مع اقتراب الموعد.. البنك المركزي يحسم موقفه النهائي من قرار نقل البنوك إلى عدن.. ويوجه رسالة لإدارات البنوك    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    بن مبارك بعد مئة يوم... فشل أم إفشال!!    الجوانب الانسانية المتفاقمة تتطلّب قرارات استثنائية    لماذا صراخ دكان آل عفاش من التقارب الجنوبي العربي التهامي    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    عبد الله البردوني.. الضرير الذي أبصر بعيونه اليمن    مكاتب الإصلاح بالمحافظات تعزي رئيس الكتلة البرلمانية في وفاة والده    الثالث خلال أشهر.. وفاة مختطف لدى مليشيا الحوثي الإرهابية    هجوم حوثي مباغت ومقتل عدد من ''قوات درع الوطن'' عقب وصول تعزيزات ضخمة جنوبي اليمن    تغير مفاجئ في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    أقرب صورة للرئيس الإيراني ''إبراهيم رئيسي'' بعد مقتله .. وثقتها الكاميرات أثناء انتشال جثمانه    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    بعثة اليمن تصل السعودية استعدادا لمواجهة البحرين    انفراد.. "يمنات" ينشر النتائج التي توصلت إليها لجنة برلمانية في تحقيقها بشأن المبيدات    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    ماذا يحدث في إيران بعد وفاة الرئيس ''إبراهيم رئيسي''؟    عودة خدمة الإنترنت والاتصالات في مناطق بوادي حضرموت بعد انقطاع دام ساعات    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    قادم من سلطنة عمان.. تطور خطير وصيد نوعي في قبضة الشرعية وإعلان رسمي بشأنه    أول فيديو من موقع سقوط طائرة الرئيس الإيراني ووصول فريق الإنقاذ "شاهد"    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    هادي هيج: الرئاسة أبلغت المبعوث الأممي أن زيارة قحطان قبل أي تفاوض    الليغا .. سقوط البطل المتوج ريال مدريد في فخ التعادل وفوز برشلونة بثلاثية    تناقض حوثي مفضوح حول مصير قحطان    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    قبيل مواجهة البحرين.. المنتخب الوطني يقيم معسكر خارجي في الدمام السعودية    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    عدن.. وزير الصحة يفتتح ورشة عمل تحديد احتياجات المرافق الصحية    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل نجح المشترك في فك شيفرة الخداع الصالحي..حسين اللسواس
نشر في الصحوة نت يوم 03 - 05 - 2011


هل نجح المشترك في فك شيفرة الخداع الصالحي
صالح ونظامه في الكورنر..!
[email protected]
أرحب بالمبادرة الخليجية، لكنني لن أوقع عليها!، بهكذا تعبير، استهل الرئيس صالح –ذي الشرعية المتآكلة- فصلاً جديداً من مسلسل تناقضاته المكسيكي.
لقد قبل بالمبادرة الخليجية في نسختها الثالثة، لكنه لن يضع عليها امضائه العريض!، أحجية تنتمي إلى دراما المتناقضات التي لا تجيد انتاجها سوى مؤسسة الصالح للخداع والتحايل السينمائي..!
لا يجد الرئيس صالح غضاضة من ممارسة هواية الكذب والخداع حتى وهو يعرض موقفاً مصيرياً حاسماً في حضرة دول الإقليم والعالم.
تداعيات موقفه الأخير، تبدو أكثر اختلافاً عن سابقاتها من حيث التأثير والمدلول، ببساطة: لقد اصبحت الاعيب الرجل اكثر انكشافاً، ولم يعد تحايله المفضوح خافياً على أحد.
حين نحاول تقييم الموقف الرئاسي الاجمالي من المبادرة في نسختها الثالثة، نجد ان الرجل جمع كل التناقضات التي يمكن تخيلها في مواقفه المعلنة.
حتى وان بدا الترحيب موقفاً اولياً من المبادرة، غير انه لم يدم طويلاً، إذ مالبث ان تراجع عنه علناً في اليوم التالي لصدوره وتحديداً خلال مقابلته المتلفزة مع فضائية البي بي سي.
في مقابلتيه المتلفزتين مع قناتي روسيا اليوم والبي بي سي مثلاً، جمع صالح كل المتناقضات التي يمكن تخيلها ضمن اجاباته.
