بين مقتل عشرة عسكريين في يوم واحد والتوتر بين البيت الأبيض وقيادة القوات الأجنبية، تبدو القوات الدولية في افغانستان عالقة في دوامة، بينما يشن جنودها هجوما حاسما ضد طالبان في جنوب البلاد. ومع خمسة جنود أمريكيين وثلاثة استراليين وكندي وبريطاني قتلوا الاثنين في تحطم مروحية وهجمات في جنوب البلاد وشرقها، يتتابع المسلسل الأسود للحلف الأطلسي في افغانستان حيث تشهد قواته أحد أكثر الأشهر دموية منذ الإطاحة بنظام طالبان أواخر 2001. فحتى اليوم قضى 65 جنديا أجنبيا في افغانستان في حزيران(يونيو) من أصل 285 قتلوا منذ مطلع العام في العمليات العسكرية الجارية في افغانستان، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى موقع آيه كاجولتيز الألكتروني المستقل. ومنذ 2005 شهد التمرد المسلح الذي تقوده حركة طالبان تصاعدا كبيرا، ينتهي كل عام بحصيلة قتلى أكبر من العام الذي سبق سواء لجهة القتلى العسكريين أو المدنيين. ولكن مع بدء تطبيق استراتيجية مكافحة التمرد أواخر 2009 وشن هجوم ضخم في شباط(فبراير) في مرجة في ولاية هلمند، هو الأكبر من نوعه منذ سقوط نظام طالبان، والعملية العسكرية الجارية في قندهار، تطمح القوات الدولية إلى قلب مجرى الحرب وتحقيق الانتصار. إلا أن ما نشرته الصحافة الأمريكية عن خلافات بين قائد القوات الدولية في افغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال والبيت الأبيض، والرحيل المبكر من كابول للمبعوث الخاص البريطاني، عوامل تعزز علامات الاستفهام المطروحة حول مدى الوحدة في التحالف الدولي والالتزام بالاستراتيجية التي أعلنها الرئيس الأمريكي باراك اوباما. ففي مقابلة مع مجلة رولينغ ستون الأمريكية، سخر ماكريستال من نائب الرئيس جو بايدن المعروف بمعارضته لاستراتيجيته في افغانستان، وقال "تسألني عن بايدن؟ من هو هذا الرجل؟". كما قال ماكريستال في المقابلة نفسها إنه شعر بأنه تعرض "للخيانة" من قبل السفير الأمريكي في كابول كارل ايكنبري العام الماضي خلال نقاش في البيت الأبيض حول الاستراتيجية في أفغانستان. ونقلت المجلة عن مستشار لماكريستال لم تكشف هويته قوله أن الجنرال لم يعد بانطباع جيد من لقاء مع اوباما في البيت الأبيض بعيد تعيينه على رأس العمليات في افغانستان، وقال "كان لقاء استمر عشر دقائق بغرض التقاط الصور". وتابع "لم يكن اوباما يعرف شيئا عنه وعمن يكون (...) لم يبد الكثير من الاهتمام"، مؤكدا أن ماكريستال "خاب أمله كثيرا". وإثر هذه الانتقادات الساخرة تم استدعاء ماكريستال إلى البيت الأبيض لكي يدافع عن نفسه. وقال مسؤول كبير في الإدارة لوكالة فرانس برس الثلاثاء أن الجنرال ماكريستال استدعي "للمشاركة شخصيا وليس عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة" في الاجتماع الشهري حول افغانستان وباكستان والمقرر الأربعاء في البيت الأبيض، وذلك "كي يشرح للبنتاغون وللقائد الأعلى للقوات المسلحة (الرئيس اوباما) التصريحات التي أدلى بها في هذا المقال بشأن زملائه". في موازاة ذلك، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية مغادرة المبعوث البريطاني الخاص إلى افغانستان وباكستان شيرارد كولر-كولز في "إجازة طويلة". ويأتي هذا التطور قبل انعقاد مؤتمر دولي مهم في كابول في 20 تموز(يوليو) ينظمه كل من الرئيس الافغاني حميد كرزاي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وبحسب صحيفة الغارديان البريطانية فإن السير شيرارد، أحد أكثر الدبلوماسيين البريطانيين خبرة، كان في نزاع مع المسؤولين الأمريكيين والحلف الأطلسي بشأن الاستراتيجية: فهو يعتبر أن استراتيجية مكافحة التمرد بواسطة القوة العسكرية محكومة بالفشل وأن الحل يكمن في التفاوض مع حركة طالبان. وتأتي هذه المعلومات الصحافية، وما لها من أثر سيء على القوات الدولية، بعيد أيام من الانتقادات التي وجهها البنتاغون إلى صحافيين اتهمهم بتقديم صورة سوداوية عن الوضع في افغانستان. وقال المتحدث باسم البنتاغون جيف موريل "نحن بعيدون عن أن نكون كاملين. لدينا الكثير لفعله في هذا المجال". وأضاف "ولكن فكرة أن ليس هناك تقدم يحرز هي فكرة مغلوطة"، مشيرا إلى أن الصحافيين لديهم نظرة غير كاملة عن النزاع برمته.