تغريدات بعض الساسة الخليجيين والمقربين من دوائر صناعة القرار عن انفصال اليمن والعودة الى ماقبل مايو 1990 ليست وجهة نظر خاصة بأصحابها وانما هي بضوء اخضر من صناع القرار الخليجي .. وجهة نظري ان هناك قرار خليجي غير معلن بدعم انفصال اليمن وقد يتم تنفيذه عبر مراحل وخطوات ومن خلال خطوات عملية مختلفة ، وان هذا القرار تم اتخاذه عمليا ويتم تنفيذه اجرائيا من خلال التحرك على الارض .. من خلال الاحداث المتسارعة على الارض اخيرا ندرك ان هناك اتفاق او مشروع اتفاق بين المخلوع ودول الخليج بواسطة عمانوالامارات وبدعم امريكي وبريطاني ، والتحركات الديبلوماسية لقيادات حزب المؤتمر في القاهرة وغيرها تأتي وفقا لاستكمال هذا الاتفاق ، وقد اعترف بها وزير الخارجية السعودية واكد ان السعودية على علم بتلك التحركات .. ماجرى في عدن قبل ايام هو عبارة عن انسحاب لقوات الحرس الجمهوري وبتوجيهات من علي صالح وقد تكون رسالة اثبات حسن النية من قبل صالح ، وترك مليشيا الحوثي تواجه قوات التحالف والجيش الجديد والمقاومة الشعبية بعيدا عن دعم صالح ، وان الاهتمام الخليجي بالجنوب هو مقدمة لتأمينه وتهيئته كدولة مستقلة ولو على مراحل .. الانفصال هدف ايراني بالدرجة الاولى والدليل ظهور كم هائل من الشحن الاعلامي بإستخدام حسابات وهمية على موقع التواصل الاجتماعي وبأسماء تحمل القابا لمناطق وعائلات جنوبية وشمالية ، تعمل على تعميق الفجوة وتغذية الخلافات وهدم التعايش في المجتمع ، ومن هذه الحسابات تم انتحال حسابات لشخصيات سياسية معروفة واعلاميين وشخصيات اجتماعية ، وهذا مايجب على الكل الانتباه له وعدم التفاعل معه .. اليمن بشماله وجنوبه يعاني من الظلم والقهر ويعاني من غياب مؤسسات الدولة ، واي اخطاء حدثت في الجنوب حدث اضعافها في الشمال ، ومن مارسوا هذه الاخطاء لم يكونوا حكرا على منطقة جغرافية بذاتها ولا يمكن الصاق تلك التصرفات بالشمال دون الجنوب والعكس ، وتلك الاخطاء تم ممارستها من قبل منظومة الحكم ، ومنظومة الحكم تمثل الشمال والجنوب وجميع المحافظات .. المؤشرات على دعم الانفصال خليجيا يبدأ من خلال مواقف سياسية واعلامية لشخصيات مقربة من دائرة صنع القرار ومن شخصيات معروفة كما هو خاصل في الفترة الاخيرة بالتزامن مع انطلاق عاصفة الحزم .. من المؤشرات التي تدل على قرار الانفصال هو عدم منح اي دور من قبل دول التحالف وخاصة قيادة #السعودية للقيادات الشمالية المتواجدة في المملكة سواء السياسية او العسكرية او القبلية والاكتفاء بدعم القيادات الجنوبية .. الجيش الذي تم تدريبه وارسل لعدن هو جيش من عناصر جنوبية وبقيادة ضباط جنوبيين ، وهذا مؤشر آخر على ترتيبات الانفصال تدريجيا .. مؤشر اخر على الانفصال هو عدم دعم المقاومة الشعبية في محافظات الشمال اسوة بالدعم الذي " هبط " للمقاومة في المحافظات الجنوبية ، بإستثناء دعم خفيف للمقاومة بتعز ، وحرمان المقاومة الشعبية في البيضاءوالمحافظات الاخرى .. انفصال اليمن في هذه المرحلة لن يحل مشكلة التوسع الايراني الذي يستهدف المنطقة بكاملها حتى وان منحت ايران نفوذا كاملا في شمال اليمن ، لان اهدافها التوسعية ليست مرتبطة بجغرافيا خاصة باليمن وكل هدفها من الانفصال هو الاستفادة من الصراعات السياسية والامنية وعدم استقرار اليمن بشماله وجنوبه ، وتغذية هذه الصراعات والسيطرة على فصائله ..