التأرجح بين نقيضي (الرفض والترحيب) جسد عنواناً واصفاً لمعظم الاجابات الصالحية، لدرجة ان المشاهد لم يكد يسمع بموقف واضح حتى يفاجئ بنقيضه بعد اقل من عشر ثواني..!
لقد بدا صالح كما لو أنه يكتب كلاماً ثم لا يلبث ان يمسحه سريعاً على طريقة سعيد صالح في مسرحية (مدرسة المشاغبين)..!
على طريقة الناسخ والمنسوخ، انتظمت التناقضات الصالحية في متوالية هندسية عجيبة الشكل والمضمون، لدرجة بدى فيها المشهد كما لو أن المتحدث –في المقابلتين- محض دمية جرى برمجتها على قول الشيء ونقيضه معاً..!
تناقضات الموقف الرئاسي، جعلت الرجل يبدو كما لو انه يعيش صراعاً داخلياً محتدماً بين عقلين هما (العقل الباطن ونظيره الظاهر).
فحين يتحدث عقلة الظاهر (الحاوي للخبرات والتجارب) عن الترحيب بالمبادرة، لايلبث عقله الباطن (المتصل بالرغبات) ان يعبر عن وجوده بعبارات ومواقف ومقترحات تتناقض كلياً مع الترحيب المُعلن عنه ابتداءً.

المشترك يفك شيفرة الخداع الصالحية
حين علمت بنبأ رفض الرئيس صالح التوقيع على المبادرة الخليجية بذريعة تعديل الصفة، أيقنت ان اللقاء المشترك بات أكثر احترافاً في تعاطيه مع الألاعيب الصالحية واساليب التحايل وأصناف الخداع التي ما أنفك يمارسها.
إحترافية المشترك نتيجة لم تظهر –في الواقع- عقب الرفض الرئاسي الاخير، فالموافقة المشتركية على النسخة الثالثة من المبادرة الخليجية، أكدت حدوث تغيرات احترافية مبكرة في مسارات التعاطي المشتركي مع ألاعيب صالح ومسلسل خداعه المكسيكي.
بوسعنا الادعاء هنا، ان المشترك توصل اخيراً الى طريقة عملية لتفكيك شيفرة الخداع الصالحية وإبطال معظم أساليب التحايل التي لا تكاد تنتهي حتى تبدأ مجدداً.
لقد بارح المشترك بتكتيكاته الاحترافية تموضعه الصعب الذي حُشر فيه سابقاً إثر الاستنجاد الصالحي بالأشقاء الخليجيين للقيام بأدوار الوساطة.
أدرك المشترك ان صالح يريد جرجرته الى مربع التصادم مع دول مجلس التعاون بهدف زعزعة التأييد الاقليمي والدولي لخيارات التغيير في اليمن.
الادراك المشتركي –حتى وان جاء متاخراً- غير انه استطاع ان يقلب موازين اللعبة المعقدة تماماً بصورة ادت الى حشر صالح ونظامه المتداعي في زاوية التصادم مع الخلجيين.
عندما اعلن المشترك موافقته على المبادرة في نسختها الثالثة، كتبت مقالاً لصحيفة المصدر -لم يجد طريقة الى النشر بسبب التأخير في إرساله- أبديت فيه إختلافي مع الأصوات الثورية المُنساقة خلف نداءات التشكيك باللقاء المشترك ومواقفه.
قلت في المقال الذي يحمل ذات العنوان بعاليه، ان الموافقة المشتركية على المبادرة تعبر عن استلهام واع لمراوغات صالح وألاعيبه، وتوقعت ان تؤدي الموافقة المشتركية الى تراجع رئاسي عن الترحيب بالمبادرة بصورة تسهم في إنكشاف اكبر لمراوغات صالح الدؤوبة.
توقعي الآنف لم يكن محض ترجيح عابر، بقدر ما كان مستنداً الى قرائن ووقائع كثيرة.
فصالح حين استعان بالاشقاء دافعاً إياهم الى مربع الوساطة، لم يكن جاداً البتة، بقدر ما كان يتطلع الى مبارحة تموضعه الخانق المتخلق بفعل التسارع الثوري الذي كان منتظماً آنذاك.
حقيقة الغايات الصالحية، تجسد نقطة الاستناد الرئيسية في بناء التوقع الآنف ذكره، إذ لم يكن صالح جاداً بإعلانه الموافقة على النسخة الثالثة من مبادرة الاشقاء الخليجيين. غاياته كانت جليه منذ البداية، ببساطة: لقد أراد بموافقته الاولية على المبادرة ان يضع اللقاء المشترك في موقف موغل بالصعوبة تحقيقاً لإحدى غايتين..

