نقابة المحامين تتضامن مع الجرحى وتعلن تشكيل فريق قانوني لمساندتهم    قبائل سفيان في عمران تعلن النفير والاستعداد لاي تصعيد    وزارة الحج والعمرة السعودية تدشن مشروع "الأدلة التوعوية المخصصة للدول"    طائرة الاتفاق بالحوطة تتخطى تاربة في ختام الجولة الثانية للبطولة التنشيطية لكرة الطائرة بوادي حضرموت    أغلبها استقرت بمأرب.. الهجرة الدولية تسجل نزوح 90 أسرة يمنية خلال الأسبوع الماضي    الرئيس المشاط يعزي رئيس مجلس النواب    جوم الإرهاب في زمن البث المباشر    الغرابي.. شيخ قبلي متهم بالتمرد وارتباطات بشبكات تهريب في حضرموت والمهرة    البطاقة الذكية والبيومترية: تقنية مطلوبة أم تهديد للسيادة الجنوبية    استهداف العلماء والمساجد.. كيف تسعى مليشيا الحوثي لإعادة هندسة المجتمع طائفيًا؟    اتحاد كرة القدم يحدد موعد الدوري اليمني للدرجة الأولى والثانية ويقر بطولتي الشباب والناشئين    تدشين حملة رش لمكافحة الآفات الزراعية لمحصول القطن في الدريهمي    "إيني" تحصل على حق استغلال خليج السويس ودلتا النيل حتى 2040    وزير الصناعية يؤكد على أهمية تمكين المرأة اقتصاديا وتوسيع مشاركتها في القطاعات التجارية    غموض يلف حادثة انتحار مرافِق المخلافي داخل سجنه في تعز    صنعاء: تحذيرات من 3 ليالي صقيع    القصبي.. بين «حلم الحياة» و«طال عمره» 40 عاما على خشبة المسرح    المقاتلتان هتان السيف وهايدي أحمد وجهاً لوجه في نزال تاريخي بدوري المحترفين    دنماركي يحتفل بذكرى لعبه مباراتين في يوم واحد    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    شبوة:فعالية تأبينية مهيبة للإعلامي والإذاعي وكروان التعليق الرياضي فائز محروق    نائب وزير الخارجية يلتقي مسؤولاً أممياً لمناقشة السلام    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    ريال مدريد يختصر اسم "البرنابيو" ويحوله إلى ملعب متعدد الأغراض    الذهب يهبط من أعلى مستوياته في 3 أسابيع    مناقشة آليات توفير مادة الغاز المنزلي لمحافظة البيضاء    وزير الصحة: اليمن يواجه أزمات مركبة ومتداخلة والكوارث المناخية تهدد الصحة العامة فيه    واشنطن تفرض عقوبات على 32 فردا وكيانا على علاقة بتهديد الملاحة الدولية    واشنطن تكشف عن التنازلات التي قدمها الشرع في البيت الأبيض    العراق ضد الإمارات بالملحق الآسيوي.. هل يتكرر سيناريو حدث قبل 40 عاما؟    اول موقف من صنعاء على اعتقال الامارات للحسني في نيودلهي    قضية الجنوب: هل آن الأوان للعودة إلى الشارع!    عدن تعيش الظلام والعطش.. ساعتان كهرباء كل 12 ساعة ومياه كل ثلاثة أيام    لماذا قتلوا فيصل وسجنوا الرئيس قحطان؟    حل الدولتين في فلسطين والجنوب الغربي    تدشين منافسات بطولة الشركات لألعاب كرة الطاولة والبلياردو والبولينغ والبادل    الكشف عن 132 جريمة مجهولة في صنعاء    جروندبرغ يقدم احاطة جديدة لمجلس الأمن حول اليمن 5 عصرا    الإعلان عن القائمة النهائية لمنتخب الناشئين استعدادا للتصفيات الآسيوية    الأمم المتحدة: اليمن من بين ست دول مهددة بتفاقم انعدام الأمن الغذائي    شبوة تودّع صوتها الرياضي.. فعالية تأبينية للفقيد فائز عوض المحروق    قراءة تحليلية لنص "اسحقوا مخاوفكم" ل"أحمد سيف حاشد"    القرود تتوحش في البيضاء وتفترس أكثر من مائة رأس من الأغنام    حضرموت.. تُسرق في وضح النهار باسم "اليمن"!    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    تمرد إخواني في مأرب يضع مجلس القيادة أمام امتحان مصيري    عسل شبوة يغزو معارض الصين التجارية في شنغهاي    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التشكيلة السياسية للمشهد اليمني و آفاق المستقبل
