الاضرار التي طالها العدوان في مطار صنعاء وميناء الحديدة    اليمنية تعلن تدمير ثلاث من طائراتها في صنعاء    مجلس الشورى يدين العدوان الصهيوني على الأعيان المدنية في صنعاء والحديدة وعمران    الكهرباء أول اختبار لرئيس الوزراء الجديد وصيف عدن يصب الزيت على النار    المجلس الانتقالي وتكرار الفرص الضائعة    سحب سوداء تغطي سماء صنعاء وغارات تستهدف محطات الكهرباء    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 52,615 شهيدا و 118,752 مصابا    البدر: استضافة الكويت لاجتماعات اللجان الخليجية وعمومية الآسيوي حدث رياضي مميز    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    رئيس مؤسسة الإسمنت يتفقد جرحى جريمة استهداف مصنع باجل بالحديدة    الصحة: استشهاد وإصابة 38 مواطنًا جراء العدوان على الأمانة ومحافظتي صنعاء وعمران    المؤتمر الشعبي وحلفاؤه يدينون العدوان الصهيوني الأمريكي ويؤكدون حق اليمن في الرد    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    العليمي يشيد بجهود واشنطن في حظر الأسلحة الإيرانية ويتطلع الى مضاعفة الدعم الاقتصادي    إسرائيل تشن غارات على مطار صنعاء وتعلن "تعطيله بالكامل"    سلسلة غارات على صنعاء وعمران    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    صحيفة إسرائيلية: "أنصار الله" استخدمت صاروخ متطور لاستهداف مطار بن غوريون يتفادى الرادار ويتجاوز سرعة الصوت    اسعار المشتقات النفطية في اليمن الثلاثاء – 06 مايو/آيار 2025    حكومة مودرن    توقعات باستمرار الهطول المطري على اغلب المحافظات وتحذيرات من البرد والرياح الهابطة والصواعق    ريال مدريد يقدم عرضا رمزيا لضم نجم ليفربول    معالجات الخلل!!    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    أكسيوس: ترامب غير مهتم بغزة خلال زيارته الخليجية    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    ودافة يا بن بريك    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    قرار رقم 1 للعولقي بإيقاف فروع مصلحة الأراضي (وثيقة)    بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص ورقة أمين محمد عبدالله المقطري المقدمة لمؤتمر " اليمن إلى أين؟"
نشر في التغيير يوم 28 - 01 - 2012

نص ورقة أمين محمد عبدالله المقطريالمقدمة إلى المؤتمر الوطني " اليمن إلى أين ؟ الذي عقد في العاصمة المصرية القاهرة خلال الفترة من 23- 24 يناير الجاري والذي نظمه مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان في اليمن بالتعاون مع المنظمة العربية لحقوق الإنسان:
رؤية مستقبلية لشكل الدولة ونظام الحكم السياسي المرتقب في اليمن
إعداد / أمين محمد عبدالله المقطري
بسم الله الرحمن الرحيم
رؤية مستقبلية لشكل الدولة ونظام الحكم السياسي المرتقب في اليمن
أثبتت تجارب الحكم في العصر الحديث وفي كثير من البلدان المتحضرة , أن إتباع أسلوب المركزية الإدارية في إدارة الدولة قد حقق فشلاً ذريعاً , بسبب عجزها عن القيام بالمهام الواسعة والخدمات التي تتطلبها حياة المجتمعات المعاصرة , بالإضافة إلى هيمنة وتسلط الإدارة الحكومية المركزية على الوحدات المحلية , والبيروقراطية , كل ذلك أدى إلى زيادة القناعة بضرورة البحث عن آليات أخرى فعالة لتخفيف العبء على الإدارة المركزية , وجعلها تتفرغ للأعباء والقضايا الإستراتيجية والوطنية الكبيرة حيث اتجهت العديد من الدول وفي طليعتها الدولة المتقدمة إلى تبني توزيع للوظائف السياسية والإدارية في الدولة بين الحكومة المركزية في عاصمة الدولة وبين الوحدات الإدارية المحلية داخل الدولة في إطار ما يعرف اليوم "بالإدارة المحلية" (كأسلوب من أساليب التنظيم الإداري) أو ما يعرف "بالحكم المحلي" (كأسلوب من أساليب التنظيم السياسي).