فإما ان يدفع بالمشترك الى تموقع الرفض البائن للمبادرة بحجة الحفاظ على اللحمة الثورية وهو ما سيؤدي الى تغيير في الموقفين الإقليمي والدولي المساند لخيارات التغيير، وإما ان يدفع بالمشترك الى خندق القبول بالمبادرة بصورة تؤدي لزعزعة الثقة بينه وبين الثوار وصولاً الى ايجاد انقسامات وانشقاقات تساهم في تعطيل التسارع الثوري وتكريس واقع الانكماش والتثبيط والتراجع للثورة وشبابها المتوثبين.
وبما ان تقديرات النظام كانت فيما يبدو تستبعد موافقة المشترك على المبادرة إستناداً الى حرص هذا الاخير (المشترك) على الوحدة الثورية، فقد كان الرفض المشتركي للمبادرة هو الخيار الاكثر ترجيحاً بالنسبة لتقديرات النظام.
غير ان المشترك بموافقته على المبادرة تسبب في إرباك عارم لدى النظام، وأصاب تقديراته وحساباته بالاخفاق ومجانبة الصواب.
مبررات الانقلاب الصالحي على المبادرة
الإرباك الناتج عن موافقه المشترك على المبادرة بدى واضحاً في اول ظهور علني لصالح عقب تلك الموافقة وتحديداً خلال لقاء متلفز مع فضائية البي بي سي.
تناقضات الرجل بقدر ما بينت مستوى إرباك نظامه، فانها بالقدر ذاته أظهرت غايات الرجل وحقيقة نواياه.
برفضه التوقيع، وحديثه عن رفض الاستقالة، ظهر صالح على حقيقته، وبدا خداعه اكثر جلاءً ووضوحاً من أي وقت مضى.
الإنقلاب الصالحي المفاجئ على المبادرة الخليجية –المتعارض مع سيناريوهات الترحيب- يحمل دلالات ضمنية عديدة لعل ابرزها إنعدام جدية الرجل، فهو لم يكن جاداً مع الخليجيين منذ البداية، ولا يبدو انه سيكون كذلك.
من واقع تناقضاته تتضح جُل غاياته، انه ببساطة يسعى لاستغلال المبادرة الخليجية وتوظيفها على نحو يمكنه من استهلاك الوقت بهدف البقاء في كرسي الرئاسة أطول وقت ممكن.
حين أدرك النظام انكشاف غاياته وجلاء الاعيبة إثر مقابلة صالح المتلفزة مع فضائية البي بي سي، لم يجد بداً من ترتيب ظهور رئاسي ثان على شاشة فضائية اخرى بهدف احتواء ذلك الانكشاف الذي بينته المقابلة الاولى والحد من تداعياته السلبية.
حاول صالح ان يُعيد ترتيب الاوراق في مقابلته مع قناة روسيا اليوم، ورغم انه كان اكثر دقة في انتقاء الالفاظ بخصوص الموقف الرسمي المُرحب بالمبادرة، غير انه أخفق في كتم جموح (عقله الباطن) لينبري خالعاً شتى صنوف الاتهامات والأكاذيب والافتراءات في حق دولة قطر العزيزة.
مفعول اللقاء المتلفز لم يدم طويلاً، إذ لم يلبث الإرباك ان عاد مجدداً ليطل برأسه إثر رفض صالح التوقيع على المبادرة بدعوى تغيير الصفة من رئيس الجمهورية الى رئيس المؤتمر الشعبي العام.
ببساطة شديدة: هاهي تكتيكات المشترك تؤتي أكلها سريعاً، وهاهو صالح يلج فصلاً جديداً من الانكشاف والعبث والتحايل بذريعة صفة التوقيع.

رهان خاسر وتعقل غير محمود
بوسعنا الادعاء هنا ان توازنات اللعبة قد تغيرت تواً، فالرفض الصالحي والموافقة المشتركية، حدثان أعادا توزيع التموقعات بصورة تسببت في انتاج تطابق ثلاثي –مشتركي، إقليمي، دولي- ضاغط على النظام.
لقد اثبت المشترك –بموافقته على المبادرة- جديته في مجاوزة الانسداد السياسي الراهن وحرصه على استقرار البلاد، نافياً اتهامات النظام له بالتصلب وعدم الجدية.