نشر في التغيير يوم 10 - 02 - 2016

يشهد اليمن مرحلة معقدة و خطيرة للغاية في تطوره السياسي المعاصر. والحديث، أو الترويج في الخطاب الأعلامي و السياسي عن وجود مشروعين فقط في المعادلة السياسية اليمنية يزيد الأمور تعقيداً و يشوش إلى حد كبير الحقيقة عن واقع المشهد اليمني ويخلق حالة من عدم وضوح الرؤية لدى المواطن العادي أو حتى المثقف من ذوي الثقافة السياسية العامة، لأنه يجعله أمام خيارين، إما التأييد أو المعارضة لأحد الأطراف، بالتالي الوقوف إلى صف هذا الطرف أو ذاك من طرفي الحرب اعتقاداً منه بأنه يقف إلى جانب المشروع الوطني. و قد زاد من هذا التشويش ليس فقط ادعاءات كل طرف بأنه يخوض المعارك من أجل الشعب و الوطن و المصالح العامة، و أنما ايضاً التدخل العسكري الخارجي من الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي، الذي يرى فيه البعض احتلال و عدوان، و البعض الآخر يعتبره تدخل من أجل إعادة الشرعية و الأستقرار لليمن. و هذه الصورة المشوهة أو الغير واقعية للمشهد السياسي من بين أهم الأسباب التي تجعل ليس من السهل التوصل إلى حل سياسي للأزمة بين طرفي النزاع، و في نفس الوقت من الصعب أن لم يكن من المستحيل تحقيق النصر النهائي لأي طرف منهما حتى في ظروف شراء الولاءات. ليس لأن تحقيق النصر العسكري أن حصل لا يؤدي إلى الأستقرار السياسي، و إنما لأن مؤيدي كل طرف من عامة الشعب "و أن كانوا لا يشكلون نسبة كبيرة ، و لكنها مؤثرة " يعتقد أن موقفه إلى جانب قضية عادلة و مشروعة و لهذا يأبى التنازل أو الأستسلام، و هذا ما يفسر إصرار جماعة انصار الله و حلفائم على مواصلة القتال رغم أنعدام أي غطاء جوي دفاعي و بغض النظر عن التفوق الهائل للقدرات العسكرية و المالية و الدبلوماسية لقوات التحالف التي تؤيد الطرف الخصم. و لكن في حقيقة الأمر المعادلة اليمنية تتكون من ثلاثة مشاريع و ليس مشروعين .
المشروع الأول هو مشروع القوى السياسية، التي تسعى للهيمنة على السلطة و الثروة و الجغرافيا. و المشروع الثاني هو مشروع القوى التي ترغب في البقاء في السلطة و تقبل بالتقاسم و المحاصصة. المشروع الأول و الثاني يمثلهما طرفي الحرب، الذي يعتقد كلاً من هما أن تحقيق النصر العسكري مهما كان الثمن و مهما كانت التضحيات هو الأسلوب الوحيد لتحقيق غايته. و المشروع الثالث هو المشروع الوطني الذي يجسد الأرادة الشعبية و الذي يتمثل بدرجة اساسية ببناء الدولة المدنية الحقوقية، الذي يرفض الهيمنة و لا يقبل بنظام المحاصصة و يرفض الحرب و العنف و التطرف كوسيلة لتحقيق الأهداف السياسية. والطريقة الوحيدة لتحقيق هذا المشروع الوطني في ظل جميع المعطيات الراهنة هي العملية السياسية. للأسف القوى التي من الممكن تكون هي الحاملة لهذا المشروع الثالث، و التي لا تستند على أي قوة عسكرية، و أنما من الممكن أن تعتمد على التأييد الشعبي وهو الأهم، لم تتأطر بعد في كيان سياسي منظم، و هذا ما يجعل من ناحية، القوى السياسية الآخرى خارج المشروع الوطني تتمادى كثيراً في صراعها و يجعلها ليس فقط تنتهك حقوق الأنسان و تستمر في أرتكاب الجرائم التي يمكن تصنيفها بموجب القانون الدولي بجرائم دولية و تحاول فرض نفسها كوصية على الشعب اليمني، و أنما مستعدة من أجل مصالحها حتى لتدمير اليمن و المنطقة بأكملها، و من ناحية أخرى يعقد دور المجتمع الدولي إلى حد كبير في تحقيق السلام والأستقرار في اليمن.