كما أن نظام الحكم السياسي الذي يقوم على أساس مبدأ الفصل بين السلطات - الذي يعني عدم تركيز وظائف الدولة الثلاث : التشريعية والقضائية والتنفيذية في يد سلطة واحدة بل توزيعها بين مؤسسات دستورية متعددة بحيث تقوم السلطة التشريعية بمهام التشريع , وتباشر السلطة التنفيذية مهام تنفيذ القوانين , في حين تتولى السلطة القضائية تطبيق القانون على ما يطرح أمامها من منازعات وخصومات - يؤدي إلى تحقيق شرعية الدولة والنظام السياسي , ويعد وسيلة فعالة لكفالة احترام القوانين ويحول دون الاستبداد وحماية الحقوق والحريات الفردية , كما يؤدي إلى إيجاد تعاون ورقابة متبادلة بين السلطات الثلاث تعمل على كبح جماح اندفاع أي من هذه السلطات عندما تفكر في تجاوز اختصاصاتها , فالسلطة توقف السلطة الأخرى بواسطة الوسائل الرقابية التي تمتلكها.
الأمر الذي يحتم المفاضلة بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني.
وهذه الورقة تعرض بإيجاز ما يلي :-
1- شكل أو نوع الدولة وما هو المناسب منها في اليمن : الدولة البسيطة (الموحدة) أم الدولة المركبة (الاتحادية)؟
2- النظام السياسي المرتقب في اليمن هل النظام البرلماني أم النظام الرئاسي؟
3- ما هي أولويات الثورة في إصلاح المنظومة التشريعية الدستورية والقانونية؟
وفيما يلي شرحاً موجزاً ومركزاً للنقاط السابقة على النحو الآتي :-
أولاً : شكل أو نوع الدولة :-
يقوم التنظيم الإداري لأي دولة أما على أساس (مركزي) أو (لا مركزي) أو الجمع بينهما , وبما بتناسب مع الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة , وان كان التنظيم المركزي بصورته التقليدية يكاد يكون قد اختفى من الساحة الدولية.
غير أنه ينبغي التنويه بأن شكل أو نوع الدولة من حيث وحدة المنظومة الدستورية والقانونية أو تعددها في أي نظام سياسي يؤثر تأثيراً كبيراً على عملية إدارة الدولة والمجتمع. ويصنف علماء الفقه الدستوري الدول إلى نوعين :-
الأول : الدولة البسيطة أو (الموحدة) :
وتتميز بوحدتها الجغرافية ويكون لها دستور واحد , والسلطة السياسية فيها واحدة ولا تتجزأ فيها سوى الوظيفة التنفيذية , أما الوظيفتان التشريعية والقضائية فهما في يد السلطة المركزية في عاصمة الدولة.
خصائص الدولة البسيطة أو الموحدة :-
1- يهيمن الجهاز الحكومي على جميع مناطق الدولة ويتولى تقديم الوظائف والخدمات للمواطنين وفقاً للدستور والقوانين النافذة.
2- وحدة السلطة التشريعية التي تتولى سن القوانين واللوائح التي يخضع لها جميع المواطنين في الدولة.
3- وحدة السلطة القضائية التي تفصل في المنازعات بين مواطني الدولة.
4- الحكومة المركزية مصدر كل السلطات والصلاحيات والمهام للأجهزة والوحدات الإدارية المحلية.
الجدير ذكره, أن معظم دول العالم دول بسيطة(موحدة)مثل : فرنسا , اليابان , تركيا.
الثاني : الدولة المركبة أو (الاتحادية) (الفيدرالية):
هي تلك الدولة المتحدة اتحاداً فيدرالياً والتي تتألف من عدة دويلات أو ولايات أو أقاليم , وتتوزع فيها مظاهر السيادة بين الحكومة الاتحادية وبين الدويلات أو (الولايات أو الأقاليم) الأعضاء في الاتحاد. لذلك فان الدولة الاتحادية يكون لها سلطة تشريعية (برلمان اتحادي) وسلطة تنفيذية للدولة الاتحادية وقضاء اتحادي. كما أن لكل ولاية أو إقليم أو دويلة دستورها الخاص وسلطتها التشريعية (البرلمان) وسلطتها التنفيذية (الحكومة) وسلطتها القضائية وذلك في النطاق الجغرافي للدويلة أو الولاية أو الاقليم , وتتمتع كل ولاية من الولايات الأعضاء في الاتحاد باستقلال ذاتي وفقاً لما يحدده الدستور الاتحادي.
