سؤال لم نجد له جواباً حتى الآن ولربما لن نجد له جواباً بعد الآن سواءً على المدى المنظور أو غير المنظور... أين سيستقر بنا الترحال؟ وحده الخالق من عنده الجواب الشافي إزاء معضلة كهذه التي حلت بنا وبأبائنا وأجدادنا الأوائل على امتداد آلاف السنين... حتى اللحظة لا شيء يُنبئ في الأفق باقترابنا من محطة استراحة نسترد عندها أنفاسنا بعد عناء سفر طويل. أين سيستقر بنا الترحال؟ لا أحد من فرقاء الصراع في الداخل لديه الجواب طالما الكل منهمك بالاقتتال وبتقطيع أوصال الوطن على ما يشتهي الوزان... لا أحد من فرقاء الصراع الإقليمي لديه الجواب طالما الكل منشغل بالتأمر وبتنفيذ سيناريوهات الغرب وبتصفية الحسابات الوهمية بعد أن وقع اختيارهم على جغرافيتنا المباحة لتكون مسرحاً لتصفية تلك الحسابات. من يتوقف عند أطلال المدن والقرى ليرصد حجم الدمار والخراب الذي حل بهذا البلد سيدرك كم هي هذه الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات عبثية وأكثر من قذرة... من يتوقف عند عدد القتلى والجرحى والجوعى والمشردين والثكالى والأيتام ومن جرف بهم الفقر الناجم عن هذه الحرب إلى أرصفة التسول والإذلال وإلى غياهب المجهول سيدرك كم هو هذا الوطن مرتع للفوضى وللعبث والاستهداف، وكم هو الإنسان في هذا البلد عُرضة للاستباحة والتنكيل. أمرٌ محبط حين نكتشف كشعب أننا لا نمتلك القرار حتى لو كان هذا القرار يتعلق باقتتالنا وباحترابنا... أمرٌ محبط أيضاً حين نكتشف عدم قدرتنا على إيقاف هذا الاقتتال وهذا الاحتراب الذي لن يدونه التاريخ غير على أنه أسوأ وأقذر احتراب شهدته البشرية طالما لم نجني منه غير الدمار وغير الخراب وغير التشرد وغير المجاعات والأمراض وغير الآلام والأحزان بل وغير الأحقاد والثارات التي لن تُخمد جذواتها على امتداد عقود زمنية قادمة. كثير من الأجيال التي تعاقبت على هذا البلد دفعت أثماناً باهظة ومكلفة من عيشها وأمنها واستقرارها جراء حملها من قبل المتسلطين على رقابها على الترحال في دروب وعرة ومظلمة دونما محطة استراحة أشار إليها التاريخ ولو على استحياء مثلت منعطفاً في سجل أسفار هذه الأجيال على مر التاريخ. السؤال مرة أخرى: أين سيستقر بنا الترحال؟ قد أكون متشائماً إذا ما أجبت على سؤال معقدٍ كهذا أن ترحالنا سيستقر به المقام في المكان الذي ستقف فيه البشرية يوماً في انتظار الحساب... سنستمر على هذا المنوال جيلاً بعد جيل حتى ذلك اليوم الموعود. لقد حاولت التزود بجرعات من الأمل كي أتجاوز مثل هكذا إجابة لكني لم أفلح في ذلك إذ ما لمسته على أرض الواقع أن كل المعطيات في الداخل تُصدر إِشارات محبطة بينما كل المعطيات في محيطنا الإقليمي وفي الساحة الدولية تبعث نفس الإشارات، فلا الخارج بمسمياته الإقليمية والدولية يريد لنا الاستقرار ولا نحن في الداخل بمختلف مكوناتنا وتوجهاتنا ننشد هذا الاستقرار. قدر الإنسان في هذا البلد ربما هو المضي في الطريق الذي سلكته وستسلكه كثير من الأجيال ابتداءً من الجيل الذي شهد كارثة سيل العرم قبل آلاف السنين مروراً بجيلنا المغيّب عن صنع حاضره ومستقبله، وصولاً إلى الجيل الذي سيشهد الحدث الأكبر وهو اليوم الذي سيُنفخ فيه في الصور لجمع الناس ليوم الحساب. [email protected] ... لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet