هيمنت أجواء من الإحباط الجماعي على مفردات مشهد الاحتشاد الأسبوعي لأنصار حزب المؤتمر الشعبي العام “الحاكم” في ساحة العروض بميدان السبعين بصنعاء، إثر تخلف الرئيس اليمني علي عبدالله صالح عن العودة إلى البلاد أمس الجمعة، وهو ما مثل صدمة للكثير من مؤيديه الذين انساقوا وراء ما روجت له بعض التسريبات من تحديد مسبق لموعد عودة الرئيس . وتقاطر عشرات الآلاف من أنصار الحزب الحاكم إلى الباحة الرئيسة الداخلية لمسجد الصالح والساحات الخارجية الملحقة به للاستماع لخطبتي “جمعة حماة الوطن” اللتين كرستا في مجملهما للتنديد بمحاولات أحزاب المعارضة وبعض القوى المناهضة للنظام والمؤيدة للثورة الشبابية، استغلال الغياب القسري للرئيس صالح عن البلاد والظروف الصحية الطارئة التي يعانيها، لتمرير ما وصف ب”المؤامرة الهادفة إلى قلب نظام الحكم والاستحواذ على السلطة عبر ممارسة الضغوط على شخص نائب الرئيس والقائم بمهام رئيس الجمهورية” . واتهم خطيب مسجد “الصالح” المعتصمين بساحة التغيير والقوي القبلية والعسكرية التي تقف وراءهم بالتسبب في الأزمات المعيشية الخانقة التي باتت تحاصر المواطن اليمني البسيط من خلال تفاقم مشكلات شح الوقود وانعدام اسطوانات الغاز وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتذبذب الأوضاع الأمنية في العاصمة والمدن الرئيسة . واعتبر الخطيب أحمد الرقيحي أن “الإصرار على كسر عصا الطاعة على ولي أمر اليمنيين الرئيس علي عبدالله صالح يمثل إمعاناً في إغضاب الله تعالي الذي شدد على إلزامية طاعة ولي الأمر وعدم الخروج عليه”، مشيراً إلى أن الأزمة السياسية القائمة استفحلت تداعياتها إلى حد كاد أن يحرم اليمنيين من قائدهم ورئيسهم الذي استهدف، وهو في أحد بيوت الله، ما يعكس النزعة الإجرامية لمنفذي محاولة اغتيال الرئيس صالح . وطالب خطيب مسجد الصالح اليمنيين كافة بالالتفاف حول قيادتهم السياسية الشرعية والتصدي لمحاولات من وصفها ببعض القوى المغرضة الاستحواذ القسري على السلطة عبر الانقلاب على الشرعية الدستورية القائمة . وتوجه أنصار الحزب الحاكم في هيئة مجموعات عقب أدائهم لصلاة الجمعة إلى ساحة العروض الرئيسة التي تتوسط ميدان السبعين لتدشين فعالياتهم التأييدية بذات النسق الأسبوعي المعتاد للنظام الحاكم وهرمه الجريح، حيث تعالت أصواتهم مرددة هتافات التأييد والتمنيات بالشفاء للرئيس وكبار مساعديه الذين أصيبوا في معيته . تصدرت فعاليات أنصار الحزب الحاكم لافتات تضمنت عبارات منددة بالمساعي القائمة لإحداث الانتقال السريع والسلس للسلطة والضغوط الداخلية والخارجية التي تمارس على شخص نائب الرئيس لحثه على الإسهام في تحقيق هذا الانتقال للسلطة من قبيل “لا لدعاة الفتنة والطامعين في السطو على السلطة”، “من يريد السلطة عليه أن يثبت أهليته عبر صناديق الاقتراع”، “كلنا حماة للشرعية الدستورية” . وسيطرت أجواء ملموسة من الإحباط على مظاهر الحماس الاعتيادية في صفوف أنصار الحزب الحاكم للبقاء في ساحة العروض حتى انتهاء الفعاليات التأييدية المحددة من اللجنة التنظيمية، حيث لوحظ تسرب العديد من هؤلاء إلى مخارج ساحة العروض ومغادرة الميدان قبيل اختتام فقرات المهرجان الخطابي الذي شارك فيه عدد من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأحزاب التحالف . وعبر نور الدين أحمد المطري، أحد المشاركين في فعاليات أنصار الحزب الحاكم بميدان السبعين والذي سارع مع آخرين من مؤيدي الرئيس إلى مغادرة ساحة العروض قبيل انتهاء الفعاليات في البرنامج المعد من اللجنة التنظيمية في تصريح ل”الخليج” عما وصفه بمشاعر الإحباط التي بدأت تتسلل إلى نفوس العديد من أنصار الحزب الحاكم ومؤيدي الرئيس صالح نتيجة التضارب في الروايات حيال تحديد حقيقة الوضع الصحي للرئيس علي عبدالله صالح وعما إذا كان سيعود إلى البلاد أم سيتنحى من الخارج . من جهته اعتبر عبدالعزيز حسن أحمد الكميم، أحد الناشطين في أوساط المتظاهرين من أنصار الحزب الحاكم أن الأوضاع في البلاد بدأت تتجه فعلياً إلى سلب السلطة واستغلال غياب الرئيس صالح لفرض الانتقال الفوري لها من يد الرئيس إلى أيدي المناوئين للنظام الحاكم، مشيراً إلى أن ثمة إحساس محبط يتقاسمه العديد من مؤيدي الرئيس علي عبدالله صالح جراء استمرار غيابه وتصاعد التحركات من مناوئيه لانتزاع السلطة .