إن الأحداث المؤسفة التي شهدتها صنعاء ما كان لها أن تحدث لو تجنبنا لغة التحريض والتصعيد الإعلامي البشع الذي لم يسبق له مثيل في بلد الحكمة والإيمان.. وحذرنا منه كثيرا حيث يلعب دورا خطيرا في تنامي وحشية اليمني على أخيه اليمني، والإمعان في قهر بعضنا البعض ومحو متعمد للوعي المجتمعي الذي نفقده يوما بعد آخر وانسياقنا للاسف نخب وعوام وراء ترهات تسيء لتاريخنا وحاضرنا وتؤثر على مستقبل أجيالنا وكأننا مغيبون ونعيش في مشهد جاهلي نكرر واقعة "داحس والغبراء" وحرب البسوس وحالة الردة التي لم يغفلها لنا التاريخ. فهل نحن كذلك اليوم..؟ بالتأكيد لا وألف لا.. نحن أصحاب حضارة وموروث مشرف في تاريخنا القديم والمعاصر وأصبحنا مضرب مثل بالحكمة والإيمان بين بلدان العالم.. فأي تراجع وانحدار وصلنا إليه اليوم يعود إلى غياب المشروع الوطني الحاضن لجميع فئات الشعب الذي لم نعره اهتمام، ولم نحصن أنفسنا به للنهوض والتقدم وتجاوز المخلفات التقليدية استعمارية كانت أو رجعية التي أوقعتنا في شراكها ونستدعيها اليوم بكل وجوهها القذرة واستسلمنا لمشاريعها و أفكارها الغريبة والخبيثة التي تقودنا إلى المجهول.. وبأيدينا لا بيد عمرو. نحن من نسوق هذه المشاريع ونسخر إعلامنا لها ونحن من ننفذ أجنداتها بثمن بخس من رصيد حاضرنا ومستقبلنا ولا نأبه لهذا الإنسان اليمني الذي هو وقود هذه المشاريع الحقيرة وقربانا لها ولأنانية منفذيها ومحتكريها وهم قلة قليلة. فلا غرابة اليوم مما وصلنا إليه طالما تنازلنا عن هويتنا وحقوقنا المشروعة وتركنا للمفسدين في الأرض استباحة كل شيء وأي شيء لأننا لم نكن شعب كوريا الجنوبية أو سنغافورة الغنية أو حتى شعب كوبا اللاتينية لأننا ببساطة لا نملك ما يملوكن من قيادة وإرادة شعبية قادرة على الوثوب لا تنظر إلى الوراء نفضت عنها أدران التخلف وحققوا أحلامهم ومشاريعهم الوطنية.. بينما نحن تركنا الحبل على الغارب للمفسدين أن يصادروا علينا حتى مجرد الحلم بمشروعنا الوطني اليمني ولم ولن نحرك ساكنا إزاء فسادهم وانحرافهم بسفينتنا نحو اللادولة ونجر أذيال الخيبة عقداً وراء آخر وظللنا نلهث وراء السراب ونقتات على فتات موائدهم التي هي من أموالنا وأموال أبنائنا وأحفادنا. وإذا ما استمرينا كشعب في حالة الضحية فلن نأمل من الجلادين أن يبقوا لأجيالنا شيئا للمستقبل ولن يلتفتوا إلى أوجاعنا لأن لهم مشروعهم السلطوي الانتهازي العفن الذي لا ينسجم مع مشروعنا الوطني أو يتعاطى معه مهما كان عظمته، وشتان بين الضحية والجلاد. فهل آن الأوان أن نوقف إهدار سنوات الضياع وننتهز فرصة الوثوب ونثبت أننا شعب يستحق الحياة ولا نقل شأنا عن الشعوب اﻷخرى.