منذ فترة بعيدة عزفت عن تحليل مباريات منتخبنا الوطني؛ اعتقادا منِّي بأن تطوّر المنتخب مرهون بأشياء كثيرة من بينها تطوّر المسابقات المحلية وإقامة مسابقات الناشئين والشباب وسلامة تطبيق اللوائح الخاصة بالمسابقات واختيار الكفاءات في لجان اتحاد الكرة المختلفة وتوفير المال بشكل منظّم الداعم لإقامة النشاط الداخلي والخارجي، وغيرها من النقاط الضرورية لتطوّر أي كرة في العالم، لكنِّي اليوم أجد نفسي مضطرا لتناول حالة منتخبنا الوطني بشيء من التحليل الفني لمنتخب يستعد لاستضافة خليجي20، وهي المسابقة غير المعترف بها حتى الآن من قبل الاتحاد الدّولي لكرة القدم (فيفا) من خلال بطولة رسمية، وهي بطولة غرب آسيا، وهنا تكمن المفارقة؛ نظرا لحساسية بطولة الخليج بالنسبة لشعوب المنطقة. وقبل أن أبدأ بتناول الحالة الفنية لمنتخبنا الوطني أمام العراق الشقيق والتي خسرها منتخبنا في 45 دقيقة فقط، وقدّم فيها منتخبنا وجهين، وجها في الشوط الأول وآخر في الشوط الثاني؛ جعل البعض يتهكّم على المنتخب بالقول إننا بحاجة في البطولات التي نشارك فيها لمنتخبين؛ منتخب للشوط الأول ومنتخب للشوط الثاني، أتساءل: هل يمكن لعجوز شمطاء أن تعود صبية مهما حدث لها من عمليات تجميل وشدِ للوجه؟!! ربما تتحسن صورة هذه العجوز، لكن الزمن تبقى آثاره واضحة، وهذا هو حال منتخبنا الوطني الذي يفتقد للبناء والإعداد الصحيح من خلال المسابقات المحلية القوية التي تفرّخ كل موسم أكثر من نونو، وأكثر من سالم عوض، ومهما أقمنا من معسكرات للمنتخب من دون الرجوع إلى الأسباب الحقيقية، فإن التطوّر سيظل محدودا ولا يتجاوز تقليل الأهداف التي تلج مرمانا، وهنا لُب الموضوع. *الكرة اليمنية تعجز عن إنجاب لاعب ارتكاز شيء مؤسف جدا أن تكون الكرة اليمنية عاجزة عن إنجاب لاعب ارتكاز للمنتخب الوطني. ومن خلال متابعتي لمباريات المنتخب الوطني الودِّية أو الرسمية أمام المنتخب العراقي فشل اللاعب منصر باحاج فشلا ذريعا في تقديم نفسه كلاعب ارتكاز يستطيع القيام بالوجبات الدِّفاعية وتنظيم هجمات المنتخب من الخلف (منصر باحاج بالمناسبة لاعب أعسر ولا يجيد اللعب بكلتا القدمين، وهي سلبية لا يمكن أن تتيح للاعب القيام بدوره كما ينبغي في قطع الكرات عن الخصوم والتمرير السلس لزملائه). وحقيقة أنِّي قدّمت هذا الرأي للصديق عزام خليفة رئيس اللجنة الفنية ومساعد المدرب أمين السنيني الذي صدمني بالقول إن لاعبي الارتكاز محدودون في اليمن، وكان آخر ارتكاز محترم هو اللاعب فضل العرومي الذي تقدّم في العُمر. وإحقاقا للحق أقول: إن الذنب ليس ذنب منصر باحاج فهو لاعب جيّد عندما يلعب جناحا أيسر، لكنه لا يستطيع اللعب في هذا المركز. *مباريات كرة القدم 90 دقيقة بالنظر لمباراة المنتخب أمام العراق فإن منتخبنا قدّم كل ما لديه من خلال شوط المباراة الأول من خلال الضغط على الخصم في ملعبه والتركيز الجيّد ومنع لاعبي المنتخب العراقي الخطرين من اللعب من دون رقابة، فعمل مدرب منتخبنا على تكثيف الوسط من خلال خمسة لاعبين، هم: هيثم الأصبحي، منصر باحاج، علاء الصاصي، أكرم الورافي، وخالد بلعيد ونجحوا في شوط المباراة