قال الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور رئيس جامعة عدن أن: "البيئة لم تعد قضية محلية تهم بلداً بعينه بل أضحت قضية دولية تهم الإنسان في كل مكان بالعالم لان الجميع يعيشون تحت سقف واحد ويتأثرون بكل المتغيرات التي تحدث في الأرض ومحيطها". وأوضح بن حبتور في حفل الافتتاح لفعاليات ورشة العمل الخاصة ب "التغيرات البيئية في مدينة عدن، مشكلات وحلول" التي عقدت اليوم الأحد (22 نوفمبر 2009م)، ونظمها مركز دراسات وعلوم البيئة بجامعة عدن في قاعة ديوان الجامعة، أن قضية البيئة هي قضية عامة ينبغي على الباحث أن يوليها جل اهتمامه ويتطرق إليها برؤية علمية مسئولة ومدروسة وحيادية مبنية على سلسلة من المعطيات والتجارب. وأشار بن حبتور إلى أن العالم مقبل على كوارث بيئية جراء ظاهرة الاحتباس الحراري ومضاعفاته التي ستؤدي إلى ارتفاع منسوب مياه البحار إلى متر خلال المائة سنة القادمة مما يتوجب حماية المدن الساحلية وعدم الإضرار ببيئتها ورفع الوعي البيئي لدى المجتمعات بالمخاطر التي تتهدد البيئة. ونوه إلى الأضرار التي لحقت بالبيئة في اليمن في جوانب عدة كالاستغلال غير الرشيد للحوض الجوفي للمياه بمحافظة صنعاء مما أدى لاستنزافه وتهديد المدينة بنضوب مياه الشرب، وما يجري من ردم للبحر في عدة مناطق يمنية وعدم تدوير المياه العادمة والنفايات الصلبة وما تتعرض له الأشجار من إهمال ومنها شجرة المريمرة التي تحمل فوائد بيئية وصحية لا حصر لها مما يستدعي الحفاظ عليها وحمايتها واستزراعها بكثافة. وتطرق الدكتور بن حبتور إلى المخاطر البيئية التي تتعرض له المحمية الطبيعية في منطقة الحسوه بمحافظة عدن والمتمثلة في تدفق المياه العادمة الملوثة على أراضيها التي تنتج خضروات ملوثة تؤدي إلى إصابة المستهلكين بالمحافظة بإمراض خطيرة, وكذا مايتم توزيعه للفلاحين في منطقة العلم من مخلفات للمياه العادمة الراكدة على أنه سماد ويتم استخدامه في الزراعة دون وعي بمخاطرة السامة على الصحة العامة. ودعا المشاركون في الورشة إلى الاضطلاع بدورهم العلمي لإجلاء الصورة الحقيقية عن القضايا البيئية الضبابية في وعي المجتمع وإبراز ذلك في بحوثهم ونقاشاتهم وتوصياتهم في ورشة العمل هذه لأن البيئة هي أمانة نحملها للأجيال القادمة والمطلوب منا الحفاظ عليها. من جهته ذكر الدكتور عبدالعزيز عبدالله مقبل مدير مركز دراسات وعلوم البيئة بجامعة عدن في كلمته التي ألقاها بالحفل أن التغير المناخي يشكل تهديدا متصاعدا للصحة العامة لسكان العالم..، موضحا أن هذا التهديد غير متكافئ لأنه يشكل خطر عظيم على سكان الدول النامية وخاصة شرائح الفقراء منهم والذين يساهمون بشكل أقل في مشكلة التغير المناخي في العالم. وأفاد الدكتور عبدالعزيز عبدالله مقبل أن التلوث الهوائي في المدن الحضرية أدت إلى وفاة نحو مليون نسمة على مستوى العالم، و1,5 مليون وفاة جراء التلوث في البيوت والمصانع (الأماكن المغلقة)..، منوهاً أن الدول الساحلية هي أكثر المدن في العالم عرضة للتلوث. وتطرق مدير مركز دراسات وعلوم البيئة بالجامعة إلى أن عدن باعتبارها مدينة ساحلية تعرضت منذ الأربعينيات من القرن الماضي (القرن العشرين)، وحتى الآن لتغيرات بيئية كبيرة شملت التوسع العمراني وخصخصة المتنفسات والبناء العشوائي وردم السواحل وتجريف الجبال وغير ذلك أضر بالكساء النباتي والبيئي الذي كان يميز كثير من المناطق فيها. ودعا الدكتور عبدالعزيز عبدالله مقبل في ختام كلمته إلى بذل الجهود للحفاظ على البيئة واستغلال المياه العادمة والترشيد في استهلاك المياه وإبعاد محطات الوقود والتغسيل عن المناطق الحساسة مثل الملاحات وغيرها وتدوير النفايات..