رفع العلم الجنوبي على العربات الاماراتية وعدم رفعها على العربات السعودية هو عبارة عن تبادل ادوار متفق عليها بين الامارات والسعودية ، وربما يفسر انه تسابق في النفوذ وعدم وجود سياسة موحدة تجاه اليمن ، وهذا باعث جديد على تعميق المشكلة اليمنية .. بالتأكيد السعودية تفهم وتستوعب خطر التواجد الايراني على ارض اليمن سواء في الشمال او الجنوب لان هذا التواجد سيكون الهدف منه هو باعث قلق دائم لامن المملكة ، ولن يزال هذا الخطر بمجرد اتفاق مع ايران لان سياستها الخارجية تقوم على مبدأ التوسع والهيمنة وطموحاتها لن تتوقف من اكثر من ثلاثة عقود ماضية ، وقد حققت الكثير منها خلال السنوات الماضية ونجحت بالسيطرة على العراق وسوريا ولبنان واليمن ، وتتواجد مكونات موالية لها في دول الخليج ودول اخرى في المنطقة العربية .. النشاط الايراني التوسعي لن يتوقف بمجرد اتفاق سياسي ، وان الاتفاقات ستتعامل معها ايران من باب فرص تمنحها الوقت لترتيب سياستها ، ولن تلتزم بأي نصوص او اتفاقات .. لا يمكن انكار جهود السعودية وقيادة المملكة الحالية بجديتها من وقف العبث الايرانيباليمن ، لكن هذه الجدية تصطدم برغبات اقليمية ودولية داعمة لايران كقوة مهيمنة على المنطقة لاسباب وعوامل كثيرة .. اي ترتيبات تتعلق بالانفصال وتكون مجحفة بحق الشمال من قبل دول الخليج وتحديدا السعودية ستكون في صالح ايران وتوسعها ، لان رد الفعل العام سيكون داعم لمليشيا الحوثي ، كما ان الانفصال والعودة الى ماقبل 1990 يجب ان تكون عودة متكاملة والغاء ماتم في عهد الجمهورية اليمنية .. كثير من المغردين في الخليج والمؤيدين للانفصال لا يفهمون طبيعة اليمن بشكل عام وطبيعة الشمال بشكل خاص ، وعليهم ان يفهموا ان القوة البشرية هي في الشمال وهذا بحد ذاته عامل مهم لاي قرار يتعلق باليمن ، وعليهم ان يعرفوا ان الاهمال الخليجي والسعودي لليمن خلال الفترة الماضية كان بخدمة ايران ومشروعها التوسعي ، وان حل مشكلة هذا التوسع لن يكون بالانفصال بل بإحتواء اليمن سواء كان دولة موحدة او دولتين .. النظرة القاصرة للحلول لمشكلة ستنعكس سلبا علي اليمن والخليج ، ويجب فهم المشكلة بشكل واسع وان المشكلة هو غياب الدولة الفاعلة وغياب المؤسسات ، الخليج للاسف يتعامل مع اليمن من خلال شخص الحاكم دون النظر لسياسته واخطائها ومدى تأثيرها على استقرار المنطقة .. علي مدى العقود الثلاثة الماضية كانت اخطاء علي صالح القاتلة وسيطرته على مؤسسات الدولة واستفراده بالسلطة والتحكم بالثروة محل ترحيب خليجي وهذا ادى الى تعقيد الوضع داخليا باليمن ، المشكلة اليمنية ليست وليدة اللحظة بل ناتجة عن تراكمات واخطاء الحاكم ونتيجة الدعم الخليجي لشخص الحاكم ومعاملة اليمن بشكل عقابي .. مثلما كان لعلي صالح اخطاء كان هناك اخطاء لهادي واخطاء لشركاء الحكم لهما وهذه الاخطاء كانت ضارة بحق الشمال والجنوب وغياب المؤسسات الرقابية الفاعلة هو الذي ادى الى استمرار وتراكم تلك الاخطاء .. الموقف السياسي الواضح والمعلن من دول التحالف وخاصة السعودية هو دعم الشرعية باليمن واستعادة الدولة ومؤسساتها والحفاظ على وحدة اليمن وهذا الموقف يجب ان يكون مفهوما لدى النخب السياسية والاعلامية في الخليج وخاصة القريبة من دوائر صنع القرار ، واي مواقف تتعارض مع الموقف السياسي المعلن يعتبر اشارات تعبر عن رغبات لمواقف مستقبلية وان هذه المواقف هي تهيئة وجس نبض لقياس رد الفعل .. التحدي الحقيقي امام دول التحالف وخاصة المملكة العربية السعودية هو الوصول الى استقرار كامل في اليمن والحفاظ على امن المنطقة وانهاء الوجود الايراني ، وهذا لن يتم الا بتوحيد الجبهة اليمنية من خلال تطبيق نظام حكم عادل ومؤسسات قوية ، ونظام الاقاليم التي توافق عليها اليمنيين وكانت من اهم مخرجات مؤتمر الحوار هي الضامن الحقيقي لاستقرار اليمن والمنطقة ، وهو مايجب علي حكومات الخليج دعمها وتطبيقها .. حل المشكلة اليمنية وتأمين الاستقرار لدول المنطقة لن يتم الا بالإندماج الكامل بين دول المنطقة واي خطوة تتجاهل الاندماج فهي خطوة قاصرة ، استيعاب المتغيرات ومهددات امن المنطقة يجب الوقوف عليها وانهاء تلك المهددات ، جغرافية المنطقة مستهدفة بكاملها والحل لن يكون في انفصال اليمن من عدمه ، الحل يكمن في التعامل مع مهددات المنطقة بشكل جماعي ومتكامل ...