الصراع حول شكل الأدارة الأقليمية للدولة يعكس إلى حد كبير الصراع بين النخب المركزية و المناطقية "المحلية" في طرفي الحرب حول تقسيم الجغرافيا بالذات، وهو أمتداد طبيعي للمشروع الأول و الثاني و مكملاً لذلك الصراع.
قيام النظام الأتحادي "إذا ما حصل" سيشكل نظام المحاصصة اساساً له في الظروف الراهنة و هذا من أساسه يهدد بناء الدولة المدنية الديمقراطية و يثير أكثر النزعات المناطقية، و يجعل من النخب الجنوبية التي تتطلع للأنفصال و استعادة دولة الجنوب أكثر تشدداً. و طالما الصراع و الحرب يدور على السلطة، و الشكل الأتحادي يتضمن تقسيم الجغرافيا للأقليم اليمني بين النخب التي لا تفكر إلا بمصالحها الذاتية وتسعى إلى تفادي بناء الدولة الحديثة و الديمقراطية فمن حق النخب الجنوبية التي ترغب في الأنفصال اكثر من غيرها بالأحتفاظ بجغرافية الجنوب. و الحل لا يكمن بالطبع بالحفاظ على شكل الدولة البسيطة الذي يؤدي إلى هيمنة النخب المركزية و النزعات المناطقية، و إنما بناء الدولة المدنية الحديثة و الديمقراطية أولاً، لأن الخطر الأكبر لا يأتي من مركزية سلطة الدولة و إنما من تشرذمها، و هذا الخطر سيتجاوز الحدود الوطنية دون أدنى شك خاصة في هذه الظروف التي تعيشها المنطقة العربية. فلا بديل اليوم و لا مجال لألغاء مطلب الدولة المدنية الحقوقية و ضمان التعايش و القبول بالآخر بين جميع مكونات المجتمع في مرحلة الأنتقال إلى الديمقراطية.
أن حتمية المشروع الثالث هو نتاج طبيعي لديناميكية عملية التطور التاريخي الذي يمر فيه الآن اليمن. و موقف الأمم المتحدة و دورها يجب أن يتحدد وفقاً لهذه المعطيات، و اغفال هذا المشروع أوهذة الأستراتيجية التي تتجاوب في أنٍ واحد مع المصالح الوطنية و مصالح المجتمع الدولي في الفترة الماظية كان سبب فشل المبعوث الأممي السابق في مهمته، و السبب الرئيسي في بطء نجاح الممثل الجديد للأمم المتحدة في بمهمته حاليا.
مخرجات ما كان يعرف بالحوار الوطني لا يمكن أن تكون مرجعية عامة لأن كثير من بنودها يتناقض مع مبادئ الديمقراطية و معايير الحكم الرشيد و حقوق الأنسان المعترف بها عالمياً، و فقد البعض الآخر من بنودها أهميته في ظل التطورات السياسية الراهنة حتى بالنسبة للقوى السياسية طرفي الحرب.
جميع الأحزاب و الكيانت السياسية اليمنية المشاركة في ما يسمى بمؤتمر بالحوار الوطني و طرفي النزاع على السلطة في اليمن و اطراف جنيف اليوم، هي قوى تقليدية وليدة الماضي بمعناه الزمني و المجازي"و أن كان البعض منها حديث المنشأ" غير جاهزة للعملية الديمقراطية، و بنيتها الفكرية و السياسية تقوم اساساً على مبادئ الأستبداد، مهما بدأت مختلفة في إيدلوجياتها و مهما بالغت في الحديث عن الديمقراطية و الدولة المدنية في خطاباتها الأعلامية و السياسية الأنشائية. فعقليتها و ثقافتها السياسية مازالت تقع بين مستوى الأقصاء و مستوى المحاصصة، و بمفهومها تقاسم السلطة أعلى شكل للديمقراطية، و حسب رؤيتها تقاسم الجغرافيا أو ما يطلق عليه اليمن الأتحادي هو المقصود بالدولة المدنية، و هنا تكمن المشكلة التي ليس لها أي حل على الأطلاق، سوى و جود القوة الثالثة المؤهلة تاريخياً لقيادة اليمن.
