العلم يعلي بيوتا لا أساس لها ... والجهل يهدم بيوت العز والشرف! أقسى ما أراه عندم اتقابل مع احد المبتعثين الجدد للدراسة في الغرب من متفوقي الثانوية العامة وأنظر إلى خطه باللغة العربية، تصيبني الصدمة والدهشة، ويبهتني ردآءة الخط، ناهيك عن الأخطآء الإملآءية. لا أصدق ماتراه عيني! أيعقل هذا؟؟ اما الثقافة وسعة الإطلاع والفكر فدعك منها فتكاد تكون منعدمة، بإستثنآء القلة القليلة من الطلاب المبدعين كتابة وإطلاعا وفكرا. جمال الخط وجودة الإملآء وسعة الإطلاع تنبيك عن نوعية الأجيال المتخرجة، ونوعية الوطن القادم. للأسف الشديد نعاني من ضعف التعليم (اتحدث عن تعليم حقيقي يركز على النوعية وليس الكمية)، مانتج عنه جهل مركب وشعوب جاهلة مغيبة الوعي تفتقر لأهم ثلاث عناصر في الحياة: الفكر النير والوطنية والإنتمآء المخلص! تشعر بالغربة وانت تشاهد وجوها معتمة غابت عنها أنوار الثقافة، لا تلبث أن تلحظ حجم الفجوة بين الأجيال في مجتمعنا فتجدها كبيرة جدا! لا مقارنة البتة! يمين بالله كنت أشعر بالصغار عندما وصلت إلى بلد الإبتعاث (هنجاريا - بودابست)، ليس لأني انبهرت بالحضارة والتقدم والوعي الذي رأيته هناك، ليس لذلك مطلقا، وإنما الإنبهار كان نابعا من الفارق الثقافي والفكري والذوق العام الذي كان يتحلى به من سبقنا من المبتعثين اليمنيين عندما تعرفت عليهم وجالستهم. لكن بعكس ما يحدث في المجتمعات الغربية كلها تماما. فبسبب التطور العلمي والتكنولوجي (الإليكتروني) المخيف حدثت عندهم زيادة في سرعة التغيير الثقافي بين الأجيال في الإتجاه الإيجابي، وبالخصوص في الجوانب الثقافبة والعلمية، والمشاركة السياسية اليمقراطية، وفي حمل هموم البلد، وكل جيل له أسلوب تفكيره النابع من العصر الذى يعيش فيه. أما عندنا وفي المجتمعات العربية بشكل عام فقد تدنى الجيل الجديد إلى المستويات الدنيا، ليس في التحصيل العلمي فقط، بل في الثقاقة والفكر والذوق العام، حتى في الموسيقى والفن صار هابطا جدا إلى درجة مفزعة. لذلك تفشى الجهل، وسيطرت العقلية القبلية الهمجية، واللامبالاة والصياعة الاخلاقية وانعدام الإحساس بالمسؤلية على البلد، فصار الكل فيها رعاع لا خير يرجى منهم، وبواسطة هؤلآء الرعاع صارت تحكم البلد، والسبب الأول والأخير هو عدمية التربية والتعليم. في تركيا أدرك أردوغان من أول يوم تولى فيه السلطة كرئيس للوزراء في شهر مارس من العام 2003 أن التعليم هو المفتاح السحري للقضاء على الفساد والنهوض بالدولة. لذلك وضع خطة للقضاء على الأمية في تركيا خلال عامين وربط مدارس البلاد كلها بالإنترنت، وعمل على أن تتكفل الدولة بكل مصروفات التعليم بل ومصروف شهري لكل طفل أو طفلة فقيرة لا يستطيع أهلهم إرسالهم للمدرسة، سعى من خلال ذلك إلى وضع تركيا في مصاف أفضل الدول في مجال التعليم. كانت هذه أحلامهم عام 2005 والذي غدت الآن حقيقة كما ترون وتشاهدون. تخرج شعب وطني واع مدرك لمصالحه وأهدافه، الشعور بالوطنية بلغ اعلى درجاته، بل صاروا شموسا تشع وطنية! نهضتهم العلمية تحققت خلال أربعة عشر عاما من حكم العدالة والتنمية، كما أصبحت تركيا من الدول التي تعطي منحا دراسية. أضف إلى ذلك أنشأت الدولة مراكز للبحوث والإبداع يستقطب الخبرات والمواهب من جميع العالم، فكانت النتيجة كما نراها اليوم. ونحن وخلال ٣٣ عاما من حكمه ماذا صنع لنا عفاش؟؟؟ ومن بعده الحوثي ماذا يصنع بالأجيال؟ وأي برامج ينفذونها مع الناشئة وأي فكر كهنوتي يدرس لهم، وأي ثقافة عالمية يصدرون؟؟؟ إلى أين هم ذاهبون؟! فياللهول!!!