- * مؤلم ما وصل إليه الحال في مدينة عمران وضواحيها بعد إصرار البعض على الاحتكام لمنطق القوة والسلاح والمواجهة العنيفة، وتجاهل حقيقة أن آخر ما تحتاجه اليمن ويخشاه أبناؤه هو نزاع مسلح لا طائل منه .ناجي عبدالله الحرازي - * مؤلم ما وصل إليه الحال في مدينة عمران وضواحيها بعد إصرار البعض على الاحتكام لمنطق القوة والسلاح والمواجهة العنيفة، وتجاهل حقيقة أن آخر ما تحتاجه اليمن ويخشاه أبناؤه هو نزاع مسلح لا طائل منه . ومؤلم أيضا أن لا نسمع حديثا صريحا يوضح لليمنيين حقيقة ما شهدته عمران والمناطق المحيطة بها خلال الأسابيع الماضية وحتى اللحظة، دون تحيز لهذا الطرف أو ذاك . ومؤلم أكثر أن وسائل إعلامنا الرسمية التزمت الصمت طوال الأسابيع الماضية، ولم تطالعنا حتى بأخبار اللجنة الرئاسية التي أمر الرئيس عبدربه منصور هادي بتشكيلها أملا في تهدئة التوتر في عمران .. وهي اللجنة التي كانت قد توصلت لاتفاق هدنة ووقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة، لكن ذلك الاتفاق لم يصمد ولم يعرف الناس من المسؤول عن فشله .. حتى الاجتماع الأخير الذي عقده مجلس وزرائنا وجاء في تغطيته الإخبارية أن المجلس وقف خلاله أمام مستجدات الأوضاع في محافظة عمران والتداعيات التي وصفها الخبر بالخطيرة الناتجة عن اقتحام الجماعات المسلحة من الحوثيين لعدد من المقرات الحكومية والعسكرية والخاصة ونهب لجميع محتوياتها من معدات وأسلحة، وما نجم عن ذلك من سفك للدماء ودمار للمنشآت العامة والخاصة وتفاقم في الأوضاع الإنسانية في مدينة عمران... هذا الخبر لم يوضح لليمنيين خلفيات أوضاع عمران، ولماذا قامت الجماعات المسلحة من الحوثيين بكل ما تضمنه الخبر؟ بيان اللجنة الأمنية العليا الخاص بتطورات عمران، كان هو الآخر مبهما بالنسبة لكثير من اليمنيين، واكتفى بالإشارة إلى أن اللجنة تابعت تطورات الأوضاع في محافظة عمران وقيام جماعة الحوثي بالمهاجمة والاستيلاء على المصالح والمرافق الحكومية والوحدات العسكرية والأمنية بالمحافظة ومنها إدارة أمن المحافظة وإدارة شرطة السير وفرع قوات الأمن الخاصة وغيرها من المصالح والمؤسسات والمرافق التابعة للدولة.. كل ذلك دون أن يوضح لنا لماذا قامت جماعة الحوثي بكل ما تضمنه الخبر؟ . وهكذا فقد جاء خبر مجلس الوزراء وبيان اللجنة الأمنية العليا، منقوصين من وجهة نظر كثير من اليمنيين، لأن أيا منهما لم يشر إلى خلفية الأزمة في عمران، ولم يوضح حقيقة أن اشتباكات عنيفة مسلحة دارت في عمران بين مسلحي الحوثيين ومن يؤيدهم وقوات حكومية يفترض أنها تابعة للجيش مدعومة ومن يدعمها من رجال قبائل مسلحين .. تلك الاشتباكات التي دامت عدة أسابيع وتابعها أبناء عمران والمناطق المحيطة بها، كما تابعها بعض العارفين بما دار ويدور، اقتصرت التغطية الإعلامية لمجرياتها ومازالت محصورة حتى اليوم في صحف ومواقع إنترنت ومصادر غير محايدة.. وهذه ظلت ومازالت حتى اللحظة تتبادل الاتهامات ويحمل كل منها طرفا دون الآخر مسئوليتها.. كل ذلك دون أن يتضح لليمنيين حقيقة ما دار ويدور في محافظة عمران وفي غيرها من مناطق الاشتباكات غير الحميدة بين جماعات مسلحة يمنية، لا يبدو أنها معنية بالأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، أو بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجية، أو بما يتوقعه العالم من أهل اليمن بعد سنوات من الأزمات المتلاحقة. والمؤلم أيضا أن أزمة عمران – إذا صحت التسمية – وغيرها من المواجهات المسلحة التي تابعنا ومازلنا نتابع أخبارها بين الحين والآخر، أدت إلى سفك دماء الكثير من اليمنيين، وإلى إهدار جهود وإمكانيات وموارد مالية كان الأجدر بأطرافها تخصيصها للتفكير في حل مشاكل البلاد التنموية وفي تحسين مستوى معيشة الناس. فهل تتوقف المواجهات المسلحة عند عمران وضواحيها، بحيث يتسنى لأبناء اليمن التمسك بالأمل في أن يكون مستقبلهم أفضل؟ أم أن الأيام المقبلة ستشهد المزيد من الأزمات التي تجعلنا نضرب أخماسا في أسداس دون معرفة مصير البلاد والعباد؟؟ "الثورة"