الجمهورية التي نعيش في ظل نظامها اليوم في اليمن، هي في حقيقة الامر لا تمت للجمهورية باي صلة من الصلات، لان النظام الجمهوري كواحد من ابرز نظم الحكم السياسية في العالم واكثرها انتشارا، حيث جاءت فكرة الجمهورية في سياق تطور الفكر البشري للخلاص من نظم الحكم الملكية الاستبدادية، واستبدالها بنظام سياسي يتيح للشعوب المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية، والتمتع بمزيد من الحقوق والحريات والكرامة الانسانية. اما نحن في اليمن وللاسف الشديد فان التحول من النظام الملكي في الشمال ومن قبضة السلطنات في الجنوب، الى النظام الجمهوري لم يكن الا تحولا شكليا فقط، حيث مارس الجمهوريون الجدد كل اشكال الاستبداد والظلم والسيطرة على الشعب بالحديد والنار واخضاعه لسلطتهم الاستبدادية والشمولية، مصادرين كافة الحقوق والحريات التي اتسمت بها الجمهوريات في اوربا ودول القارة الامريكية. بعد اغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي عام 1978م تسلط على الشعب مجموعة من الفاسدين، يسميهم البعض حمران العيون، لانهم يعتبرون من يستولي على السلطة ويستأثر بالمال العام وينهب ممتلكات الشعب بانه احمر عين، ولذا عرفت الجمهورية في اليمن حتى يومنا هذا بجمهورية حمران العيون. ان عصابة الحمران نسبة الى اسم العائلة التي ينحدرون منها، او نسبة الى طبيعتهم الاستبدادية ونزعتهم الاقصائية للاخرين، استولت على البلاد منذو لحظة اغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي والى يومنا هذا، حيث سخرت تلك العصابة الاحمرية كل مقدرات البلاد وثرواتها لصالح اطماعهم الشخصية ومشاريعهم التسلطية، فنهبوا خيرات البلاد وعطلوا مصالح العباد، واسسوا لانفسهم امبراطوريات مالية ضخمة ومؤسسات مالية عملاقة، لدرجة ان الفرد الواحد منهم اصبح يملك من الاموال في رصيده مبالغ مالية ضخمة تفوق الموازنة العامة للدولة. ان هذه العصابة الاحمرية لم تشبع ولم تقنع ولم تكتفي من نهب الاموال العامة، رغم السنوات الطويلة التي تسلطوا فيها على مقدرات والتي تناهز ما يقرب من اربعة عقود من الزمن، بحيث اصبح حمران العيون يعتقدون ان الجمهورية هي غنيمة لهم ومن حقهم وحدهم دون غيرهم، واذا ما ارتفع صوت وطني هنا او هناك يطالب بكف ايديهم عن اموال الشعب والتوقف عن العبث بثرواته وخيراته، اتهموه بالانقلاب على الجمهورية، لانهم باتوا يفهموا معنا واحدا للجمهورية، وهو التسلط والتكبر والتجر والنهب للمال العام وسرقة ثروات البلاد وافقار الشعب وظلمه وسحقه تحت اقدامهم. وما ان خرج الشعب اليمني اليوم ثائرا على جرعاتهم وفسادهم وظلمهم، حتى سارعوا بالتباكي على الجمهورية، رغم ان الشعب الثائر عليهم هو الذي يجسد المعنى الحقيقي للجمهورية، وهو الذي يفضح حمران العيون ومفهومهم الفاسد للجمهورية، فالشعب اليمني اليوم اصبح على درجة عالية من الوعي بحقوقه المشروعة، بحيث لم تعد شعارات التباكي على الجمهورية والثورة والوحدة تنطلي على احد من ابناء الشعب بعد ان تكشفت الوجوه القبيحة لحمران العيون سراق الثورات وناهبي الثروات ومفقري الشعب ومفجري الفتن والحروب وقاتلي الشرفاء الابرياء من ابناء الشعب عن طريق الاغتيال.