يضطر الطالب سامح ذو التسع السنوات ابن احدى الأسر الفقيرة القاطنة بالحي السياسي بأمانة العاصمة أن يحمل حقيبته المثقلة بالكتب والدفاتر المدرسية صباح كل يوم , ليقطع مسافة طويلة سيراً على الأقدام , حتى يصل إلى مدرسته( مدرسة الشهيد علي عبد المغني) , ويتطلب منه أن يسير عبر العديد من الشوارع المزدحمة بالسيارات , أخطرها الخط الدائري , الذي يتخوف من عبوره الكبار , فما بالك بصغار السن . سامح واحد من مئات الطلاب من صغار السن في تلك المنطقة , يتركون منازلهم صباحا بينما عقول وقلوب ذويهم معلقة بهم حتى عودتهم , الخوف من حوادث السير , والقلق من أخطار وأهوال الوضع المنفلت . وهنا نضع بين يدي وزارة التربية والتعليم وهي تتهيأ لتنفيذ البرامج والخطط المتعلقة بعام التعليم ( 2015م) بأن تولي قضية التعليم الأساسي الأهمية الكبرى , وبالذات في توسيع وتطوير البنية التحتية , وعلى وجه الخصوص المزيد من بناء المدارس التي تستوعب بصورة رئيسية الطلاب في المرحلة المبكرة من التعليم الأساسي . ولوعدنا لشرح أهمية وجود مدرسة حكومية للمرحلة الأساسية بالحي السياسي , فإن الواقع يتطلب ذلك , فالمنطقة الواقعة من جولة المصباحي , وشارع حدة جنوبا وشرقا , وحتى الخط الدائري وشارع الزبيري شمالا , تفتقر لمدارس للمرحلة الأساسية , سواء مدرسة بن ماجد الثانوية , وفيها ثلاثة فصول ( من الصف الأول وحتى الصف الثالث الابتدائي ) , والحق يقال ان إدارة هذه المدرسة التي يديرها الأستاذ القدير خالد جبارة , راعت خصوصية احتياجات هذه الشريحة من الطلاب , سواء بالمدرسين والمدرسات , أو حمامات خاص بهم , وهذا يشكل عبئاً إضافياً على إدارة المدرسة . المنطقة التي ذكرناها تتميز بكثافة سكانية عالية , ولذلك فقد انتشرت في أحيائها العديد من المدارس الخاصة , وهذا التوجه لا اعتراض عليه , غير أن الكثير من الأسر ليس لديها القدرة على تحمل نفقات التعليم الخاص . حل المشكلة تكمن في بناء مدرسة حكومية للمرحلة الأولى من التعليم الأساسي , وعلى حد علمي هناك مساحات , قرب مدرسة بن ماجد يمكن أن تشتريها أمانة العاصمة , وتبني عليه المدرسة . وما يقال عن العاصمة صنعاء ينطبق على المدن الأخرى , فالهجرة المرتفعة من الريف إلى المدن , زاد من ضغط الحاجة إلى الخدمات الأساسية وبالذات في قطاع التعليم , وهذا ما ولد صعوبات في تلبية كل تلك المدخلات , وعلى وجه الخصوص المبنى المدرسي . وبما أن الحكومة قد تبنت عام 2015م بأن يكون عاما للتعليم , فإن هذا يعني أن الخارطة المدرسية التي سبق إنجازها في الفترة الماضية , ستؤخذ في الاعتبار , مع مراعاة التطورات والزيادة السكانية التي طرأت خلال الفترة الماضية , من حيث الزيادة في عدد الملتحقين بالتعليم الأساسي , وهذا يتطلب المزيد من بناء المدارس على مستوى كل المراحل للطلاب والطالبات, وعلى مستوى المناطق الحضرية والريفية . وعلى ذكر الريف فإن انتشار خدمة التعليم في الريف يسهم في استقرار السكان ويحد من عملية الهجرة الداخلية , فالريف اليمني يسكنه اكثر من 70% . وهنا أذكر بما جاء في برنامج حكومات الكفاءات لما يمكن عمله في تفعيل حيوية قطاع التعليم وبالذات التعليم العام , حيث أكد على جملة من الإجراءات , منها ما يتعلق بمعالجة آثار الأحداث على العملية التربوية/التعليمية وإعادة تشغيل المؤسسات التعليمية المتوقفة عن العمل بما يكفل انتظام الدراسة واستقرارها في كل مناطق اليمن . مع التركيز على الجودة التعليمية , وردم الفجوة بين الريف والحضر , وتسهيل الحصول على التعليم للبنين والبنات على حد سواء . ولا يكفي أن يعبر عن عام التعليم بالطموحات والخطط والبرامج النظرية , فهناك متطلبات لابد أن تكون مدعومة باستثمار حقيقي في هذا القطاع تفرضه محددات جوهرية تتمثل في زيادة الطلب على التعليم بكل مراحله المختلفة . وضرورة التوجه للاستثمار في التعليم , هو ما يعني الاستثمار في بناء الإنسان المعول عليه النهوض بمستقبل البلاد , وهذا هو الطريق الحقيقي للتغلب على الكثير من المشاكل المعقدة التي يشهدها المجتمع اليمني حاليا , إضافة الى الالتزام الأخلاقي والدستوري الذي يكفل حق التعليم لكل أبناء وبنات اليمن , وفق معايير الجودة التعليمية المنضبطة والحديثة, حتى نستطيع مواكبة التحولات والتطورات الذي يشهدها العالم المتقدم . "الثورة"