و حتى اللحظة يتعرض الشعب اليمني لحصار خانق وقصف متواصل في محاولة لإجهاض الثورة وإخماد صوت الاستقلال والسيادة. لكن مهما قصف العدو، فلن يرهب اليمنيين، ولن يثنيهم عن المضي في رسالتهم التحررية. فقد أثبتت التجربة أن الدماء الزكية التي سُفكت لم تزد الشعب إلا إصراراً على التمسك بخياراته الوطنية. اليوم وبعد أكثر من عقد على انطلاقتها لا تزال ثورة 21 سبتمبر حاضرة بقوة، ليس فقط كذكرى، بل كمشروع مستقبلي لبناء يمن مستقل وحر. وبرغم الجراح والتضحيات، فإنها رسخت في وجدان اليمنيين. ورسالة الثورة اليوم واضحة اليمن ماضاً في طريقه لا يلتفت للوصاية ولا يخضع للهيمنة. العدو قد يملك طائراته وصواريخه، لكنه لا يملك كسر إرادة شعب آمن بقضيته. ومن هنا فإن ثورة 21 سبتمبر باقية لأنها ثورة شعب، والشعوب لا تُهزم.