إلى أطفال اليمن، الذين يُدفنون تحت الأنقاض، وتُمزَّق أجسادهم في حرب لا يفهمونها. إبكِ الضَّحايا وجُدْ بالدَّمعِ يا وطني واجمع بقاياهمُ في السَّهلِ والهِضَبِ وكفِّنِ الطِّفلَ قبِّل وجنةً رسمَتْ أيدي البغاةِ عليها أعمقَ النُّدَبِ وابسطْ له بحنانٍ راحتيكَ إذا حان الرَّحيلُ كمهدٍ ناعمٍ رطِبِ وسرْ به نحو مثواهُ على مهَلٍ لا تفزعَنْه بخطوٍ مسرع الخببِ لا تجعلَنْه يعاني البعدَ عن حُضِنٍ يأوي إليه إذا ما حسَّ بالسَّغبِ وسِّده في القبرِ ورداً إذ تودِّعُه دثِّره بالحبِّ لا بالصَّخرِ والتُرَبِ وانثر دموعاً على قبرٍ به ملَكٌ أضحى بديلاً له عن منزلٍ خربِ يا قبرُ أودعتُ طفلي فيكَ مؤتمِناً فاحفظه من فزعٍ وابعده عن صخبِ كم منزل قد هوى واندكَّ ساكنُه كم نائم لم يفق من نومِه العذبِ كم بسمة جمدت في وجهِ صاحبِها كم صرخة خُنقت في حلقِ منتحبِ كم شهقة صعدت من جوف مرضعةٍ كم غارة ألصقت طفلاً بجسم أبِ من ذا يُلام على حربٍ تدمِّرنا من ذا يُلامُ على ما حلَّ من كرَبِ؟ أحقُّ باللَّوم أنتم يا بني وطني تسترخصون دماكمْ دونما سببِ أين القلوب الرَّقيقات التي وُصفتْ بالحبِّ والودِّ والإيثارِ والحدَبِ أنتم يمانون من ينكرْ شجاعتَكمْ أنتم أولي البأسِ والعلياءِ والرُّتبِ شموخكم أذهل الدنيا ووثبتكم تحير الخصم بين الأسر والهرب لكنَّ بأسكمُ قد صار بينكمُ هل هذه نخوةُ الفرسانِ والنُّجبِ البأس إن يقترن بالجهل كارثة ومحنة ما عدانا قطُّ لم تُصبِ أوغلتم اليوم في تقتيل بعضكمُ يا بئس من هدف يا سوءَ منقلبِ غداً ستُفجع أجيال إذا ذُكرت أفعالكم ورأت ما خُطَّ في الكتبِ لن نشتكي لطغاةِ الأرض محنتَنا لن نستغيثَ بأفَّاقٍ ومُرتكبِ نشكوا إليكمْ ومنكمْ فتنةً عصفت أنتم وقودٌ لها بالجهلِ والغضبِ أحالت السلمَ حرباً والورودَ دماً والأرضُ ترزح تحت القصفِ واللَّهبِ منحتم الطَّامع الباغي ذرائعه صرتم له في أتون الحرب كالحطبِ هاكم ترون طغاة الأرض قد وثبوا وموَّهوا قصدهم بالزَّيف والكذبِ لا يبتغون لنا خيراً وإن زعموا فكلُّنا لهم بعضٌ من السَّلبِ هل نرتجي الخير من أعداءِ أمَّتنا ونصلهم سمُّه مازال في عصبي في القدس مازال مغروساً له أثرٌ في الرَّافدين وفي فزَّانَ في حلبِ في كلِّ قطر لهم جُرمٌ نشاهده رغم الأكاذيب والتعتيم والحُجُبِ لا خير في دولٍ تبدي صداقتها وتضمر الشَّرَّ، هل ينفيه غير غبي؟ فلتحترب إن أرادت في مواطنها ما نحن بالتَّابع المأمور والذَّنبِ ليتركونا نداوي نحن علَّتنا ولينعموا هم بخير النفط والذَّهبِ إمضوا إلى السِّلم يا أهلي فإن لكمْ فيه انعتاقاً من الأوجاع والوصَبِ لن تُحسَم الحرب بالصاروخ يحصدنا ولا بفوضى وتقتيل ولا شغبِ إمضوا إلى السِّلم سوُّوا الأمر بينكمُ وابنوا بلادكمُ بالحبِّ والدَّأبِ لا تصرفنْكمْ مقالاتٌ يروِّجها من يبتغي أن يداوي الطَّفح بالجربِ الحرب من لم يذق يوماً مرارتها قد يحسب النَّوح تعبيراً عن الطَّربِ والجوع والقتل والتدمير يحسبه عرساً تزيِّنه أوهام مضطربِ ما محنة الحرب تنظير نسوِّقه هل نجهل الفرق بين الموت واللعبِ!! كم من مقالاتِ بالأحقاد نشحنها تجاوز البعض منها مقتضى الأدبِ الحقد إن نتَّخذه اليوم مرشدنا لن ينتهي حالنا إلا إلى العطبِ عودوا إلى الشَّعب من يرضاه يحكمنا لا يصلح الحكمُ بالإكراهِ والغلبِ الحكم شأنٌ يخصُّ الناسَ كلَّهمُ يُعطى لكفءٍ عفيف اليدِّ منتخبِ لا تجعلوا السُّلطة الجوفاءَ فتنتكمْ ما خُلِّد الحكمُ في الأزمان والحقبِ هل الحكومات أغلى من جماجمنا هل العروش سوى كرسيِّ من خشبِ هل يقبل العقل حرباً دونما أفقٍ نُفنى بها بين (شرعيٍّ) و (منقَلِبِ) والأخُّ يغدو عدوَّاً والعدوُّ أخاً والحقد يزرعه الحمقى من النُّخبِ تذكَّروا إن نسيتمْ أنَّ بينكمُ وشائجاً من صلاتِ الأهلِ والنسبِ الأرضُ أرضكمُ والشعبُ شعبكمُ هلاَّ أفقتم من الأوهام والرِّيبِ وفي الجنوب أخٌ لابدَّ نسمعه سلامنا وإخانا منتهى الأرب نصغي إليه وما تقضي إرادته نرضى بها دون منٍّ دونما عتبِ نحن الأولى قد حبانا الله مكرمةً خير البلاد مُنحناها وخير نبي شعبٌ كريمٌ جناحاهُ إذا اتفقا يرقى إلى المجد بل يعلو على الشُّهبِ غداً نُمزَّقُ إن طالت جهالتنا وأرضنا سوف تغدو سبْيَ مغتصبِ وفي الخرائط لن يبقى لنا وطنٌ نزهوا به ونباهي كلَّ محتسبِ فلنسألِ اللهَ لطفاً منه يدركنا فمن توجَّه نحو اللهِ لم يخبِ لن أفقدَ الصَّبر فالبلوى وإن عَظُمتْ فرحمةُ اللهِ تأتي غيثَ مرتقِبِ ولن أبادل حلمي يأس مبتئسٍ فقد تشعُّ شموسٌ من ورا السُّحبِ حسبي من العمر أحلاماً ألوذ بها وأحتمي من ذوي القربى وذي الجنبِ لم يبق في العمر غير الحلم أحضنه غداً سيوقظ حلمي أمَّةَ العربِ صنعاء، في يومٍ بلا تاريخ وزمنٍ بلا ملامح.