و في ظل جميع المعطيات على الساحة اليمنية و في ظروف سيطرة مشروعي القوى السياسية - طرفي الصراع العسكري على المشهد اليمني اعلامياً و سياسياً و في جدول أعمال المفاوضات "الثالثة" المزمع إجرائها في جنيف و محاولة كل طرف فرض سلطته على المناطق التي يتواجد فيها لفرض أجندته في هذا السياق ليس فقط من الصعب بناء مثل هذه الدولة، و إنما الوصول إلى وقف الحرب و تحقيق السلام الذي اصبح مطلباً ملحاً يتطلع إليه الشعب اليمني و المجتمع الدولي على حد سواء نظراً للحالة الأنسانية التي وصلت إلى اسوء معتدلاتها، ناهيك عن التهديدات المباشرة على الأمن و السلام الدوليين إذا ما طال أمده. و في هذه الحالة يبقى الأمل الوحيد بالقوة الثالثة الحامل الشرعي و الوحيد لهذا المشروع الوطني التي تتشكل و تتبلور بشكل سريع ولم يتبقى إلا تأطيرها في كيان سياسي منظم.
القوة الثالثة التي تتشكل وتتبلور اليوم في اليمن هي قوى ديمقراطية متنوعة الأطياف تشترك في الطموح لبناء الدولة المدنية الديمقراطية. وهي قادرة على تحقيق المصالح الوطنية والتماسك الداخلي و أعادة وحدة النسيج الأجتماعي التي مزقته قوى الصراع على السلطة، لأنها تجسد الأرادة الشعبية بتتجاوزها حدود المنطقة و القبيلة و الحزب و المصالح الشخصية في تفكيرها، و اهدافها ترتقي إلى حجم الوطن، وهذا ما سيمكنها من خلق التوازن بين المصالح المشروعة لجميع القوى السياسية دون استثناء في ظل اولوية المصالح الوطنية و الذي من شأنه سيعمل على خلق الأستقرار السياسي المستدام و يعمل على وضع حاد نهائي للحرب و الأقتتال و إزالت الأحقاد و التطرف و ثقافة الكراهية التي كرستها قوى الفساد و المحسوبيات الأدارة السيئة. و سرعة الوصول إلى تحقيق الحل في اليمن متعلق بسرعة تأطير هذه القوة في هيئة سياسية موحدة و منظمة. ومن هنا تأتي ضرورة دور الشخصيات السياسية و الأجتماعية فيها من الجيل الأول و منهم شخصيات تولوا مناصب عالية سابقاً في الدولة و منهم ما زال بتقديم المبادرة في هذا الأتجاه، و نقطة الأنطلاق يجب أن تبدأ بتشكيل لجنة تأسيسية لأعلان التكتل السياسي و أعطى الفرصة في قيادته للكفاءات من الجيل الثاني بأعلى نسبة، و على القوى الأقليمية التي يهمها استقرار اليمن أن تختار لمن تقدم الدعم و التأييد، خاصة و أن و قوات التحالف ليس لها نية و لا أستعداد في البقاء في اليمن إلى الأبد. و لن ندخل في التفاصيل لأن هذا موضوع مستقل بحد ذاته.
لقد اصبح المشروع الوطني اليوم أكثر من أي وقت مظى يطرح نفسه بقوة على جميع القوى السياسية و الأقليمية المحبة للسلام، ليس فقط كضرورة لتحقيق الأستقرار الدائم بأبعاده الوطنية و الأقليمية و الدولية و متطلبات تحقيق التنمية المستدامة في اليمن، و أنما أيضاً بصفته الضامن لتحقيق الوفاق و المصالحة بين أطراف الصراع على السلطة- طرفي الحرب و العامل الأساسي لوضع حد نهائي لهذه الحرب و هذا الصراع.
