أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمر اعتقال يوم الاثنين بحق الزعيم الليبي معمر القذافي في حين قال المعارضون الذين يحاولون الإطاحة به ان قواتهم أصبحت على بعد نحو 80 كيلومترا من العاصمة الليبية طرابلس. وأصدرت المحكمة أوامر اعتقال بحق القذافي وابنه سيف الاسلام ورئيس المخابرات الليبية عبد الله السنوسي بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية. وقال مدعو المحكمة انهم ضالعون في قتل محتجين قاموا بانتفاضة في فبراير شباط ضد حكم القذافي المستمر منذ 41 عاما. وقال المدعي العام بالمحكمة لويس مورينو أوكامبو الذي طلب من المحكمة اصدار اوامر الاعتقال "يجب اعتقالهم لمنعهم من التغطية على الجرائم الجارية وارتكاب جرائم جديدة. هذا هو السبيل الوحيد لحماية المدنيين في ليبيا." ومن غير المرجح ان يؤدي الحكم الى اعتقال القذافي ما دام في السلطة وداخل ليبيا لان المحكمة لا تملك سلطة تنفيذ اوامر الاعتقال التي تصدرها. وعمت الاحتفالات بنغازي معقل المعارضة بعد الحكم. واطلق المواطنون ابواق سياراتهم ولوحوا بالاعلام واطلقوا النار في الهواء واشاروا بعلامة النصر في الشوارع. وقالت المعارضة ان قرار المحكمة يقضي على اي احتمال للتفاوض مع القذافي. وتنفي حكومة القذافي استهداف المدنيين قائلة انها اضطرت للتصدي لعصابات اجرامية مسلحة ومتشددين من القاعدة. وقالت ان حلف الاطلسي هو من يجب ان يحاكم لقتله مدنيين في حملة القصف. وعلى الصعيد الميداني قال المتحدث باسم المعارضة جمعة ابراهيم لرويترز ان مقاتلي المعارضة في منطقة الجبل الغربي جنوب غربي طرابلس احرزوا اكبر تقدم لهم منذ اسابيع بالوصول الى بلدة بئر الغنم حيث يقاتلون قوات القذافي للسيطرة على البلدة. وتقدمت قوات المعارضة 30 كيلومترا شمالا عن موقعها السابق واقتربت من طرابلس معقل القذافي. وفي نيويورك قال لين باسكو نائب الامين العام للامم المتحدة للشؤون السياسية ان دفة الحرب بدأت تتحول لصالح المعارضة التي تقاتل قوات القذافي منذ أسابيع. وقال باسكو أمام مجلس الامن "ليس لدينا فهم تفصيلي للوضع العسكري على الارض لكن من الواضح ان زمام المبادرة أصبح بشكل أولي في يدي قوات المعارضة تدعمها في بعض الاحيان القوة الجوية لحلف شمال الاطلسي." وتقاتل المعارضة التي تدعمها القوة الجوية لحلف الاطلسي قوات القذافي منذ 17 فبراير شباط. واصبحت الانتفاضة اكثر انتفاضات الربيع العربي التي تجتاح الشرق الاوسط دموية. واضاف جمعة ابراهيم متحدثا من بلدة الزنتان عبر الهاتف "نحن على المشارف الجنوبية والغربية لبئر الغنم." واستطرد "دارت معارك هناك معظم أمس. استشهد بعض مقاتلينا وتكبدت (قوات القذافي) أيضا خسائر في الارواح واستولينا على معدات وعربات. الهدوء يسود المكان اليوم والمعارضون ما زالوا في مواقعهم." وسمع مراسل لرويترز في وسط طرابلس دوي انفجارين كبيرين على الاقل يوم الاحد. ولم يتضح موقع الانفجارين. وتسنى مشاهدة اعمدة من الدخان ترتفع من ناحية مقر القذافي في باب العزيزية. واصطحب مسؤولون حكوميون الصحفيين الى الموقع في وقت لاحق. وعرضوا لهم حافلة متفحمة قالوا انها تخص القذافي وانها تعرضت للقصف بصاروخين من طائرات حلف الاطلسي. والقذافي هو ثاني رئيس في الحكم تصدر المحكمة الجنائية الدولية امر اعتقال ضده بعد الرئيس السوداني عمر حسن البشير. غير ان تنفيذ الاعتقال امر صعب بالنسبة للمحكمة التي ليست لديها قوة شرطة وتعتمد على الدول الاعضاء لتنفيذ اوامر الاعتقال. وترفض بعض الدول اعتقال البشير الذي لا يزال قادرا على السفر الى الدول الصديقة. وقال الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فو راسموسن ان حكم المحكمة عزز اسباب الحملة الجوية للحلف وزاد من عزلة القذافي. واضاف في بيان "على (القذافي) وحاشيته ان يدركوا ان وقتهم ينفد بسرعة. "حلف شمال الاطلسي عازم اكثر من اي وقت مضى على مواصلة الضغط الى ان تنتهي الهجمات على المدنيين والى ان تعود كل القوات التابعة للنظام الى ثكناتها وان تصل المعونات الانسانية دون عوائق." وقالت القاضية سانجي ماسينونو موناجنج التي رأست جلسة المحكمة وهي تتلو الحكم ان القذافي يمارس "سيطرة مطلقة وقصوى دون منازع" على أجهزة الدولة في ليبيا وقواتها الامنية. وأضافت أن كلا من القذافي وسيف الاسلام "خططا ودبرا خطة لردع واخماد كل أشكال المظاهرات المدنية" ضد النظام وان السنوسي استخدم منصبه القيادي في اصدار أوامر بشن هجمات. ولم يصدر رد فعل فوري من ادارة القذافي على قرار المحكمة الجنائية الدولية. وقال موسى ابراهيم المتحدث باسم الحكومة الليبية يوم الأحد ان المحكمة تكيل بمكيالين وتتبنى جدول أعمال سياسي غربي. واضاف للصحفيين ان المحكمة لا تتمتع بأي شرعية. وفي بنغازي بشرق ليبيا قال المجلس الوطني الانتقالي ان أمر الاعتقال جعل أي محاولة للتفاوض مع القذافي عديمة الجدوى. وقال جلال القلال المتحدث باسم المجلس لرويترز ان المجلس سعيد للغاية لان العالم بأكمله توحد في مقاضاة القذافي عن الجرائم التي ارتكبها وان مثل هذه الخطوة جعلت الناس يشعرون أن هناك من يدافع عن حقهم. وأضاف أنه من السابق لأوانه الحديث عن أي مفاوضات مشيرا الى انها لم تعد لها أهمية بعد أمر الاعتقال. وتابع أنه لا يمكن التفاوض مع مجرمي حرب. وقال ان القذافي مجرم حرب ولابد أن يحاكم على هذا. وحث رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل معاوني القذافي وأنصاره على التخلي عنه قائلا ان الذين يساعدونه في الافلات من العدالة سيشتركون معه في العقاب. واضاف لقد حان الوقت لكي يتخلوا عن القذافي لانقاذ انفسهم. وفي تونس قالت وكالة تونس افريقيا للانباء يوم الاثنين ان وزيرين ليبيين وصلا يوم الاحد الى جزيرة جربة لينضما الى وزير الخارجية الليبي عبد العاطي العبيدي في اجراء "مفاوضات" مع جهات أجنبية.