قال الدكتور سيف العسلي إنه لا يريد أن يقول إن اليمن دولة فاشلة حتى لا يوفر الذريعة للخارج من أجل التدخل في شئون اليمن. وبرر العسلي تحاشيه القول بأن اليمن دولة فاشلة - خلال محاضرة له بمنتدى الأحمر –"من أجل الحفاظ على سيادة اليمن، "لأنه إذا اعترفنا بأن اليمن دولة فاشلة فإننا بهذا سنعطي فرصة للآخرين للتدخل في شئوننا". العسلي ورغم إيراده معايير للدولة الفاشلة انطبقت جميعها على اليمن – بتأكيد المشاركين - إلا أنه قال في ختام محاضرته إن اليمن ليست دولة فاشلة وإنما آيلة للفشل، وهو ما قوبل بانتقادات من قبل المشاركين في المنتدى الذين أكدوا أن النتيجة التي توصل إليها العسلي تتناقض مع معايير الدولة الفاشلة التي ذكرها في مقدمة محاضرته المكتوبة إلى المنتدى. وبحسب ورقة العسلي فإن الدولة الفاشلة هي الدولة التي تعاني من تسعة أعراض أو معايير، تتمثل "في فقدان السيطرة على بعض أراضيها، وعدم احتكارها لاستخدام القوة المسلحة، وتناقص شرعية النظام لعدم قدرته على اتخاذ قرارات مهمة باسم الشعب، وضعف الخدمات العامة التي تقدمها الدولة للمواطنين، وعدم القدرة على تمثيل البلاد مع العالم الخارجي كممثل للشعب، والانتشار الواسع للفساد، وتحول بعض مواطنيها كلاجئين في الدول الأخرى، وانتشار الإختلالات الأمنية و الممارسات الإجرامية، والانخفاض الحاد في الدخل". وأضاف: "الدولة الفاشلة هي الدولة التي لا تستطيع أن تصلح نفسها بنفسها حتى مع مساعدة الآخرين لها، و في هذه الحالة فإما أن يعيش المجتمع بدون دولة كما يحدث في الصومال أو أنه يجب أن يتدخل المجتمع الدولي في إصلاحها كما يحدث في أفغانستان. وأكد أن التقارير الدولية التي تصدرها مراكز الأبحاث و الدراسات تضع اليمن بين أسوء عشرين دولة من بين 177 دولة في العالم يتم تقييمها سنويا، و قد تراوح ترتيب اليمن بين هذه الدول العشرين ما بين 6 إلى 15 ما بين عام 2008 و 2010. و قد كانت الصومال هي الدولة رقم واحد في كل هذه التقييمات. وبعكس ما ذكره في ختام محاضرته بأن اليمن ليست فاشلة إلا أنه أكد في سياق المحاضرة أن الكتابات والتقارير الصحفية تكاد تجمع على أن اليمن دولة فاشلة انطلاقا من هذه المعاير والتقييمات. أما معايير الدولة الآيلة للفشل والتي قال العسلي إن اليمن تعيش حاليا هذه المرحلة فتتمثل في ضعف الخدمات العامة، وتنازع الشرعية مع مؤسسات أخرى مثل القبيلة و مراكز القوى، وعدم سيادة القانون، وعدم قدرتها على إدارة الاختلافات فيها، وعدم قدرتها على اتخاذ القرارات الحاسمة فيما يخص عملية الإصلاح الاقتصادي والسياسي، ووجود انشقاقات اجتماعية. ويؤكد أن الدولة الآيلة للفشل هي الدولة التي تسير في طريق الفشل و لكنها لم تفشل بعد. و بالتالي فانه اذا ما عملت هذه الدولة على إصلاح أوضاعها و ساعدها الآخرون فإنها على الأقل تستطيع أن تحافظ على نفسها. العسلي قبل تراجعه عن التصنيف المكتوب في محاضرته، قال إنه: يمكن القول بان اليمن ليس في الوقت الحاضر دولة فاشلة و لا دولة آيلة للفشل ولكنها دولة متعثرة، باعتبار أن الدولة المتعثرة هي الدولة التي تعاني من اختلالات عميقة في أوضاعها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لكن لا تواجه تحديات لوجودها كدولة. وانتقد العسلي – خلال محاضرته بعنوان اليمن في التقارير الدولية و حقيقة ما يجري فيه – النظام السياسي في اليمن، وقال: إنه يعاني من اختلال العلاقة بين المؤسسات السياسية وبعضها البعض وبينها و بين المؤسسات التنفيذية أي الإدارية، فبعض المؤسسات السياسية قد سيطرت على كل من الوظائف السياسية والإدارية مما تسبب في تعطيل عملية المحاسبة والشفافية و بالتالي الكفاءة. وعبر عن أسفه أن هذه الاختلالات ليست على طاولة الحوار ولا النقاشات الدائرة بين الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك وأنها ليست حاضرة حتى بين النخب السياسية والفكرية. العسلي تحدث عن ثلاثة خيارات أمام الشعب اليمني أولاها الاستمرار في الوضع الراهن، مؤكدا أن هذا الخيار سيكون الأفضل لو كانت دولة صحيحة ومعافاة. أما الخيار الثاني بحسب العسلي فإنه سيكون أفضل في حال كون الدولة في اليمن فاشلة أو آيلة للفشل، "وفي هذه الحالة فان التغيير أمر لا بد منه قرب الأمر أو بعد و من الأفضل أن يكون قريبا جدا لان ذلك سيوفر جهودا وتكاليفها مهمة والتي تتمثل في تكاليف الحفاظ على مؤسسات الدولة الفاشلة و تكاليف تغيرها و التي قد لا تكون سلمية. ويرى العسلي أن الخيار الثالث المتاح أمام اليمن هو خيار الإصلاح التدريجي، وسينجح في حال كون اليمن دولة متعثرة. الفقيه: يجب أن نغير وإلا فسيأتي من يغيرنا بطريقته وفي مداخلة له أكد الدكتور عبدالله الفقيه أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء أن جميع المعايير التي أوردها العسلي في ورقته تؤكد أن اليمن دولة فاشلة إلا أن العسلي "سعى للتوفيق بين مختلف الاتجاهات وإن غلبت عليها السبغة الرئاسية". وقال: "جميع المعايير الآنفة الذكر منطبقة على اليمن، ونظامنا لم يعد له شرعية والذي يريد أن يعرف ذلك فعليه أن يقرأ وثائق ويكلكس". وحذر الفقيه من أن المجتمع الدولي يحضر لغزو اليمن، مؤكدا أنه مسئول عن كلامه هذا وأن الأيام ستثبت صحة حديثه. وأضاف: إذا كانت الانتخابات هي الحل لأوضاعنا فعلينا أن نلغي عقدين من الزمن شهدنا خلاله انتخابات لم تسفر شيئاً، مستطردا: عن أي انتخابات نتكلم في حين أن السلطة صادرت حق 2 مليون يمني في هذه الانتخابات رغم أن الدستور أكد أن الانتخابات حق لكل يمني ولا يجوز انتزاع هذا الحق منه. وقال: يجب أن نبحث عن حلول، ومشكلة اليمن هي في يحيى حميد الدين الذي مايزال يحكم اليمن بعقليته إلى اليوم، ورغم هذا لم نقتنع بالتغيير ونقول لآل حميد الدين يكفي فالبلاد ستهلك. وأضاف: لدينا نافذة للتغيير، ويجب أن يتم التغيير، وإذا لم نغير فسيأتي من يغيرنا بطريقته.