و من هنا تأتي ضرورة أولوية المشروع الوطني في مفاوضات جنيف القادمة، مما يعني هذا أن يتضمن جدول الأعمال الأتفاق على ما يلي:
- بناء الدولة المدنية الحقوقية بحسب المعايير العالمية المعترف بها عموماً.
- صياغة دستور ديمقراطي يجسد الأرادة الشعبية تشارك في صياغته المنظمات الدولية الغير حكومية مثل المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات و منظمة هيومن رايتس ووتش و غيرها.
- اجراء الأنتخابات الديمقراطية الشفافة و النزيهة المزمنة بعد أقرار الدستور و الأستفتاء علية تحت أشراف الأمم المتحدة.
ومن ثم تأتي الجوانب التي تتعلق بأليات تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي و حسب الأهمية و من بينها التي تهم أطراف الصراع في مرحلة أنتقالية لا تتعدى ستة اشهر.
الأولوية للقضايا الأكثر أهمية، و هي المسألة الأنسانية التي تتطلب فك الحصار و تقديم و تسهيل تقديم المساعدات الأنسانية الطبية و الغذائية، و لكن لا يعني هذا أغفال قضايا المحتجزين.
و من أجل الشروع بالمرحلة الأنتقالية المزمنة و بحسب الأولوية:
- و قف اطلاق النار بشكل عام و فك الحصار على جميع المدن.
- اطلاق سراح المعتقلين.
- تشكيل لجنة دولية لتسلم الأسلحة الثقيلة و الأشراف على اطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين و العسكريين على ذمة الصراع و الأنسحاب من كافة المدن سواء من قبل المليشيات أو قوات التحالف فور تشكيل حكومة انتقالية تكون فيها اكبر نسبة لممثلي القوة الثالثة.
و من أجل إيجاد الثقة المتبادلة بعدم الملاحقة القضائية يمكن الأتفاق على مايلي:
في حالة رفع دعاوى جنائية ضد انتهاكات حقوق الأنسان بما فيها الجرائم الدولية أو فيما يخص قضايا الفساد يجب أن تشمل التحقيقات جميع الأطراف و من قبل لجان دولية و في محكمة دولية. و بالمقابل عقد مصالحة وطنية شاملة يتنازل فيها طرفي الصراع لصالح المشروع الوطني و تسليم السلطة للقوة الثالثة الحامل الشرعي و الوحيد لهذا المشروع إذا لزم الأمر. و لكن لا يعني هذا الحديث مطلقاً التخلي عن إجراء التحقيقات بشأن الجرائم الدولية المرتكبة اثناء الحرب و انتهاك حقوق الأنسان منذ 1990م، و لكن ليس بهدف الأنتقام أو الجزاء الجنائي، و إنما لكشف الحقيقة و تعويض الضرر الناتج وإزالة آثاره على طريقة النموذج الجنوب افريقي.
أن ضرورة و أهمية بناء الدولة المدنية الحقوقية في اليمن تبدو واضحة من خلال معاييرها العالمية و من بين أهمها:
- الالتزام بالتداول السلمي للسلطة، فللجميع حق العمل السياسي السلمي، وليس لأحد احتكار السلطة أو إقصاء الآخر.
- احترام حقوق الإنسان المعترف بها عالمياً.
- سيادة القانون الذي يجسد الأراة الشعبية و حقوق الأنسان.
- استقلالية القضاء و فصل السلطات.
بناء الدولة المدنية الحقوقية سيقضي بشكل نهائي على نظام الفساد و المحسوبيات و الأدارة السيئة بكافة اشكاله و صوره، الذي غيب و مازال يغيب تماماً المشروع الوطني، و كان السبب الرئيسي في الصراع السياسي المستدام بين القوى السياسية التي أوصلت اليمن إلى الحرب و الأقتتال من أجل المصالح الشخصية و الحزبية .
الدولة المدنية في مختلف الحالات تتجاوب مع المصالح المشروعة لجميع الأطراف الداخلية و الخارجية ، و تكفي الأشارة إلى أن استقرار و أمن اليمن هو جزء لا يتجزأ من استقرار و أمن دول الخليج و الذي من المستحيل تحقيقة بدون الدولة المدنية الديمقراطية - دولة الأستقرار.
