أيا كان ضحايا احداث الاغتيالات والتفجيرات التي حدثت وتحدث في مناطق مختلفة من وطننا الجريح وأيا كان انتماء هؤلاء الضحايا السياسي او المذهبي , فجميعهم اولا واخيرا يمنيون ينتمون لهذا الوطن الحبيب , هذا الوطن الذي اعيته الفتن وتطحنه الازمات والمكايدات السياسية وتكاد تعصف به وتودي به الى مستقبل مجهول لا يعلمه الا الله , عشرات بل مئات القتلى هنا وهناك يسقطون على تراب هذا الوطن ولا نسمع او نشاهد الا مزيدا من بيانات التنديد ورسائل التعزية لأسر الشهداء ودعوات بالشفاء العاجل للجرحى ومن ثم تشكيل لجان التحقيق وتنتهي الحكاية !!! لقد شهد العام الماضي اراقة الكثير من الدماء اليمنية البريئة لشهداء وجرحى في مناطق مختلفة من وطننا الحبيب حتى اطلق البعض على هذا العام بأنه عام اراقة الدماء اليمنية , هذه الدماء التي ما كنا نتوقع ان تراق في بلد الايمان والحكمة , البلد الطيب والعريق بتأريخه وحضارته , وبحكمة ابنائه ورجاحة عقولهم ورقة قلوبهم ولين افئدتهم وعمق ايمانهم بالله ورسله على مر العصور . اليمن الذي عرفت قديما ببلاد العرب السعيدة . لما كانت تحتوي من خيرات كثيرة خلدها التأريخ وعم نفعها الشرق والغرب . اليمن الذي هب ابنائها لاعتناق دين الاسلام وإتباع رسول الهدى ونصرته , والتمسك بسنته وما جاء به من تشريع صالح لكل زمان ومكان يتضمن قيم وأخلاقيات حضارية تعتبر كل أنواع الإيذاء على النفس ، حتى بإفزاعها ( جريمة ) يُعاقب مرتكبها في الدنيا والآخرة . قال رسول صلى الله عليه وسلم ( من روَّع مسلماً روَّعه الله في الدنيا والآخرة ) .. فيا له من تشريع يحفظ للنفس كرامتها وقداستها حتى في حالة الإفزاع ! فما بالكم بمن يقتل لأي ذريعة ، وقد صنَّفها الله تعالى بين أكبر الكبائر، وقرنها بالشرك به ، حين قال " من قتل نفساً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها " ويسوق النبي صلى الله عليه وسلم تحذيراً شديداً من مغبة ارتكاب جريمة القتل بقوله ( يكون المرء في فسحة من أمره ما لم يُصب دماً حراماً )
و مع بداية العام الجديد فإنني كمواطن مستقل ينتمي فقط لوطنه الكبير اليمن أتساءل بحزن : لمصلحة من تراق هذه الدماء اليمنية في كل يوم ؟؟ ومن المستفيد من اراقتها ؟؟ لماذا اصبح القتل والتفجير والتخريب وإثارة الفتنة والخوف وترويع الامنين الوسيلة التي تفضلها بعض القوى والأطراف السياسية او الحزبية او الاجتماعية على الساحة اليمنية للحصول على مطالبها وتحقيق اهدافها ومصالحها ؟؟ وتصفية حساباتها مع خصومها السياسيين ؟؟؟ لماذا غاب الايمان وضاعت الحكمة واختفت الانسانية والرحمة من هؤلاء ؟؟ أين ذهب الولاء والحب والانتماء للوطن من قاموسهم ؟؟ هل يظن هؤلاء وأمثالهم ان مستقبلهم ومستقبل ابنائهم يمكن ان يكون آمنا ومستقرا ومزدهرا اذا تمزق الوطن وفقد اسباب قوته ومقومات بقائه ؟؟ هل يستمر الحال على ما هو عليه ونشهد مع بداية هذا العام الجديد المزيد من الدماء اليمنية تراق على تراب هذا الوطن الطاهر , ام ان حجم وفظاعة ما اريق من الدماء اليمنية خلال العام الماضي كفيل بإيقاظ ضمائر وعقول القيادات السياسية والحزبية واطراف الصراع على الساحة اليمنية ,لتقول لهم كفى عبثا بدماء ابناء هذا الوطن . وحان الوقت لتفتحوا صفحة جديدة مع بداية السنة الجديدة عنوانها اليمن بلد الجميع ويتسع للجميع ,فاتقوا الله في هذا الوطن وغلبوا مصلحته العليا على مصالحكم السياسة والحزبية والشخصية الضيقة , واعلموا جيدا أنكم مسئولون أمام الله عن كل قطرة دم تراق من أبناء هذا الوطن . في ظل هذه الأحداث والتداعيات التي كان لتفاقم خلافاتكم وانعدام الثقة فيما بينكم دروا كبيرا في تصعيدها وزيادة حدة خطورتها ووصولها إلى ما وصلت إليه . وختاما اقول لكل من يتم استأجرهم لسفك دماء ابناء هذا الوطن . ايها المستأجرون ، اتقوا الله واستفيقوا قبل أن تُسِيلُوا دماً حراماً ، فالدم يجر للدم ، ودم المسلم وعرضه وماله حرام .. دعوا السلاح قبل سحب الزناد .. من أجل أسركم وأطفالكم ، وأمن مجتمعكم ، وقبله - لئلا تخسروا دينكم ودنياكم وآخرتكم - اتركوا السلاح ، وتذكروا حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ( لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم( . . واقول لكل السياسيين المتصارعين ,المتشدقين بالمدنية والغارقين بتقديس الدرهم ، ومظاهر التخلف ، وصراع المذاهب .. يا عُبَّاد المصالح وتجار الفتنة والخراب : كفاكم لعباً بحياتنا .. وسفكا لدمائنا الطاهرة إرضاءً لنفوسكم المريضة .. اتقوا الله ، وتذكروا أنكم بين يديه غدا ستقفون ، وتُسألون عما اقترفتموه بحق هذا الوطن ، وبأي ذنب أُزهقت النفوس البريئة من ابنائه وعلى ترابه , وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون . [email protected] ======= *أستاذ التسويق المشارك / جامعة تعز