في إطار الحرب المسستعرة بين المنظمات الحقوقية والإنسانية في اليمن قرر الأمن القومي الواقع تحت سيطرة جماعة الحوثي بصنعاء، حظر نشاط 3 من أبرز المنظمات الدولية العاملة في اليمن، هي: “سيرش فور كومن جراوند، سيفر وورلد، ومؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية”، بحجة المساس بالأمن ،حرب المنظمات الحقوقية في اليمن حرب مستعرة هذه الأيام وفي مُختلف العواصم العالمية ومراكز الضغط الدولية بين فرقاء الحرب في اليمن الشرعية والتحالف من جهة والميلشيات الإنقلابية وأنصارها من جهة أخرى ، دخلت العديد من المنظمات التي تمتلك علاقات متينة مع الهيئات الدولية الضاغطة في مجال الإنتهاكات والمشتغلة بحقوق الانسان لأول مرة بهذه القوة في المشهد اليمني مما يجعل الباب مفتوحا لاحتمالات وتطورات في المشهد اليمني ما نشر وما تم تسريبه يعد مقدمات يمكن لها التحكم بتطورات المشهد اليمني في قادم الأيام وهو ما يجعلنانتوقع قرارات دولية وخطيرة في هذا السياق هوية تلك المنظمات الحقوقية مسألة تكاد تكون محسومة سلفاً لكن المواقف من هذا الطرف أو ذاك هي التي تحدد طبيعة الصراع هناك حاضن لكلا الطرفين وهناك في الوقت ذاته بُعد إقليمي لهذا الطرف أو ذاك والمحصلة مئات المنظمات وبلا مبالغة تشتغل على الحالة اليمنية القليل منها ذات فعالية وجلها يعمل في إطار مشاريع إقليمية ودولية وبين هذا وذاك تكمن المشتركات وحالات التوافق والتناقض في السياق ذاته في ظِل حالة من التشبيك المُعقد منظمات معادية للسعودية تتلقى الدعم من قطر وأخرى معادية لطهران لكنها تهاجم السعودية والحكومة الشرعية ومنظمات معادية لحزب الله تلتقي مع الشرعية لكنها تهاجم التحالف ، مشاريع تلتقي مع الألمان وتعارض الحرب في اليمن لكنها بالتأكيد تنتقد حقوق الأنسان والإنتهاكات من كافة الأطراف ،وأخرى معادية للبريطانيين ومدعومة من الألمان والكنديين ، الممشهد يشبه إلى بعيد حالة من حالات العبث والدنكشوتية وحروب الوكالات ، نعم دخلت الحرب اليمنية في نفق حرب المنظمات وأضحت اليمن فضاءً رحباً للفعالية الحقوقية في الوطن العربي والعالم والقضية بعنوانها العريض الغذاء وحماية المدنيين وحماية المدنيين هي القضية الشائكة والاخطر في جميع الحروب والنزاعات المسلحة وضع بعض الدول والشخصيات في القائمة السوداء هي البداية لسيناريوهات قادمة في المنطقة حال اليمن يبدوا شبيهاً بالحالة السودانية فيما يتعلق بدافور أو هكذا يمكن أن يصير عليه في حالة التقاطع بين التحالف وفريق الخبراء الأممي الذي تم التمديد له يوم أمس الأول بموافقة 21 دولة ورفض 8 دول وإمتناع 18 دولة عن التصويت ، أنه العالم يرصد بمنظماته وبتلك التقارير الناتجة عن صراع المنظمات مايدور فوق التراب اليمني ،وفي ظل ملايين المشردين والأوبئة وعشرات الالاف من المعتقلين والضحايا المدنيين لا توجد حرب نظيفه ، الجانب الإنساني يشكل بالنسبة للصراع في اليمن العنوان الأبرز جميع التقارير التي صدرت خلال سنوات الحرب تحمّل كافة الأطراف الإنتهاكات التي تحدث للمدنيين والأفراد والناشطين والصحفيين حتى الآن تتوقف التقارير في أعلى حالاتها عند إستخدام مصطلح "جرائم الحرب" ولم تصل بعد إلى السقف الأعلى "حرب الإبادة" نوعية الصراع المسلح هي من تحدد التسمية ، الأمر الذي يمكن رصده هو أن تلك المنظمات لديها مصادر معلوماتية على درجات عالية من الدقة حيناً وبعض التساؤلات التي تفتقر إلى الدقة في أحيان أخرى ، لكن الأمر المسّلم به هو أن القائمين على معظم المنظمات المتصارعة يشتغلون وفق رؤية إنتقائية ليست