التهمت الصراعات الداخلية في اليمن ، آلافا من أبنائه ، وجراءها قضى كثير من الأبرياء نحبه ، نتيجة الاستهانة بالدماء والأرواح ، ذلك أن قيمة حياة الإنسان اليمني ، في حسابات المتصارعين ، لا معنى لها ، على امتداد عقود طويلة مضت ، وحتى اللحظة الراهنة ، ومنذ ثنائية التقدميين والرجعيين ، في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ، مرورا بالشماليين والجنوبيين ، في حرب صيف 1994م ، وصولا إلى ثنائية الشرعية ، والدواعش والتكفيريين ، التي أضحت عنوانا عريضا ، للحرب الدائرة في اليمن منذ قرابة عام. تملصت المليشيات الانقلابية في اليمن ، من مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية ، تجاه المدنيين اليمنيين ، فمارست بحقهم انتهاكات صارخة وجرائم جسيمة ، مديرة ظهرها لكل التعاليم السماوية ، والقوانين والاتفاقيات الدولية ، الحامية لحقوق المدنيين في النزاعات المسلحة ، ناهيك عن عدم احترامها ، لقوانين الحرب التي شرعها ديننا الإسلامي الحنيف ، ولتقاليد وأعراف القبيلة اليمنية الأصيلة ، ولقد رصدت عدد من المنظمات المحلية والدولية ، المهتمة بالشأن الإنساني ، ما يربو 184551من الانتهاكات والجرائم التي تعرض لها المدنيون ، من قبل مليشيات الحوثيين وحليفهم المخلوع علي عبدالله صالح ، خلال عام 2015 م فقط ، توزعت بين هجمات عشوائية بالأسلحة الثقيلة ، كالصواريخ والدبابات والمدافع ، على مناطق مأهولة بالسكان ، أسفرت عن خسائر بشرية كبيرة في صفوف المدنيين ، وتدمير وحشي للمنازل والممتلكات ، وهجرة جماعية لآلاف السكان ، الباحثين عن الأمن والغذاء والدواء ، والذين تركوا خلفهم ديارهم لصوت الرياح ، التي تخترق نوافذها وأبوابها وسقوفها ، المحطمة بقذائف المليشيات ، يضاف لذلك الحصار الشديد للمدن ، من مقومات الحياة الأساسية ، وإعاقة وصول مواد الإغاثة إليها ، بل ومصادرتها ، والاعتقال التعسفي والخطف للمدنيين ، واستخدام بعضهم دروعا بشرية. شن التحالف العربي بقيادة السعودية ، عملياته العسكرية في اليمن ، وأكدت دول الخليج ، أن المستهدف من هذه العمليات المليشيات الانقلابية ، والهدف منها رفع المعاناة عن الشعب اليمني ، وحمايته من هذه المليشيات ، وأن الضربات الجوية موجهة ضدالانقلابيين ، وعتادهم العسكري ومعسكراتهم وأماكن تجمعهم ، غير أن استهداف طيران التحالف العربي لأهداف غير عسكرية ، ذهب ضحيتها أبرياء ، شذ عن تلكم التأكيدات ، والأمثلة على ذلك كثيرة، ساكتفي بذكر بعضها ، ففي 26 مايو 2015م قصف طيران التحالف منزلا ، في منطقة صبر ، في محافظة تعز ، نتج عنه قتل نساء وأطفال ، وفي 6 يوليو 2015 م ، قصفت مقاتلات التحالف سوقا للمواشي ، في منطقة الفيوش ، التابعة لمحافظة لحج ، فقتل أكثر من عشرين مدنيا ، وفي نفس اليوم أغارت طائرات التحالف ، على سوق في محافظة عمران ؛ فقتل وأصيب عشرات المدنيين، وفي 15 مارس 2016 م، نفذت طائرات التحالف غارات جوية على سوق شعبي ، في منطقة مستبأ ، محافظة حجة ، أسفرت عن سقوط قرابة مائة وعشرين شخصا ، مابين قتيل وجريح ، وحتى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ، لم يسلما من النيران الصديقة لطائرات التحالف ، ففي محافظة مأرب ، في أواخر مايو 2015 م ، سقط حوالي عشرة أفراد من المقاومة ، بين قتيل وجريح ؛ إثر قصف طيران التحالف موقعا لهم ، في منطقة الجفينة ، وفي محافظة الجوف ، في مطلع يونيو 2015 م ، قتل نحو 15 من عناصر المقاومة الشعبية ، في غارة جوية للتحالف ، على موقع في منطقة اليتمة ، كان تحت سيطرة المقاومة ، وفي 7يوليو 2015م ، قتل وجرح مئات الضباط والجنود ، من اللواء 21 واللواء 23 ، المرابطين في العبر بمحافظة حضرموت ، والمواليين للشرعية ؛ جراء غارات لطائرات التحالف ، وصفت آنذاك بكونها خاطئة. قد تحدث أخطاء للقصف الجوي لطيران التحالف ، ويكن ضحاياها من المدنيين الأبرياء ، لكن تكرارها يضع علامة استفهام كبرى ، ويفسح المجال لنعت القصف ، بالمتعمدوالمقصود بدلا من الخاطئ ، ويقودنا للتكهن ، بوجود اختراقات داخل التحالف ، أو وجود حالة من اللامبالاة والعشوائية ، في تحديد الأهداف على الأرض ، أو أن أطرافا داخل التحالف ، لديها بعض التحفظات لنتائج الحسم العسكري ؛ فلجأت للضربات الجوية العشوائية ، وزيادة نسبة الخطأ فيها ؛ لإجبار أطراف أخرى في التحالف ، للقبول بحل سياسي يستجيب لتحفظاتها. للتحالف العربي في اليمن مؤيدون ، وله معارضون ، لكن القصف الجوي الخاطئ ، يوسع من مساحة معارضيه ، ويوفر مادة إعلامية وسياسية وحقوقية دسمة ، يترتب عليها ، حشد مليشيات الانقلاب المزاج الشعبي العام ضد التحالف ، وإقناع الرأي العام العالمي بتعرض اليمن لعدوان خارجي ، ينتهك المواثيق الدولية وحقوق الإنسان ، ما يجعل دول التحالف العربي ، تضطلع بمسؤولياتها تجاه أخطاء طيران التحالف ، فتجري فيها تحقيقا شفافا ومحايدا ، تعلن عن نتائجه ، وبموجبه تحاسب المسؤولين عن تلكم الأخطاء ، وتسد ذرائع استغلالها من قبل مليشيات الانقلاب ، أو في المحافل الدولية مستقبلا ، كما أن على التحالف تقدير الأهداف العسكرية والقتالية ، والقوة الضرورية لإحرازها ، دون تعريض حياة المدنيين للخطر ، والإسراع في حسم الحرب ، التي كلما طال أمدها ، ازداد معارضوها ، وارتفع عدد ضحاياها ، وكثرت أخطاؤها ، وطال أمد معاناة المدنيين. لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet