اخيرا تنفسنا الصعداء بتشكيل الحكومة الجديدة , بعد انتظار تجاوز السقف الزمني المحدد لتشكيلها , قد يرتاح البعض لهذه التشكيلة , ولا تعجب اخر , لكنها خطوة مطلوبة لتصويب مسار العملية السياسية , والإسراع باستعادة هيبة الدولة . المهم في الموضوع هو ان لانسمع أو نقراء في هذه المرحلة أي اعتراض من قبل القوى السياسية التي وقعت على تفويض الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الوزراء خالد بحاح بتشكيل حكومة كفاءات حتى لا نعود للمربع الأول , وهي بالأساس لا يحق لها الاعتراض لان اتفاق التفويض نص على عدم الطعن بهذا التشكيل , وهذا للتذكير فقط , ومع ذلك فالنظرة الأولية تبين ان التشكيل روعى فيه معايير الكفاءة ,المشاركة لمختلف المكونات السياسية والاجتماعية . والنقطة الثانية , مرتبطة بالنخب السياسية ووسائل الإعلام بالتحديد , بان لا تندفع بسرعة الى التعليق على الوزراء كأشخاص , أو تفتح بابا للمماحكات والمكايدات السياسية , فهذا ليس وقته , وانما المتوقع التركيز على الجوانب المهنية , وهذه الاخيرة ( المهنية ) مؤمنة ومتمسكة بها الوزيرة المتمرسة الاستاذة نادية السقاف القادمة من مؤسسة صحفية عريقة . فالخمسة والعشرين مليون نسمة هم تعداد الشعب اليمني , ليسو معنين بالصراع على المناصب والمكاسب , والخصومات والثارات والأحقاد المصابة بها بعض القوى السياسية المريضة وبعض الأفراد , فالشعب تحمل وصبر , وخسر امنه واستقراره , ودمرت إمكانياته , وضحى بالكثير من أبنائه , يريد ان يعيش الأمل والتفاؤل , ومتلمسا الدعم والمساندة من قبل كل المكونات للحكومة ,ولا يريدها معول هدم وإحباط , فالظرف الحالي يتطلب انجاز ما تبقى من محطات المرحلة الانتقالية , والمتمثلة بمشروع الدستور , والاستفتاء عليه , والاستعداد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية , وبعدها يحق للقوى السياسية ان تعمل للوصول للسلطة بكل وسائل اللعبة الديمقراطية المشروعة. في هذه المرحلة الشعب يريد إنجاز استحقاقات ضرورية وملحة , وهذا ما يجب ان تركز عليه وسائل الإعلام اذا كانت حقيقة تعمل في صف المواطن العادي . يريد من الحكومة التي لا يهمه حفظ أسماء أعضائها ولا الاحزاب اللتي ينتمون اليها او المناطق التي جاءوا منها أو من أي جنس ( ذكر أو أنثى ) يريد البدء في معالجة اربع قضايا ذات أولوية عاجلة وهي : 1- استعادة هيبة الدولة المسلوبة وفرض الأمن والاستقرار 2- الاهتمام بالوضع الاقتصادي 3- تحسين مستوى الخدمات العامة 4- تنفيذ اهم بنود مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي تعزز من أداء الحكومة في هذا الظرف الحرج . ان استعادة هيبة الدولة المسلوبة وتثبيت الأمن والاستقرار يتطلب عمل جاد ومكثف , في هذا الاطار ستكون الأنظار مصوبة نحو ابرز مؤسستين في الدولة , وهما الدفاعية والأمنية , ولاشك ان الوزيرين المؤمل فيهما الخير والنجاح اللوائيين محمود الصبيحي , وجلال الرويشان ,يدركان حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهما , فالوضع اصبح مقلقا للغاية , بعد ان فقد المواطن الثقة بأجهزته الأمنية المعنية بحماية امنه الشامل واهتزت في ذهنيته , صورة المؤسسة العسكرية كمدافعة على السيادة الوطنية كواجب دستوري واختلاقي . فهاتان المؤسستان لا يمكن ان تنجح في أداء مهامهما وتعيدان هيبة الدولة للشارع , إلا باستعادة هيبتهما ومكانتهما في الوسط الخاص بهما , فظاهرة الترهل , والقصور بالواجب والمسؤولية طغى على تلك المؤسستين خلال الفترة الماضية , مما ساهم في إيجاد هذا الوضع المتدهور , ولذلك لابد من ان تولى المؤسستين العسكرية والامنية كل الاهتمام , من إمكانيات , ورعاية الأفراد ومنح حقوقهم , ورفع مستوى التاهيل والتدريب , والاستفادة من كل الطاقة البشرية والمادية لخدمة الامن والاستقرار , في الوقت نفسه لابد من الشعور بالمسؤولية , والمتابعة المستمرة , وتفعيل كل قوانيين الانضباط , والمحاسبة ومحاكمة المقصرين , فالمهمة كبيرة وعظيمة , ومدخل مهم لطمئنة المواطن والمستثمر , لتحريك عجلة التنمية الاقتصادية . واذا كان المواطن قد تحمل الكثير بسبب ضعف الاداء الخدمي في الكثير من القطاعات , فان الحكومة الجديدة معنية بطريقة سريعة إيجاد حلول لكل الاختلالات , وخاصة في مجال الكهرباء , والمياه , والمشتقات النفطية , والطرق , فالترابط الوثيق بين الجهات المختلفة تستوجب من الحكومة العمل كمنظومة واحدة لتحقيق مطالب المواطن بالدرجة الأولى , كواجب دستوري وإنساني وأخلاقي وديني , دون اصغى لهمسات ومطالب القوى السياسية التي لا يهمها الا مصالحها الخاصة . وفق الله الجميع وانا لمنتظرون . "الثورة"