الثمار في الواقع، لا تقتصر على ذلك، فهاهو المشترك يؤكد للخليجيين والمجتمع الدولي عدم جدية النظام في حلحلة الانسداد سلمياً بموازاة عدم التزامه بأي مواقف او احترامه لأي اتفاقات.
عقب هذه الاثباتات، توقعت ومعي كثيرون بروز موقف خليجي حاسم يضع حداً لسيناريوهات الالاعيب الصالحية المكشوفة، غير ان اجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي يوم السبت جاء متعارضاً مع التوقعات ومخيباً للآمال.
ثمة تعقيدات كثيرة جعلت المجلس الوزاري الخليجي يكتفي بقرار وحيد يتضمن عودة امين عام مجلس التعاون الى صنعاء لاستئناف جهود الوساطة.
إن كان الحرص على احتواء الازمة والخوف من التمدد الثوري، يُجسد أبرز العناوين في لستة التعقيدات، فان المرونة وسيناريوهات التعقل تبدو حاضرة أيضاً.
بموقفهم الأخير هذا، يريد الاشقاء ان يفوتوا على صالح أي ذرائع او ممكنات لمغادرة (كورنر) الحصار الذي غدا محشوراً فيه.
غير انهم –في الوقت عينه- لا يحسبون حساباً للتداعيات المترتبة على الاستطالة الزمنية، فمبادرتهم بقدر ما تجسد له طوق نجاة، فإنها بالقدر عينه تمنحه فاصلاً وقتياً ذهبياً للامعان في تعطيل المرحلة الانتقالية والتمادي في ارتكاب الانتهاكات ضد الثورة وشبابها المعتصمين سلمياً.
لايبدو التعاطي مع الرئيس صالح، وضعاً قابلاً للإطاقة بالنسبة للأشقاء الخليجيين.
فخداعه أضحى باعثاً على الانزعاج، وألاعيبة غدت محفزاً للإستياء، وتناقضاته باتت مصدراً للتذمر.
غير انهم رغم كل هذا، يراهنوان على نجاح مبادرتهم التي تحظى بالإسناد الدولي دونما حاجة لممارسة ضغوط استثنائية على صالح ونظامه.
تناقضات صالح وألاعيبة تجعل الخسارة مآلاً حتمياً لرهان كهذا، فالرجل –وفق ماثل المعطيات- سيمضي قدماً في ممارساته الاستغلالية للمبادرة، ولن يتنازل عن توجه كهذا دون ضغوط إقليمية ودولية موازية للضغوط الثورية الداخلية.

التأقلم الصالحي مع الوضع الثوري
ثمة تعقيد يتصل بقدرة صالح على التأقلم مع الوضع الثوري الراهن، بصورة مكنته من الصمود رغم كل الانشقاقات والانكسارات والادانات والتحديات التي واجهها ومُني بها نظامه منذ بداية الثورة المجيدة.
استطالة الحقبة الثورية بالإتساق مع تسرب اللحظة الحاسمة، عاملين اسهما في التكيف الصالحي السريع مع البيئة الثورية، بحيث غدا قادراً على إحداث تباعد وتأجيل نسبي لميقات السقوط اللائح.
إنهاء ثنائية التأقلم والتكيف، يبدو مرتبطاً بأحد أمرين، إما رفع وتيرة الضغوط الثورية الداخلية لمداها الأقصى، وإما مضاعفة حجم الضغوطات الاقليمية والدولية.
وبالتالي يتعين على الاشقاء الاستيعاب الدقيق والمتأني لتعقيد كهذا، بما يكفل استحداث نمط جديد من التعاطي الصارم الذي يحول بالضرورة دون استمرار دوران عجلة الخداع بموازاة وضع النهاية لمسلسل التناقضات الصالحية ذي الصبغة المكسيكية.

لعبة الوقت وتعميد شراكة المؤتمر
ثمة دلالات عديدة لمبرر (صفة التوقيع) لا تقتصر على محاولات إعاقة المبادرة وحصاد فاصل زمني على طريقة (اللعب بالوقت).
فالمبرر يكشف بجلاء وجود رغبة مؤتمرية ترمي الى تعزيز تموضعه كشريك رئيسي في التركيبة القيادية لنظام ما بعد صالح.
هي إحدى الحيل الصالحية دون ريب، لكنها ايضاً احدى التكتيكات المؤتمرية.