بالضرورة خاطئة فما يقدم في مثل هذه الحالات من طرف ضد الآخر لايؤخذ به ويخضع للتدقيق من قبل خبراء الأممالمتحدة المعنين بالصراع في اليمن وهي عملية تخضع لمعايير وأسس في غاية الدقة وقبل الإتفاق عليها يتم نشر الأجزاء التي حضيت بالتوافق وهو ما يعني إلغاء العديد من العناوين والمضامين لتلك التقارير ،لكن التركيز عادة ما يكون على قمع الحريات والسجون الغير قانونية وإستهداف المدنيين والإعتقال التعسفي ومنع وصول المساعدات وفي هذه الجزئية تحديداً أذكر أن العديد من المنظمات في الداخل اليمني بمختلف توجهاتها السياسية إشتغلت على هذه الجزئية وأكدت في تقاريرها تورط الجميع في عدم ايصال المساعدات الغذائية وبمافي ذلك الشخصيات الإجتماعية في العديد من مناطق اليمن وحتى بعض المنظمات الدولية المعنية. الأمر الذي يعنينا كيمنيين من تلك التقارير وفي ضوء حرب المنظمات المستعرة بضراوة هو الحقيقة وما إذا كانت تلك التقارير ستعمل على تحريك السلام في اليمن لايعنينا ولا يهمنا كثيراً وصفية التقرير الأممي للميلشيات الحوثية بسلطة الأمر الواقع ولزعيم التمرد بقائد الثورة بالقدر الذي يعنينا كشف الحقيقة ، فلا مكان هنا للإنتقائية عندما نأخذ جزءً من تلك التقارير لإدانة طرف ونرفض جزءً آخر منها وهو السؤال الذي يلح بطرحه طالما وأن مجلس الأمن وقرارته هي المنطلقات للشرعية في اليمن وهو الجهة التنفيذية للأمم المتحدة فلماذا نرفض ماصدر تباعاً من قرارات أزعم أنها لاتدين الحكومة الشرعية التي تتعرض هي ذاتها للإقصاء والتهميش ويتم التضييق عليها طوال فترة الصراع ممن هم محسوبين كحلفاء وفي صف الشرعية فحيناً تفتح لها جبهة في سقطرى وحيناً في عدن وحيناً أخرى في المهرة وحيناً توضع أمامها العقبات الاقتصادية لشل حركتها وإسقاطها ، الدكتور أحمد عبيد بن دغر وهو الشخصية الوطنية المعروفة يعي جيداً حجم المؤامرة على حكومته ، التحالف يسعى لزيادة حالة التشظي في اليمن ويعمل على الإبقاء على الشرعية ضعيفة والحوثيون كحركة تمرد تسكلجت على الحرب وعلى الفوضى السياسية الناتجة عن غياب الدولة في مناطق التمرد وضعفها في المناطق المحررة ،لتكن التقارير لصالح الحكومة أياً كانت مضامينها فمن الخطأ ومن غير المنطق أن يصدق كل ذي عقل وبصيرة أن التقارير الأخيرة تدين الحكومة الشرعية هي تدين الممارسات التي تحدث في مناطق سيطرة الشرعية ولكن من هي الجهات التي قامت بتلك الممارسات ؟! الحكومة رفضت التقرير الأممي الأخير حول الإنتهاكات ومنع المساعدات الغذائية وهذا خطأ مركب فمن الناحية الواقعية الذي يقوم بتلك الأنتهاكات ليست أجهزة الدولة اليمنية الواقعة تحت سيطرة حكومة الدكتور بن دغر وأنما مجاميع وقوى سياسية تتواجد في مناطق الشرعية وهذا الخطأ الذي وقع فيه فريق الخبراء ، ايضاً ومن الناحية الواقعية المنظومات العسكرية التي خارج نطاق سيطرة الشرعية في مناطق الشرعية هي المعنية بتلك الإنتهاكات وليس حكومة الدكتور بن دغر هذا اذا أردنا النظر بعمق إلى المسألة وقد إعترف التحالف من خلال الناطق العسكري بذلك في أكثر من حادثة ،ومن الخطأ أن تنبري بعض الأصوات في الشرعية اليمنية للدفاع في الموقع الخطأ " كاد المريب أن يقول خذوني " ليس للشرعية كمنظومة سياسية أي تجاوزات يمكن أن يسقطها التقرير الأممي الأخير عليها ،يحدث ذلك في ظل غياب أو تغييب للمنظومة الفاعلة التي يمكن أن تشكّل المرجعية حال المنظمات المتصارعة نتاج طبيعي وحتمي لتحييد الرأي الحر في ظل حالة الأحتواء الناتجة عن "بازار" الإستقطاب السياسي الذي لم يتوقف منذ العام 2015م وحتى اللحظة .