الأول في إغلاق المنافذ نوعا ما على المنتخب العراقي واللعب على الهجمات المرتدة، مستغلين الحالة الفنية الطيبة لعلي النونو؛ لكن كرة القدم ليست شوطا واحدا فقط. ومن خلال الشوط الثاني نجح المنتخب العراقي في تلافي أخطائه في الشوط الأول، وفطن المدرب الألماني سيدكا أن المنتخب اليمني لن يكون بمقدوره الضغط على المنتخب العراقي طوال شوطي المباراة، فطلب من لاعبيه التمرير خلف المدافعين واستغلال الكرات العرضية، فنجح بكرتين من تسجيل هدفين من كرات عرضية تلعب من اليمين إلى السيار، وكان المنتخب العراقي قادرا على تسجيل أهدف أخرى لولا نجومية الحارس سالم عوض. السؤال الذي تسلل إليَّ وأنا أشاهد المباراة: لماذا لعب منتخبنا الوطني مبارياته الودية 4-4-2، ولعب في المباراة الرسمية 4- 5-1؟ ولماذا لم يطالب ستريشكو لاعبيه بتوزيع الجُهد خلال المباراة، أو حتى على الأقل مباغتة المنتخب العراقي بهدف آخر في بداية الشوط الثاني لقتل المباراة. *منتخبنا بلا أطراف يعرف الفنيون جيدا أن منتخبنا الوطني يعاني تماما من ظهيري الجنب؛ حمادة الزبيري وعارف ثابت. فالأول لا يستطيع القيام بأدوار هجومية، والثاني لاعب ممسك بالأساس، ولم يتأقلم مع مركز الظهير الأيمن الذي يمكن أن يشغله اللاعب أوسام السيد جيّدا، إن كان بحالة فنية طيبة. ومن هنا، فإن بطولة غرب آسيا التي شاركت فيها المنتخبات بفرق رديفة كشفت عن شارعين في الرواق الأيمن والأيسر لمنتخبنا، فكيف سيكون الحال عليه أثناء مباريات كأس الخليج التي يتواجد فيها لاعبون مهرة في منتخبات: السعودية، قطر، والكويت، الوضع يتطلّب استدعاء اللاعبين: حمادة الوادي المحترف في الدوري الأردني، ومحمد صالح يوسف لسد الثغرة الدفاعية. *أخطاؤنا مستنسخة ذات مرة، وبعد مباراة منتخبنا الودّية أمام المنتخب السوري، سألني الكابتن محمد سالم الزريقي عن رأي الفني في أداء منتخبنا الوطني؟ أجبت بأن: الفوز في المباريات الودية أو الخسارة أمر غير ذات أهمية، وأضفت أن منتخبنا الوطني تحسّنت لياقته لكنه ما زال بعيدا عن تكوين شخصية خاصة به، ويعاني كثيرا قبل الوصول إلى مرمى الخصوم، ولا يستطيع الاحتفاظ بالكرة طويلا من دون فقدها أو ارتكاب الأخطاء، وما زال هجوم منتخبنا يصفق بيد واحدة فقط هي: النونو، وهي أمور تتكرر من بطولة إلى أخرى من دون معالجة؛ لأن هذا الأمر مرتبط -كما قُلت آنفا- بطبيعة الدوري اليمني وتواضعه ومستوى المدربين في الفئات العُمرية وعدد المباريات الدولية التي لعبها كل لاعب. *منتخب الشباب أفضل من المنتخب الوطني ربما يندهش البعض حين أقول ذلك، لكني أتصوّر أن العناصر التي يضمّها منتخب الشباب أفضل كثيرا من المنتخب الوطني؛ سواء من الناحية الفردية أم من الناحية الجماعية. ولو لعب المنتخب الوطني مباراة ودية أمام منتخب الشباب لتغلّب منتخب الشباب عليه، ومن هنا أدعو الجهاز الفني للمنتخب الوطني إلى مراقبة أداء لاعبي منتخب الشباب في نهائيات آسيا، واختيار العناصر الجيدة للانضمام إلى المنتخب الوطني للمشاركة في كأس الخليج.. فهناك أكثر من لاعب جيّد، مثل: الصادق وعصام الورافي وبقشان وعلي ناصر ومدير عبد ربه وآخرون.