بوسعنا القول ان صالح –بحديثه عن الصفة وإصراره على التوقيع كرئيس للمؤتمر- يريد ان يجعل من هذا الأخير (المؤتمر) طرفاً ثانياً لاتستقيم الشراكة في المرحلة الانتقالية دون وجوده في صيغة تقاسم بالمناصفة.
الغاية هنا ليست بحاجة لمزيد من الإبانة او التوضيح، فتوقيع صالح كرئيس للمؤتمر يعني امعاناً في توفير ضمانات التواجد المؤتمري كشريك غير قابل للاقصاء في التركيبة القادمة، ويعني ايضاً تكريس شرعية التواجد بإعتبار ان صاحب التوقيع مجرد ممثل عن المؤتمر الشعبي العام.
واقع الامر، ان الحديث عن صفة التوقيع يظل –كتعليل رئيسي- مجرد محاولة لإعاقة المبادرة عن المضي قدماً بموازاة تمديد لعبة الشد والجذب وحصاد المزيد من الوقت.
لو كان صالح حريصاً على المؤتمر وجاداً في تمرير المبادرة لإكتفى بطلب إضافة عبارة (رئيس المؤتمر الشعبي العام) تحت عبارة (رئيس الجمهورية اليمنية) في مكان الإمضاء، غير انه أصر على استبدال الأخيرة بالأولى ليؤكد انه ليس حريصاً على المؤتمر بقدر حرصه على تعطيل التوقيع وتحقيق اكبر بقاء ممكن له في كرسي الرئاسة، مدللاً في الوقت عينه على عدم جديته وإمعانه في التلاعب والعبث والتحايل.

وماذا بعد
للمرة الأولى يبدو اللقاء المشترك سريعاً في الاستفادة من تناقضات صالح وألاعيبة التي لا تحصى.
استطاع المشترك –بموافقته على المبادرة الخليجية- ان ينتزع عامل المبادأة بالتوازي مع تمكنه من حشر النظام في كورنر (زاوية) التصادم مع دول الخليج.
رغم ان الموافقة المشتركية تعد خفضاً –غير محمود- للسقف المطلبي الثوري، غير انها من منظور سياسي بحت جسدت تكتيكاً ذكياً وتوظيفاً موفقاً للتناقضات الصالحية.
بموافقة المشترك الكاملة على المبادرة، هاهو صالح يجني ثمار ألاعيبة وخداعه وتناقضاته.
لقد أضحى نظامه على مفترق طرق حقيقي، فإما ان يتراجع عن موقفه المتأرجح بين رفض التوقيع والترحيب بالمبادرة، معلناً قبوله بها واستعداده لتوقيعها والإلتزام بتنفيذ بنودها، وإما ان يرفضها، وهو خيار حاسم سيساهم في عزل النظام اقليمياً ودولياً وتكثيف الضغوط الخارجية لإجباره على الرضوخ للإرادة الشعبية بموازاة ما سيشكله خيار كهذا من اسناد خارجي لقوى الثورة وتفهم لمطالب الشعب.
آن للمشترك إذن ان يتنفس الصعداء قليلاً، فالنظام لم يعد قادراً على تغطية الانكشاف المريع الذي لحق بأوراقه وألاعيبة على خلفية الارباك الاخير، ليس هذا فحسب، بل انه غدا فاقداً القدرة على استئناف الاعيبة ومواصله خداعه وتمرير اكاذيبه.
لقد اضحى النظام يكابد عناء التواجد في (كورنر) الحصار، فهامش المراوغة لديه أضحى يضيق بانتظام، في حين غدت قدرته على التحايل والخداع محدودة التواجد منعدمة الفاعلية.
بإختصار.. لقد حُشر النظام الصالحي في الزاوية، ولم يعد بوسعة الاستمراء في لعبة الخداع المفضوحة دون خسائر فادحة.
إنه امام مفترق طرق حقيقي، فالمبادرة الخليجية تُجسد –حسب ماثل المعطيات- فرصة أخيرة بالنسبة إليه، إذ لايمكن اعادة انتاجها بمكاسبها الراهنة (الخروج الآمن والتمتع بإمتياز الحصانة من المسألة والتواجد في التركيبة القيادية بالمناصفة مع قوى الثورة).
فهل سيبادر صالح لإغتنام امتيازات الفرصة الاخيرة، ام ان لعنة المصير الأسود ستكون هي النهاية الحتمية لثلاثة عقود من السلطة المطلقة..؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.