• لأسباب عديدة، حظيت العلاقات بين ألمانياواليمن بتميز وخصوصية, بل و أوجه تشابه والتقاء في الإطار العام لبعض التجارب الإنسانية, علاقات قديمة تمتد لأكثر من 400 عام عندما زار الالماني هانس فيلداليمن في 1606م، لينشر كتابا عن الزيارة،و زيارة الألماني الشهير كريستيان نيبور ضمن البعثة العلمية الدنماركية لليمن وكتابة الشهير حول الرحلة وعن اليمن والذي يعتبر من أهم الكتب عن اليمن وشبه الجزيرة العربية, مرورا بتدشين العلاقات الدبلوماسية رسميا في العام 1927، ومن ثم استعادة العلاقات الرسمية في 1969، وصولا الى يومنا هذا الذي تحظى فيه اليمن باهتمام الماني كبير على المستوى الرسمي والشعبي ودعما سياسيا وانسانيا في مواجهة المأساة التي يعيشها الشعب اليمني. • لطالما مدت المانيا يد العون والمساعدة لليمن، ففي 1999 وصلت المساعدات الألمانية لليمن لمليارمارك، وفي 2006 جاءت المانيا في المرتبة الأولى في قائمة الدول المانحة لليمن، ومن الطبيعي ان هذا الاهتمام استمر عقب المعاناة اليمنية الأخيرة وقدمت المانيا في 2018 مائة مليون يورو مساعدات اغاثية لليمن و 65 مليون يورو مساعدات إنمائية لتأخذ مكانها الطبيعي في طليعة الدول الداعمة لليمن إنسانيا. • و وقفت المانيا بوضوح مع الشعب اليمني معلنة موقف مؤيد للقرار 2216 القاضي بإنهاء الانقلاب في اليمن,وهو موقف معلن وصريح وثابت، بل وتعمل المانيا بجد على تقديم رؤى وأفكار مفيدة فيما يخص العملية السياسية في اليمن من خلال دعم وزارة الخارجية الألمانية لمنظمة بيرجهوف الألمانية والتي تعمل على عقد حلقات نقاش لسياسيين يمنيين لتوليد أفكار يستفيد منها المبعوث الخاص في جهوده للوصول الى السلام في اليمن. • من اكثر ما يميز الحالة الألمانية اليمنية هو الدفء والاهتمام الكبير من قبل الشعب الألماني باليمن, والمكانة الخاصة لليمن في قلوب الالمان، ففي الفترات التي كانت اليمن تستقبل فيها السياح، كان العدد الأكبر من هؤلاء السياح من المانيا، وحرص الالمان دائما على الجوانب الثقافية والاثرية ففي 1979 تم افتتاح معهد الاثار الألماني والذي قدم خدمات جليلة في هذا الجانب، و1999 افتتاح البيت الألماني ليكون مركز لتعليم اللغة الألمانية والنشاط الثقافي المشترك،وفي 2004 افتتح مبنى البيت اليمني في هانوفر في ارض المعارض الدولية ويعرف بقصر اليمن، وحظيت اليمن بزيارات من قبل عدد من الادباء والمفكرين الالمان من اهمهم المفكر والاديب الألماني غونتر غراس • ثم ان الجدير بالتأمل والتفكير، ما تحمله الرسائل الألمانية للبشرية والإنسانية ككل وليس فقط لليمن، من دروس تاريخية هامة، وليس المقصود هنا بأي حال من الأحوال عقد مقارنة بين بلد ثري ولديه إمكانيات كبيرة وبلد متواضع الإمكانيات مثل اليمن، ولكن الأكيد ان العبرة والفكرة المستخلصة مفيدة وجديرة بالاستيعاب، ومن الرسائل الألمانية وجدت ان الأكثر أهمية للتأمل نظرا لما تعانيه اليمن مؤخرا، هي رسالة النضال المرير والتضحيات التي قدمها الشعب الألماني للتخلص من النظام والفكر العنصري المتمثل في حكم النازي الذي اعتمد نظريات فكرية امنت بتميز العرق الأري واحقيته بالاستحواذ منفردا على السلطة والثروة وفرق بين البشر متسببا بكارثة كبرى تمثلت في الحرب العالمية الثانية، والتي كان الخاسر الأكبر فيها هو الشعب الألماني نفسه، وفي الوقت الذي حارب العالم بأكمله ليتخلص ويخلص الشعب الألماني من هذا النظام العنصري، فإن الرفض وعدم القبول من الشعب الألماني مثل العنصر الأهم في التخلص من الفكر النازي، فبعد كل تلك المعاناة لم يعد هناك في المانيا من يقتنع او يقبل بالنظام النازي العنصري. وفي مسيرتها الإنسانية والفكرية والسياسية قدمت المانيا الكثير من الرسائل للعالم، معاناتها في الحرب الباردة، تقسيمها بين شرقية وغربية ومعاناة الالمان الكبيرة جراء هذا التقسيم، نجاحهم في إعادة توحيد البلاد مع العلم انه وحتى يومنا هذا لازال هناك وبشكل دائم انتقادات وتصويبات وعمل مستمر لتجاوز أي تحديات افرزتها إعادة الوحدةوالتي تمت في الاساس عبر تشكيل فيدرالية من 16 ولاية المانية. • ان العلاقات اليمنية الألمانية هي مبحث كبير وهام ولا يمكن تناوله عبر مقال، لكن الأكيد ان المرور على تميز العلاقات مع بلد هام مثل المانيا أمر يستحق التأمل، والأكثر مدعاة للتأمل والتفكير هو تلك التجارب المهمة في التاريخ الألماني والتي لديها قاسم مشترك مع كثير من شعوب العالم ومن ضمنها بلادنا في الاطار العام لها. • الرسائل الألمانية لليمن واليمنيين عديدة...وتبقى الرسالة الأهم هي استفسار نسمعه كلما التقينا بصديق الماني....متى نستطيع ان نزور اليمن؟ • قريبا بإذن الله