الجزء الرابع من المشهد الأول سيف : لا أعنيك . أبرهة : إذن تعنيني فمتى كنت مستبداً ؟ سيف : كل محتل ظالم، وكل ظالم محتل، الاستبداد قاهر الشعوب . يزيد : وعندما ثرت، فإني قد ثرت على قهر المحتل . أبرهة : (ضجراً) كأنه المحتل فقط، أينما وليت عينك إلى الماضي إلى الحاضر كان الاستبداد . سيف : ولولا الاستبداد، كانت دول الجوار هبت لنجدتي ..الاستبداد قاهر الشعوب..يا مستبد (مشيراً لأبرهة) أبرهة : (مشيراً إلى ديمانوس) وهو. سيف : ليس غيرك الآن..أنت المعتدي الآثم. أبرهة : ولمَ أنا؟ سيف : كأنك لا تريد أن تفهم. يزيد : يكفي أنك( فرضت الموت عقوبة لكل مسيحي يزوج ابنته من يهودي، وألزمت اليهود بتزويج بناتهم من نصارى). أبرهة : لكني لم أحرق، لم أقتل يهودياً لأنه يهودي. سيف : ما فعله ارياط يكفي، إذا كنت لم تفعل . أبرهة : لمَ أنا؟ ديمانوس : (ساخراً) أبرهة(الحبشي الأسود، هو اللون الأسود رمز العبودية وخمول الذهن). أبرهة : كنت أذكى منك يا ديمانوس، أنت صارعت روما والحبشة، وأنا أقمت علاقة متوازنة مع فارس والروم (وأصبح في يدي مفتاح البحر ، ومنعت استفراد الروم وفارس من السيطرة على منافذ التجارة، فكنت وجوداً قائماً بذاته غير تابع للحبشة، اشعر بقوتي الداخلية والخارجية). سيف : (ساخراً) أين كانت قوتك (وأنت تعود مهزوماً من حملتك على مكة)؟ أبرهة : تسخر يا سيف، وقد كنت أريد أن أحمل الكعبة إلى صنعاء. سيف : سألتك فأجبني؟ أبرهة : لم يهزمني جيش، هزمني المرض، هزمني غير الجيش، هزمني ما لم أدركه أو أراه . سيف : فكانت الهزيمة بداية النهاية، لكل شيء نهاية، ولكل نهاية بداية، فما أشبه بدايتك ببداية ديمانوس. أبرهة : أصابني الغرور، فلم أصدق بأن للكعبة ربا يحميها، لكني لم أنته حتى تقول بأنها كانت البداية، أنهاني الموت، فكان موتي بداية النهاية. يزيد : تتحدثان وكأنكما صديقان حميمان. سيف : للحديث أن يكون ذا شجون أحياناً، ولو بين الأعداء وحديثي لم يكتمل..تريد أن تقول يا أبرهة (أن اختلاف ولديك يكسوم ومسروق بعد موتك، وقتل مسروق ليكسوم) كانت بداية النهاية. أبرهة : نعم..كانت بداية النهاية. سيف : ولماذا لم تكن، عندما خرجت من اليمن طلباً لمن يعينني على طردكم وتحرير اليمن.؟ أبرهة : لو لم يختلفا، ويقتل مسروق يكسوم لما استطاعت فلول الفرس أن تنتصر. سيف : (منفعلاً) بل كانت تستطيع، وأنا على رأس الجيش لتحرير اليمن. أبرهة : لتحرير اليمن، أم..... سيف : أم ماذا؟ أبرهة : (انتزعت أمك ريحانة ابنة علقمة من أبيك وأنجبت منها مسروقا)..أم هو الانتقام لأمك وحقدك على أخيك؟ يزيد : (مبادراً) ولماذا (لا يحقد وهو ابن الأسرة العريقة من ناحية أبيه وأمه على أخيه الأصغر مسروق ابن المغتصب الكبير لأمه وأرضه). أبرهة : ولم تشف نار حقدك، فقد قتله وهرز، يا لخيبتك يا سيف، يا لعجزك وقد قتله بالنيابة عنك..سوف أعود من حيث أتيت، وإذا كانت بداية النهاية للأحباش هي خروجك من اليمن، فإنها قد تكون بداية النهاية لك يا سيف (يهم بالعودة). ديمانوس : (متلطفاً)..قبل أن تعود، فهل تقل لي:كيف كان مصير ابني ديمانوس الثاني. أبرهة : عجباً..تخاطبني بكل هذا الأدب يا ديمانوس . يزيد : (مبادراً) وابني. أبرهة : عجباً..وأنت تخاطبني مثله يا يزيد..ولماذا لا تكون ابنة؟ يزيد : كيف ما كان الحال، فهل تعرف مصيره أو مصيرها؟ أبرهة : تسألاني بصفتي أبرهة ملك اليمن، أم مغتصب اليمن؟ ديمانوس : نسألك الآن . أبرهة : إذا كان الآن فقد فات أوانه. يزيد : ليس الآن. أبرهة : إذن بأي صفة؟ يزيد : ضعها وسوف نقرر. أبرهة : الملك. يزيد : وإذا قلنا لا . أبرهة : لن أجيب. يزيد : قرر يا ديمانوس فقد كنت الملك. ديمانوس : (ضاحكاً) عند الاختيار الصعب، أنا الملك فلماذا لا تقرر فقد كنت الثائر؟ أبرهة : هو التردد، هو الهروب من الخيارات الصعبة المواقف الصعبة، سوف أختار، أنا الملك..لم أدر ما كان مصيرهما (يخرج مسرعاً)..يترك الثلاثة مطرقين، تبدو على وجوههم علامات الحزن..يرفعون رؤوسهم على صوته العائد معه. أبرهة : (لاهثاً) أحذرك يا سيف من ولديّ يكسوم الثاني، ومسروق الثاني (يخرج ثانية مسرعاً، وعيونهم عليه، صامتين لحظة أن عاد، ومطرقين ثانية لحظة أن خرج، لكنهم يرهفون السمع،كأنهم منتظرين أن يعود). سيف : (متشائماً) يعود لعنة الله عليه، لم يكتف بما قال حتى يعود، يا له من عود ما أبغض منه، إلا أن الأحباش قد خرجوا ولن يعودوا. ديماوس : (مطرقاً)... يزيد : (مطرقاً)... سيف : مالي أراكما، كأن الأرض قد شدت عيونكم إليها، ألا يكفي بأني قد انتقمت لكما. يتبع