ومن ابرز نماذج الاتحادات بين الدول , الاتحاد المركزي الفيدرالي الذي يقوم على اتحاد عدة دول تندمج جميعاً في دولة اتحادية واحدة تمثل جميع الدول الأعضاء في مجالات الشئون الخارجية والدبلوماسية والتوقيع على المعاهدات وإعلان الحرب وإدارة المسائل ذات الصلة بالجنسية الموحدة لمواطني الدولة الاتحادية وغيرها من المهام.
ابرز سمات الدولة المركبة (الاتحادية/ الفيدرالية):
1- لكل ولاية أو إقليم أو دويلة عضو في الاتحاد الفيدرالي دستور خاص به شريطة عدم تعارض أحكامه مع قواعد الدستور الاتحادي.
2- لكل ولاية أو إقليم أو دويلة عضو في الاتحاد الفيدرالي سلطة تشريعية
(برلمان) يتم انتخاب أعضائها من قبل السكان , ويضطلع هذا البرلمان بسن التشريعات المنظمة لكافة الشئون المحلية في المجالات المختلفة وبما لا يتجاوز القواعد المحددة في دستور الولاية والدستور الاتحادي.
3- لكل ولاية أو إقليم أو دويلة جهاز قضائي خاص بها ومستقل ويتولى هذا الجهاز تطبيق القوانين التي يصدرها البرلمان المحلي كما توجد محاكم اتحادية.
4- من حق كل ولاية أو إقليم أو دويلة الاشتراك والمساهمة في تكوين الهيئات والمؤسسات والأجهزة والتكوينات الاتحادية المختلفة.
5- للدولة الاتحادية سلطة قضائية اتحادية عبارة عن محكمة عليا اتحادية تختص في الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة الاتحادية والدول الأعضاء وكذا البت في دستورية القوانين. وتساعد المحكمة العليا الاتحادية عدداً من المحاكم الاتحادية التي تتواجد في بعض المناطق داخل الدولة الاتحادية.
6- للدولة الاتحادية سلطة تشريعية اتحادية مكون من في معظم التجارب الدولية من مجلسين هما :-
أ‌- المجلس المنتخب كامل قوامه من الشعب وفقاً لمعيار عدد سكان كل ولاية أو إقليم.
ب‌- مجلس الشيوخ ويتشكل في العادة من عدد متساوٍ من كل ولاية أو إقليم دون الأخذ في الحسبان عدد السكان.
وتتولى السلطة التشريعية الاتحادية سن التشريعات في مسائل عديدة أهمها : الشئون الخارجية والدفاع الوطني والجنسية وصك العملة والمواصلات والجمارك ومالية الدولة الاتحادية وأمن الدولة العام وغيرها.
7- للدولة الاتحادية سلطة تنفيذية اتحادية تتكون من رئيس الدولة والحكومة الاتحادية. وتختص الحكومة الاتحادية بتنفيذ التشريعات الصادرة من السلطة التشريعية الاتحادية وإصدار القرارات والتعليمات الداخلة في اختصاصها والواجبة التنفيذ على مستوى الدولة الاتحادية ككل.
وقبل تقديم مقترح بشأن شكل أو نوع الدولة المناسب للمرحلة القادمة في اليمن بعد أن أنجز الشعب بكافة شرائحه ثورة هي بكل المقاييس من أنضج وأنبل الثورات على المستوى العربي والدولي , أجد أنه من المفيد الإشارة وبإيجاز إلى معاني ومفاهيم بعض المصطلحات الإدارية التي يتم تداولها بين الناس وعلى وجه الخصوص شباب ساحات التغيير والحرية في اليمن ذات الصلة بموضوع هذه الورقة مثل : الحكم المحلي , الإدارة المحلية , اللامركزية الإدارية , اللامركزية السياسية ' الفيدرالية. حتى يستطيع القارئ فهم هذه المسائل بطريقة واضحة وسهلة والربط بين القضايا التي نعرضها , وذلك كما يلي :-
1- اللامركزية الإدارية :-
أسلوب من أساليب التنظيم الإداري يقوم على أساس توزيع الوظيفة الإدارية (الوظيفة التنفيذية) بين الحكومة المركزية في العاصمة وبين وحدات إدارية محلية مستقلة، بحيث تمارس هذه الوحدات وظيفتها الإدارية تحت إشراف ورقابة الحكومة المركزية.
2- الإدارة المحلية :-
أسلوب بين أساليب التنظيم الإداري بموجبه توزع الوظيفة الإدارية (التنفيذية) بين الأجهزة المركزية والمحلية بما من شأنه تمكين هذه الأخيرة من إدارة مرافقها في النطاق المرسوم لها قانوناً.
