بعد المقتلتين في "تعز" يوم الاثنين وفي "صنعاء" قبل أسبوعين والمواجهات الدامية أمس، أصبح واضحا أن الرئيس اليمني لم يعد يعوّل على حلّ سياسي لإنقاذ نظامه وباشر دفع البلاد إلى حافة حرب أهلية عبر الاستخدام المبرمج للقتل المتعمد للمحتجين. يتزامن ذلك مع مؤشرين مهمين إلا أنه لم يعد يحظى بدعم كامل من الولاياتالمتحدة والسعودية للتعامل مع الأزمة ومعالجتها. فواشنطن باتت أكثر صراحة في الحديث عن ضرورة تنحي علي عبد الله صالح. أما الرياض التي رفضت التدخل سابقا، فارتأت طرح وساطة بين الأطراف اليمنية تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي. وجاء التغيير في موقف واشنطن بعد انخراط سفيرها في صنعاء في مفاوضات بين صالح ومعارضيه واستنتاجه أن الرئيس لا يريد التنحي وأنه يضع شروطا تحول عمليّا دون تحقيق الإصلاحات المطلوبة لنقل السلطة. أي أنه يريد الاستمرار في المناورة واستخدام القوة والمراهنة على الوقت. والأكيد أن الوساطة الخليجية أو بالأحرى السعودية ستصطدم بالمعطيات والعقبات ذاتها خصوصا أن كلا الطرفين وافقا على المشاركة في محادثات الرياض بناء على شروطه. فالمعارضة تريد رحيل الرئيس لا محاورته. والرئيس يريد إكمال ولايته التي تنتهي بعد سنتين والإشراف على المرحلة الانتقالية بمختلف تفاصيلها وهو ما لم يعد ممكنا. ورغم إدراك الأمريكيين والسعوديين لتعقيدات المأزق اليمني وصعوبة ضبط الوضع الأمني إذا حصل فراغ في السلطة، إلا أنهم بدؤوا يتخوفون أيضا من مراوحة الأزمة واحتمال استغلالها من جانب تنظيم "القاعدة" سواء للحصول على معدات حربية أو للانتشار في مناطق جديدة. لذلك بدأت ترجح كفة التغيير لتوضيح معالم المرحلة المقبلة على المستويين الأمني والسياسي. ويعتقد مراقبون أن تبدّل الموقف الأمريكي لا يعني الاتجاه إلى المجهول بل قد يعود إلى ارتسام ملامح واضحة لنظام بديل لنظام علي عبد الله صالح أقلّه لضمان سير عمليات محاربة "القاعدة" أو احتوائها من دون خلل أو توقف على أن يتولى السعوديون بلورة هذا البديل بالتوسط بين الأطراف اليمنية.