بالأضافة إلى ذلك الدولة المدنية الحقوقية تضمن احترام حرية الأفراد و الأقليات؛ لا مكان فيها للعنصرية أي كان شكلها، ولا و متسع فيها للإقصاء و المناطقية.
- تقضي على المناخات الملائمة للأرهاب و التطرف و ثقافة الكراهية المناطقية و المذهبية.
- تحقق الأستقرار الدائم و التنمية المستدامة و هذا من شأنه تعزيز السلام و الأمن الدوليين خاصة في منطقة الخليج العربي لما لها من أهمية عالمية.
في الأسلام لا يوجد مفهوم الدولة الدينية، وأهم مبادئ الإسلام في شؤون الحوكمة الرشيدة هي الحرية والعدل والمساواة. وهذه المبادئ لن تتحقق إلا بإقامة الدولة المدنية التى يتساوى فيها المواطنون جميعا أمام القانون، بغض النظر عن الدين أو المذهب والجنس واللون.
الدولة المدنية تضمن استقلال الدين عن السياسة ولا تفصل مطلقاً الدين عن الإنسان، فهي لاتعادي الدين أو ترفضه أو تهدف إلى أن تكون بديلا عنه، وأنما يظل الدين عاملا مهماً في بناء الأخلاق و القيم الأنسانية دون أن الأتجار به أو استخدامه لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية أو شخصية، وهذا من شأنه استبعاد أي صراعات مذهبية أو جهوية أو دينية.
وتشكل التجربة التركية إحدى أبرز النماذج حول تعايش التيارات والقوى الإسلامية و العلمانية والقبول بكل آليات الصراع الديمقراطي في ظل الدولة المدنية.
الدولة المدنية الديمقراطية هي دولة المؤسسات وليست دولة الأشخاص أو الأحزاب و هذا لا يترك مجالاً للأتجار بالقضايا الوطنية.
في الدولة المدنية الديمقراطية، في ظل أولوية المصالح الوطنية أمام المصالح الفردية و الحزبية قواعد اللعبة السياسية من الممكن أن تحددها بالتوافق جميع المكونات السياسية وليس وفق نظام الأغلبية والأقلية.
اهتمام المجتمع الدولي بوقف الحرب في اليمن و الدخول في العملية السياسية لا يعني بأي حال من الأحول الأنحياز إلى أي طرف من الأطراف أو دعم مايسمى بالأنقلاب ، وأنما لعدم جدوى الحرب التي دخلت في شهرها الحادي عشر بعد أن كان الكثير يعتقد أنها لأسابيع، أن لم يكن لأيام، "و هذا ما يمكن قرائته في البيانات العسكرية للمتحدث الأعلامي لقوات التحالف مع بداية عاصفة الحزم ، أو الخطاب الأعلامي لجماعة انصار الله حينها، و كلاً له كان حساباته و رهانته" دون تحقيق النصر النهائي سياسياً أو عسكرياً لأي من الأطراف في ظل أزدياد تدهور الحالة الأنسانية و نمو التطرف و الأرهاب و الأنفلات الأمني. استمرار الحرب هو لصالح السماسرة في قضايا الشعب و الوطن و حقوق الأنسان و تجار الحروب. ناهيك على أن الأنقلاب بمعناه الحقيقي و ليس الديماغوجي هو الأنقلاب على مضمون ثورة التغيير التي جائت لتحقق اهداف ثورتي سبتمبر و أكتوبر، و الذي بدأ منذ مخرجات ما يسمى بالحوار الوطني و تمديد الفترة الأنتقالية المزمنة بسنتين و أكتمل بسيطرة انصار الله على السطة.
أن عدم الوصول إلى حل سياسي يضع اليمن أمام أستمرار الحرب المفتوحة و يحول اليمن إلى ساحة للصراعات الأقليمية و الحرب بالوكالة. و هذا من الممكن أن يتحول إلى بؤرة لأستنزاف دول مجلس التعاون الخليجي و خاصة السعودية و زعزعة الأمن و الأستقرار في هذه البلدان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.