ومن هذا التعريف يمكن إبراز العناصر الآتية :-
‌أ- إن نظام الإدارة المحلية يقتضي توزيعاً لوظائف الدولة الإدارية (غير السياسية) و بين الأجهزة على المستوى المركزي في عاصمة الدولة وبين الهيئات والمؤسسات والأجهزة المحلية في الأقاليم أو الوحدات المحلية.
‌ب- إن القانون هو الذي يحدد الوظائف الإدارية التي تضطلع بها أو تدخل في اختصاص الهيئات والأجهزة.
وغالباً ما تحتفظ الأجهزة المركزية بإدارة المرافق ذات الطابع الوطني في حين تتولى الأجهزة الحكومية المحلية إدارة المرافق ذات الطابع المحلي.
‌ج- لا يشترط لقيام نظام الإدارة المحلية أن تأخذ الدولة بنظام اللامركزية الإدارية إذ أن هذا النظام يمكن أن يطبق في حالة أخذ الدولة بأي من نظامي المركزية الإدارية أو اللامركزية. وقد يوجد في الدولة البسيطة والمركبة على حد سواء.
والخلاصة : إن نظام الإدارة المحلية لا شان له بالوظيفة التشريعية ولا بوظيفة القضاء حيث تظل هذه الأمور مركزة بيد السلطات المركزية في عاصمة الدولة. حيث يحتكر التشريع برلمان الدولة, ويتولى جهاز القضاء القيام بمهامه على المستوى الوطني, وينحصر عمل نظام الإدارة المحلية فقط في مجال الوظيفة الإدارية والتنفيذية طبقاً للقواعد الدستورية والقانونية التي تحدد الصلاحيات والمهام والاختصاصات المنوطة به.
3- مصطلح الحكم المحلي :-
إن مصطلح الحكم المحلي ينصرف إلى جميع مظاهر الحكم المحلي في الدولة المتمثلة في : التشريع والتنفيذ والقضاء , وهو شكل من أشكال اللامركزية السياسية.
وبموجب هذا النظام تتوزع السلطات الدستورية للدولة : التشريعية والتنفيذية والقضائية بين الدولة الاتحادية ( الفيدرالية) والولايات أو الأقاليم أو الدويلات المكونة لها. ويكون للدولة الاتحادية دستور يحدد العلاقة بينها والكيانات المكونة لها وسلطات دستورية اتحادية : تشريعية وتنفيذية وقضائية.
كما يكون لكل ولاية أو إقليم أو دويلة دستورها الخاص بالإضافة إلى المؤسسات الدستورية : التشريعية ( مجلس نيابي محلي ) , التنفيذية (حكومة محلية) , القضائية (قضاء محلي).
4- مصطلح اللامركزية السياسية :-
مصطلح (اللامركزية السياسية) مرادف من حيث المعنى لمصطلح (الحكم المحلي) الذي سبق بيانه في معرض إيضاحنا لهذا المفهوم.
5- مصطلح (الفيدرالية) :-
مصطلح (الفيدرالية) مرادف من حيث المعنى لمصطلح "اللامركزية السياسية" ومصطلح "الحكم المحلي" السابق بيانهما من قبل.
والخلاصة : إن الحكم المحلي (اللامركزية السياسية) والادارة المحلية (اللامركزية الإدارية ) نظامان مختلفان في الطبيعة والجوهر.
فالحكم المحلي لا يقوم إلا في (الدول المركبة) التي تتوزع فيها السلطات الدستورية بين الدولة الاتحادية وحكومات الولايات المكونة لها والتي يكون لكل منها دستورها الخاص وسلطاتها : التشريعية والتنفيذية والقضائية.
أما الإدارة المحلية (اللامركزية الإدارية المحلية) فهي نظام يقوم في الدولة البسيطة والدولة المركبة بحيث لا تتوزع فيها سوى الوظيفة التنفيذية في حين تحتكر السلطة المركزية الوظيفتان التشريعية والقضائية في عاصمة الدولة.
• الشكل المناسب للدولة في اليمن من وجهة نظر الكاتب :-
إن تطوير شكل الدولة اليمنية في صيغته التي تحقق الشراكة الوطنية في السلطة والثروة يأتي كضرورة حتمية بعد أن أنجز الشعب ثورته الظافرة، لضمان بناء الدولة المدنية الحديثة ومنع الاستبداد واحتكار السلطة أو التفرد في الحكم وتوريثه.
