للولادة والخلق تسعة أشهر لتبلور النطفة التي تتحول الى جنين ثم كائن حي تشتد سواعده ليدرج في مرابع الارض يبني ويعمر ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ ﴾. ولليمن مخاضه وولاداته التي ساح قطرانها ليملاءْ الشوارع والنفوس بسواد قاتم لكل مرحلة عمرية يجتازها او نجتازها نحن أبناء هذه الارض الذين أفعمتنا الخيبات بخيوطها الصدئة تشدنا نحو قاع مظلم لاقرار له. هل اليمن بحاجتها القصوى الا نبيّ مادام سكانها لا تتفتح اذهانهم سوى لغيب أعلى يأتيهم من فوق جماجمهم مخاطبا بنبراسه وواضعا تعاليمه ليلتفوا حوله بتسليم وإيمان المطلق اللانهائي. شهران في عمر زمني لجيل يزحف نحو شيخوخته أحدب الظهر محني القامة شزر نظراته غائمة نحو بصيص ضوء يمنح الدفء والنماء لأفراخ لم يكتمل نموها ،تبحث في مخلفات المد والجزر عن "ودعات الحظ"ليكتب إسمان في طياتها :"سبتمبر ،أكتوبر" في سمواتهما كان الصغار يتغنون وتركض سيقانهم الصغيرة خلف أحلام الكبار لأجلهم ببروق لامعة وغيث مخصب. لكن النبي خلف الغيم في سمواته عازفا عن نبوته ومخلفاَ لمن في الأسفل الحلم النائم عن الحاكم الأب الرحيم الذي يسعى في الطرقات ليلا ليحقق نبراسه العادل لرعيته النائمين في مرابع الأمنيات . غاب الوحي وتاهت الوصايا في نَبْشْ ذاكرة جمعية لا يفوح منها سوى عبق الخثر الفاسد وروائح الجيف التي تساقطت في حلول "الجزر" المنسحب نحو غور العدم. ضاعت ودعات الحظ في كذبات النبوة الموهومة ،تلاعبت العرافة بوصايا الأزمان القادمة ووضعت للأحلام أصبغة لاتذوب في جولات الزمن الموهوم وترقبات أزمنة قادمة. تعسرت الولادات بخروج أجنة مختلة عقولها ومعاقة حركتها إلا نحو جنونها الذي يخلف الدمار في الأقاصي شمالا وجنوبا،شرقا وغربا،بل وفي إحتداب البوصلة.فضاع الأتجاه وسكن الزمن إلا من زحف البوم خارجة من أوكارها تخفي الشمس وتنشر العشىى الذي يغشي البصر ويضيع البصيرة. وبعد....هل هناك فسحة من أمل؟ "أه يا وطن على الورق الحلم فيك على الورق والعلم فيك على الورق" الشاعر "احمد فؤاد نجم