لن يهَبَنا الوقت ما يكفي من الفٌرص ، كي نختم حياتنا الهشة بشرف ونزاهة ، وربما سنجد من العدالة السيئة والأحقاد القاسية ما يدفعنا لمواجهة مصائرنا بشجاعة جنديٍ أدرك أن الشرف والتأريخ أثمن - بكثير - من حياةٍ ..، لن تصمدَ طويلاً وستسقط تاركةً بعض الحكايات المريرة والرجاءات الخائبة. لم يعد بمقدورنا توخى الحذر وأخذ الحيطة أثناء محاولاتنا الدؤوبة ، مقاومة الإنتهاكات واستراتيجيات القمع والمصادرة لكل مفاهيم وقيم ومُثُل الحياة القادرة على التخلص من صرامة المعارك الهوجاء وترَف الوضعيات الخاطئة. في رواية ماركيز ( الجنرال في المتاهة ) ، جلس الجنرال مستمعاً ومستمتعاً بغناء أوجستين دي أيتوربيد ، مردداً وراءه بصوته الواهن والمتعب ، ثمّ قال له بعد أن استند عليه للوقوف: (شكراً أيها الكابتن... كان بمقدورنا إنقاذ العالم بعشرة رجال يغنون مثلك ...). ظلّ إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين على مدار خمسة عقود - تقريباً- حاملاً للمشروع الوطني ككيان صلبٍ ، إستطاع برعيله المؤسس وما تلاه من قيادات تأريخية نزيهة أن يكون صوتاً صادقاً لتطلعات وآمال أبناء الوطن الواحد ، وتكاد مسيرة الإتحاد تخلو من أيّ تمترس أو انحيازٍ مناطقي وطائفيٍ وحزبي . مع الوقت يفقد إتحاد الأدباء والكتاب وظيفته الأساسية ، ويتحول إلى ما يشبه جمعيةً خيرية خاصة ، وبمعزل عن تأريخه النضالي منذو التأسيس وحتى اليوم ، ولعل ما يؤكد ذلك بيان الأمانة العامة الأخير الداعم لنائب وزير الثقافة (الأمين العام )في خطواتها وإجراءاتها الإدارية داخل الوزارة بهدف حماية الوظيفة العامة بعيداً عن الإقصاء والتهميش تحت أي لافتة سياسية ، بحسب ما نشره المؤتمر نت الأسبوع الفائت . لقد جاء بيان ( هدى أبلان - علوان الجيلاني ) معبراً عنهما فقط ، بعد أن أصدر نائب وزير الثقافة الأستاذة / هدى أبلان - تشغل منصب أمين عام إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين - قراراً قضى بتكليف وكيل وزارة لقطاع الشؤون المالية والإدارية( عبدالملك المهتدي )، ووكيل مساعد للشؤون المالية والإدارية( ،عبدالقادر عبدالرحمن الكبسي) ، ما أثار موجة إحتجاج داخل ديوان الوزارة ، خاصة وأن من تم تعيينهم يتبعان جماعة الحوثي ، ومن خارج وزارة الثقافة ، بحسب مصدر في الأمانة العامة لإتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ووزارة الثقافة. لا أجد مسوغاً أخلاقياً لإقحام إتحاد الأدباء والكتاب ، وإستخدامه بشكل سيءٍ وقبيح ، لتبرير إجراء لم يكن ثقافياً بقدر ما كان إدارياً خالصاً، كان على نائب الوزير هدى أبلان مواجهة ما أقدمت عليه بشجاعة ، لا الزجّ بإتحاد الأدباء والكتاب كشاهد زور على إجراء إداري اتَّسم بالبعد (عن التصنيف والتعصب ، كون المشهد الثقافي مشهداً جمالياً في المقام الأول) بحسب البيان ، وكأن إجراء نائب وزير الثقافة بتكليف الوكيلين يمنح المشهد الثقافي - السيء- بُعداً جمالياً ، لم يكن ليظهرَ لولا براعة نائب وزير الثقافة/ هدى أبلان ، وإدراكها بحاجتنا لما يعزز الجوانب الجمالية في المشهد الثقافي ، فمنحتنا إياه بترفٍ مجاني محض. هكذا يٍزجُّ بإتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في معركة منافيةٍ لأدبياته وتوجهاته وإستقلالية قراره ، ليكون أداةً في تمرير هذا القبح ، ومبضعاً -يعتقد البعض أنه سينجح في منْح الأوجه القبيحة والمشوهة مسحةً جماليةً زائفة ولو لبعض الوقت. منذُو العام 2011م وحتى اليوم ، لم تصدر الأمانة العامة لإتحاد الأدباء بياناً تضامنياً ضد ما تعرض له فرع الإتحاد في إب من إحتلال واستيلاء لمبناه في المحافظة ، والذي استطعت وزملائي في الهيئة الإدارية من إعادته - ولو بشكلٍ جزئيٍ - دون أن يكون للأمانة العامة لإتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين أيَّ دورٍ في ذلك ، باستثناء استخدامهم المهين لإتحاد الأدباء والكتاب لتبرير أخطائهم وخيباتهم الإدارية المحضة. أخيراً يشبه إتحاد الأدباء والكتاب - اليوم - ميِّتاً، حُرم من التمتع بجنازة ووداعٍ لائقين ،ناهيك عن إسرف القائمين عليه في إذلاله ، وتغييب صوته الحقيقي منذو دخول صنعاء ، وتقويض النظام السياسي ، والإفراط في العنف والقتل والإنتهاكات الصريحة للحقوق والحريات ، وإدانته الصريحة لكل ممارسات ميليشيات العنف والإنتهاك ضد أبناء الشعب اليمني ، ما يدفعني للصراخ بوجه الجنرال قائلاً: إنتظر سيدي (ما يزال بمقدورنا إغراق العالم بواحد مثل هؤلاء السيئين...).