أكثر من أربعة أشهر وثورة الشعب اليمني تمضي واثقة الخطى في تحقيق أهدافها ، على مدى مائة وخمسين يوماً وشباب الثورة يقدمون قوافل من الشهداء والجرحى من أجل أن تثبت مدامكها وتغور جذورها . مضت الثورة شامخة الهامة تحصد كل يوم انجازات وفي كل ساعة انتصارات غير آبهة بتثبيطات المثبطين وهرطقات المستهزئين الواقفين على الطرقات والذين لا هم لهم سوى رمي الأحجار على انجازاتها . حاولنا هنا أن نجمل مكاسب وانجازات الثورة من وجهة نظر شخصية تاركا ً المجال للأكاديميين والمهتمين التعمق بشكل أكبر. ترسيخ الوحدة الوطنية وتعميقها : - نستطيع القول أن الثورة الشعبية عمقت الوحدة اليمنية في نفوس اليمنيين وجسدتها فعليا ً على الأرض فالوحدة اليوم هي وحدة هدف ، ووحدة قلوب ، ووحدة دماء ، ووحدة مصير ، تسفك الدماء في صنعاء فتدمع لها عدن ، وتحرق تعز فتنتفض المكلا ، تضرب أبين فتخرج إب وذمار تطالب بالقصاص من القاتل ، يصاب شخص في عدن أو الحديدة أو غيرها فتنتفض اليمن في كل قراها ومديرياتها ومدنها لهذا المصاب الجلل . سقطت دعوات الانفصال والاحتراب والاقتتال ، واختفت الدعوات التي سعى النظام البائس لزرعها في البلاد ، تداعى الجسد اليمني بأكمله ضد هذا النظام المتهاوي " من صنعاء إلى عدن .... كلنا نفدي اليمن " الوطن كل الوطن من شرقه إلى غربه يجمعهم حدث واحد ومصير واحد . استعادة الهوية الوطنية : - عملت الثورة على تخليص الوطن من الأمراض التي أذكاها وزرعها النظام كالمناطقية والسلالية والطائفية ، استطعنا أن نستعيد هويتنا الوطنية وأن ندفن هذه النزعات الضيقة التي غرسها النظام فينا ، تخلصت بلادنا من مثل هذه الأمراض وارتفع علم الوطن شامخا ً في كل أنحاء البلد . إبراز الشخصية اليمنية الحضارية للعالم : برزت شخصية اليمني الحضارية في الثورة للعالم بصورة ناصعة البياض بعدما شوهها النظام وأبرزها على أنها شخصية جاهلة قبلية متعصبة عدوانية سلبية ، برزت على حقيقتها على أنها شخصية حضارية ومدنية مسالمة ومتقبلة للتنوع ومتعايشة مع الغير ومحبة للسلام ومحترمة لحقوق الإنسان والمرأة والطفل ومحبة لغيرها وشجاعة ، ورافضة للعدوان حتى على من يعتدي عليها ، شخصية إيجابية ترى في السلبية موت ولا تقبل العيش تحت حكم طاغية مستبد. كسب ثقة الإقليم والعالم : استطاعت الثورة أن تكسب ثقة العالم أجمع ، وأن تجعلهم يقفون في صفها ، حتى نادى الرئيس الأمريكي من واشنطن " يا صالح عليك تسليم السلطة " وبذلت دول الخليج جهود في سبيل تحرير اليمن من نظام صالح المستبد ، وحتى روسيا والاتحاد الأوروبي والصين كل العالم وقف إلى جانب الثورة باعتبارها مشروع حياة لليمن وشعبه ، بعد أن تأكد للجميع كذب النظام وصدق الثوار ، سلمية الثورة ودموية النظام . الثورة مشروع للسلام ونظام صالح مشروع للقتل والدمار وأكبر خطر يتهدد الأمن الإقليمي والعالمي . غرس مفاهيم مدنية وسلوكيات تحررية في ذهن الشعب : تحولت ساحات الثورة إلى مدرسة لتوعية الشعب وتثقيف الجماهير بحقوقهم في التعليم ، والحرية والمواطنة المتساوية ، وسيادة القانون ، وسلوكيات المجتمع المدني ، والحق في ممارسة الحكم ، فأي شاب يستطيع أن يمارس الحكم أفضل وأقدر من صالح الغير متعلم ، لأن أقل شاب في الساحة يحمل شهادة بينما صالح رجل أمي جاهل لا يمتلك حتى شهادة أساسية وهذا ماظهر من خلال الشعارات التي رددت " يا علي سلم سلم ... نشتي رئيس متعلم " كذلك تم تعميق ثقافة عدم التبعية فالشعب ليس تابعا ً لأحد ولا مجرد حيوانات في حظيرة صالح يولي علينا أبنائه وأبناء أخيه ويسعى لتوريثنا لولده كما تورث الأنعام والأشياء. إبراز قدرات اليمن وكفاءاتها : - على مدى أربعة أشهر برزت قدرات اليمن كفاءاتها وطاقاتها ، وعلمائها ، وشبابها وشاباتها ، وقبائلها ومشائخها ، وكل واحد قدره محفوظ ، فالمشائخ لهم قدرهم ومكانتهم ، وللعلماء دورهم وأهميتهم ، وللمثقفين إسهاماتهم وتأثيرهم ، وللشباب إبداعاتهم وجهدهم وفاعليتهم وجهدهم ، وللمرأة والطفل والأكاديميين وأصحاب المهن والفن والمبدعين وغيرهم لكل مكانته وقدره ودوره. التعايش واستيعاب الجميع : - أظهرت الثورة إمكانيتها الضخمة وعظمتها في استيعابها للجميع ، وبرزت ساحات التغيير باعتبارها معملا ً حيويا ً للشعب اليمني العظيم ، فالمنتديات الفكرية والسياسية ، والملتقيات الثقافية ، والمعرض الفني الدائم ، والأندية الرياضية ، والمسرح المفتوح ، ومنصة الساحة ، والأطباء حشود من طراز رفيع ، والإعلاميون شهود الحقيقة وشهداؤها ، والجيش رديف للشعب ، والشعب رديف للجيش ، وحتى أصحاب الدراجات النارية نقلوا المصابين والجرحى وغامروا بحياتهم لإسعاف المتظاهرين ، وغيرها من القدرات والطاقات استوعبتها الثورة ووظفتها توظيفا ً صحيحاً. تعرية النظام وكشف ألاعيبه ومراوغاته : - وصف كاتب خليجي صالح بأن مراوغاته تفوق مراوغات " ساسة تل أبيب " فقد اتضح للعالم أجمع خداع وظلم وألاعيب ومراوغات وغدر وتقلبات نظام صالح في مواقفه وعدم التزامه بالاتفاقات ، وعدم احترامه للعهود والمواثيق ، واستخفافه بالناس وبالدول ، وسعيه لزرع الفتنة بين دول الخليج ، كمحاولاته لإشعال الفتنة بين قطر والسعودية ، وبين أمراء البيت السعودي ، وتنكره لقطر ومواقفها مع اليمن ، في صيف 94م ، وفي حروب صعده المتكررة ، وفي أزمات اليمن ، واتضح كذبه في تهديداته المزعومة لأمريكا بالقاعدة والسعودية بالحوثية وغيرها . سقوط رهانات وأوراق النظام : - ظل النظام يراهن على أوراق كان يعتبرها " في حقيبته الملغمه" ليفجر بها الوضع ويهدد بها العالم.لكنها تساقطت كما تتساقط أوراق الخريف بفعل استمرار الثورة ووعي الشعب . الحرب الأهلية ، الانفصال ، القاعدة ، الحراك ، شمال الشمال ، جنوب الجنوب .كلها فزاعات استخدمها صالح لتخويف الداخل والخارج لكن شخصيته انكشفت للجميع واقتنع الكل بقبحه وعدم صلاحيته لليمن .