، مقترحا القيام بدراسة متكاملة للمواقع البيئية بمدينة عدن والبدء في إدارتها وذلك للسير في اتجاه المدن الخالية من التلوث ومشاركة العالم في التصدي للتغير المناخي العالمي. إلى ذلك أوصت ورشة "التغيرات البيئية في مدينة عدن، مشكلات وحلول" في ختام أعمالها بدراسة المواقع البيئية الحساسة في محافظة عدن على المستوى البحري والبري، ودراسة المواقع ذات التأثير البيئي الضار والحد منها. كما دعت الورشة إلى التنسيق التكاملي بين الجهات المختلفة ذات العلاقة أو المعنية بالبيئة، ومنع التوسع العمراني في المساحات الخضراء، واستغلال المياه العادمة بعد معالجتها في ري المساحات الخضراء وفق الشروط المقيدة، والاهتمام بشجرة المريمرة والتركيز عليها أثناء تشجير المحافظة. وحثت التوصيات على الاهتمام بأوضاع المختبرات خصوصا المعمل المركزي – جامعة عدن لعمل الأبحاث العلمية والدراسات اللازمة حول المياه العادمة المعالجة وتأثيراتها البيئية. ودعت توصيات الورشة إلى الاستعداد لتحضير الندوة العالمية لبيئة عدن والمحافظات الجنوبية، وتأسيس غدارة منسقة بالتخطيط الحضري وإدارته في المدينة مكونة من اختصاصات ومؤسسات متعددة تكون تحت الإشراف المباشر من المحافظ، وتفصيل قرارات المجلس المحلي للمحافظة ومكتبة التنفيذي الخاصة بالحد من التوسعات العمرانية غير المخططة (العشوائية) وعدم السماح بها. وطالبت التوصيات بإعادة النظر في إستراتيجية التنمية الاقتصادية المحلية لمدينة عدن أهدافا ومؤشرات واتجاهات وأساليب مع ضرورة التحديد الدقيق والمعلن للوظيفة الرئيسية لمدينة عدن والوظائف المحددة لكل مديرية فيها ودور المشاركة المجتمعية في ذلك. وأكدت الورشة في توصياتها على ضرورة مراعاة تحديد الساحات الخضراء والمساحات الفراغية في مخططات وحدات الجوار بما يحقق جمالة التخطيط والتواصل الاجتماعي وتعزيز الانتماء الحضري للمدينة. وقد أقيم على هامش فعاليات الورشة معرضا للصور البيئية أبرز المواقع البيئية في اليمن وأنواع الحيوانات والطيور المتوطنة والمهاجر والمساحات الخضراء والمسطحات المائية البحرية والعذبة التي تمتاز بها بعض المناطق اليمنية. وكانت الورشة قد ناقشت خمسة أبحاث علمية رئيسية تناول البحث الأول (إشكاليات بيئية للنمو العمراني في محافظة عدن – قراءة جغرافية) والمقدم من الدكتور/أمين علي محمد حسن، فيما تطرق البحث الثاني المقدم من الدكتور/عبدالرحمن علوي بن يحي إلى (المياه العادمة في عدن، أهميتها وتأثيراتها البيئية)، أما البحث الثالث والمقدم من الباحث/وديع ألأغبري والباحثة/أماني قردش فكان عن (الغطاء النباتي المزروع في عدن وعلاقته بالتغيرات المناخية محليا – دراسة بيئية تقييميه)، في حين عنون البحث الرابع ب (التغيرات البيئية المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري) وقدم من الدكتورة/ندى السيد حسن أحمد، أما البحث الخامس والأخير فكان مقدم من الباحثة/أماني قردش والدكتور/وديع ألأغبري وتناول (شجرة المريمرة – النيم). حضر فعاليات الورشة نواب رئيس جامعة عدن وعمداء الكليات ومدراء المراكز العلمية بالجامعة وممثلين عن الهيئة العامة للبيئة بمحافظة عدن، وحشد من المهتمين.