قبل خمسة أيام من الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان، أكد الرئيس عمر البشير أن حكومة الشمال ستكون أول المرحبين بقيام دولة الجنوب في حال اختار الجنوبيين الانفصال. وأكد البشير الذي يقوم بزيارة تاريخية لعاصمة جنوب السودان مدينة جوبا، اليوم الثلاثاء 4-1-2011، على الاستعداد لتقديم كافة أشكال الدعم الفنية والخبرات والتدريب للدولة الجديدة. وقال "نحن أولى بدعمها من أي دولة أخرى". كما دعا لإجراء عملية الاستفتاء المقبل بكل هدوء ونزاهة وشفافية دون أي إغراءات أو ضغوط. وكان قد قدم سرداً تاريخياً لمجريات عملية السلام بين الشمال والجنوب منذ توليه السلطة في العام 1989. وقال إن الحكومة في ذلك الوقت كانت رسالتها السلام كهدف استراتيجي. وتابع "كنا نعتقد أن الوحدة هي الأفضل للشمال والجنوب ولكننا رأينا أن فرض الوحدة بالقوة قد فشل، لذلك رأينا إعطاء الجنوبيين حقهم في تحديد خيارهم"، مؤكداً احترام هذا الخيار أياً كان وحدة أم انفصال. وأشار البشير في كلمته إلى أن الروابط بين الشمال والجنوب أقوى من أي دولتين. ويرى مراقبون أنه ربما تكون هذه الزيارة هي الأخيرة للرئيس البشير للجنوب في ظل دولة واحدة. وفي اتصال مع "العربية"، اعتبر رئيس تحرير صحيفة السوداني ضياء الدين بلال أن الرأي العام في الجنوب متفق مع خيار الانفصال على عكس الشمال الذي يشهد العديد من الانقسامات وعدم الثبات على موقف واضح. وتأتي الزيارة فيما تقوم حكومة جنوب السودان بإجراءات أمنية مكثفة لتأمين الاستفتاء المقرر الأحد المقبل. إذ أعلن نائب رئيس مفوضية استفتاء جنوب السودان شان ريك أن الإجراءات الخاصة بالاستفتاء في ولايات الجنوب العشر وشمال السودان باتت مكتملة، مشيراً إلى أن العدد الكلي للمسجلين قارب الأربعة ملايين، غالبيتهم سيقترعون في جنوب السودان. وقال المسؤول إن أكثر من 3.75 ملايين ناخب مدرجون على اللوائح في جنوب السودان، بينهم 116 ألفاً في الشمال و60 ألفاً في الخارج. وأكدت اللجنة التي تتلقى مساعدة لوجستية من الأممالمتحدة أنها قادرة على نقل بطاقات الاقتراع إلى كافة مراكز التصويت في الوقت المناسب مع بدء الاقتراع الأحد. وقال ريك إن "كافة البطاقات ستكون في مكاتب الاقتراع غداً على أبعد تقدير. إننا مستعدون 100% لهذا اليوم العظيم". وطلب من حكومة الخرطوم أن تدفع للجنة المبالغ التي وعدت بها لتسديد رواتب الموظفين وضمان حسن سير الاقتراع. والاستفتاء في جنوب السودان وارد في اتفاق السلام الشامل الذي وضع حداً لحرب أهلية دامت أكثر من عقدين بين الشمال المسلم والجنوب المسيحي، وأسفرت عن سقوط مليوني قتيل بين 1983 و2005. ويتوقع المحللون والسياسيون الجنوبيون والشماليون فوز خيار الانفصال في الاقتراع. إلا أن نسبة المشاركة واحترام المعايير الديموقراطية الدولية هما عنصران غير معروفين في هذه العملية. إذ يتوجب على 60% من الناخبين المسجلين على الأقل أن يصوتوا لتكون نتائج الاقتراع صالحة. ويتولى مراقبون أمريكيون وأوروبيون وأفارقة مراقبة الاستفتاء. وقال الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في بيان "نأمل في أن يساعد الاستفتاء شعب السودان على ضمان مستقبل يعمه السلام مهما كانت نتيجته". ويتوقع أن يتوجه كارتر والأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان هذا الأسبوع إلى جوبا بمناسبة هذا الاستفتاء التاريخي.