إن الصيغة المناسبة لوضع الدولة في اليمن يقوم على قاعدة النظام اللامركزي ونظام سياسي ديمقراطي تعددي يحقق العدالة والمساواة والمشاركة المجتمعية والتداول السلمي للسلطة , وفي إطار ثلاثة خيارات يتم طرحها أما مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي أشارت إليه الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية وهي على النحو الآتي ( مع مراعاة ان هذه الخيارات لا تصادر حق الآخرين المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني من طرح مقترحاتهم وتصوراتهم) :
1- دولة لا مركزية وفقاً لمفهوم الدولة البسيطة ينشأ فيها نظام لا مركزية إدارية ومالية بصلاحيات واسعة على أن يعاد تقسيم الدولة إلى أقاليم يحددها الدستور.
2- دولة لا مركزية وفقاً لمفهوم (الحكم المحلي) على أن يعاد تقسيم الدولة إلى أقاليم لا تقل عن خمسة بصلاحيات وسلطات يحددها الدستور.
3- دولة لا مركزية بالمضمون الاتحادي (الفيدرالي) من 3-5 أقاليم.
وجميع الخيارات الثلاثة المذكورة يلزم أن تقوم على الأسس الآتية:-
‌أ- أن يجري تقسيم الدولة إلى أقاليم وفقاُ لدراسات علمية تراعي الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والجغرافية.
‌ب- أن يجري انتخاب مجالس الحكم المحلي والقيادات الإدارية انتخاباً حراً ومباشراً من سكان الأقاليم.
‌ج- أن يحدد الدستور بوضوح سلطات وصلاحيات الأجهزة المركزية والمحلية وطبيعة العلاقات بينها.
‌د- أن يحدد الدستور الموارد المالية السيادية والموارد المالية لوحدات الحكم المحلي بشكل واضح.
ثانياً : النظام السياسي المرتقب في اليمن:-
تتطلع جماهير شعب اليمن الثائرة إلى تغييرات جذرية في هيكلية النظام السياسي تقوم على أسس جديدة تحقق الشراكة الوطنية في الحكم وتبني نظاماً يستمد قوته من مؤسسات قوية ومستقلة تمثل مصالح المجتمع والدفاع عنه.
ونعرض فيما يلي فكرة عن كل من نظام الحكم البرلماني ونظام الحكم الرئاسي وخصائص وسمات كل منهما وصولاً إلى تقديم تصور للنظام السياسي المقترح الذي يمكن الأخذ به خلال المرحلة القادمة في اليمن , وذلك على النحو الآتي :-
1- النظام البرلماني :-
نظام حكم تتركز فيه السلطة السياسية بيد البرلمان الذي يمتلك سلطة منح الثقة للحكومة (السلطة التنفيذية) أو حجبها عنها. وفي ظل هذا النظام لا تستطيع الحكومة مباشرة مهامها إلا بعد أن يحصل برنامجها على ثقة البرلمان. وهو ما يتطلب من الحزب الحاكم أو مجموعة الأحزاب المؤتلفة أن يكون لها أغلبية مطلقة (50+1) داخل البرلمان، لتحصل بموجب هذه الأغلبية على الثقة حتى تتمكن من تمرير القوانين التي تتبناها , وتتجنب قيام البرلمان سحب الثقة عنها.
وفي ظل هذا النظام يقوم الحزب الحائز على الأغلبية المطلقة أو الأحزاب المؤتلفة معه بتشكيل الحكومة من أعضائه في البرلمان ويرأس الحكومة زعيم الأغلبية في البرلمان ويكون رئيس الدولة في النظام البرلماني سواء كان -ملكاُ أو رئيساً للجمهورية- بدون سلطات فعلية.
وتعتبر بريطانيا هي صاحبة براءة اختراع هذا النظام , وتمثل أوضح النماذج في تطبيقه، وتتبع معظم الدول الديمقراطية في عالم اليوم هذا النظام , كما هو الحال في غالبية دول اوربا والهند واليابان.
وهناك خصائص اخرى للنظام البرلماني تتمثل في ثنائية السلطة التنفيذية في بعض الانظمة البرلمانية حيث تتكون هذه السلطة من طرفين هما رئيس الدولة ومجلس الوزراء , غير أن هناك قاعدة مسلم بها في النظام البرلماني تقضي بعدم مسئولية رئيس الدولة أمام البرلمان عن التصرفات الخاصة بشئون الحكومة التي هي مسئولة أمام البرلمان , لأن رئيس الدولة في النظام البرلماني لا يمارس اختصاصاته بمفرده وإنما يمارسها عبر وزرائه , ولذلك يمكن أن يكون رئيس الدولة منتخباً من الشعب مباشرة أو غير منتخب (يمكن أن ينتخب من قبل السلطة التشريعية) أي انتخاب غير مباشر.
في ظل ثنائية السلطة التنفيذية فأن اغلب الدساتير في النظم البرلمانية تعطي لرئيس الدولة حق الاعتراض التوقيفي على مشاريع القوانين وإرجاعها إلى البرلمان لإعادة النظر فيها , بالإضافة إلى حقه في إقالة الحكومة.
2- النظام الرئاسي :-
يقوم النظام الرئاسي على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية حيث تؤدي كل سلطة وظائفها باستقلال ولا يعني هذا الاستقلال عدم التعاون، إذ ليس هناك ما يمنع من جود تعاون بين هذه السلطات.
والنظام الرئاسي نظام للحكم السياسي يتولى فيه رئيس الجمهورية الإدارة الفعلية للسلطة التنفيذية , ولا يحتاج رئيس الدولة في النظام الرئاسي إلى أي شكل من أشكال منح الثقة من قبل البرلمان لممارسة مهامه. لذلك , فالبرلمان لا يملك سلطة سحب الثقة منه , لكن في ذات الوقت فان الرئيس لا يملك صلاحية حل البرلمان أو تقديم موعد الانتخابات أو تأخيرها.
ويعتبر النظام السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية أحد أبرز نماذج النظام الرئاسي في عالم اليوم.
3- نظام الحكم الذي نريد؟
إن نظام الحكم البرلماني هو الخيار الأفضل في اليمن في المرحلة القادمة وفي تصور كاتب هذه الورقة، فان مقومات وسمات هذا النظام تتمثل في الآتي :-
1- السلطة التشريعية تتكون من مجلسين ( مجلس نواب ومجلس شورى) يمكن أن يطلق عليها المجلس الوطني أو مجلس الأمة أو أي تسمية أخرى.
2- أعضاء مجلس النواب يتم انتخابهم بالاقتراع السري الحر والمباشر.
3- أعضاء مجلس الشورى يتم انتخابهم بالاقتراع السري الحر والمباشر وبالتمثيل المتساوي بين الاقاليم / المحافظات , أو يتم انتخابهم بطريقة غير مباشرة عن طريق أعضاء مجالس الحكم المحلي في الأقاليم / المحافظات.
4- رئيس الجهورية هو رمز الدولة والممثل لوحدتها ويتولى القيام بالمهام البروتوكولية المعروفة في النظام البرلماني وتحدد اختصاصاته في الدستور ويلزم تحديد مدة انتخابه مع جواز إعادة انتخابه لمرة واحدة فقط.
5- السلطة التشريعية (المجلس الوطني أو مجلس الأمة) تختص بانتخاب رئيس الجمهورية وإعفائه من منصبه.
6- الحكومة هي السلطة التنفيذية الفعلية في الدولة وتخضع لرقابة البرلمان ويتولى رئيس الحكومة المكلفة تسمية أعضاء حكومته وعرضها على مجلس النواب ويمنح مجلس النواب الثقة للحكومة لكل عضو فرداً فرداً.
7- حيادية الجهاز الإداري والعسكري للدولة وعدم إحداث تغييرات في وظائف تلك الأجهزة تبعاً للتغييرات السياسية.
ثالثاً : أولويات الثورة اليمنية في إصلاح المنظومة الدستورية والقانونية :-
لا شك أن القضايا التي اشتملت عليها هذه الورقة سواء تلك التي تتعلق بتطوير شكل الدولة أو الأخذ بنظام الحكم البرلماني ستخضع لمناقشات جادة وعميقة خلال الفترة القادمة داخل حكومة الوفاق الوطني وفي صفوف الأحزاب والتنظيمات السياسية وبين شباب ساحات التغيير والحرية في الوطن وجميع شرائح المجتمع، كما أن مؤتمر الحوار الوطني الشامل لكل القوى والفعاليات السياسية بما فيها الشباب والحراك الجنوبي والحوثيون وسائر الأحزاب وممثلين عن المجتمع المدني والقطاع النسائي والذي سينعقد خلال المرحلة الانتقالية الثانية كما ورد في الآلية التنفيذية لمبادرة مجلس التعاون الخليجي سيضطلع بمهام على درجة كبيرة من الأهمية والتعقيد وسيبحث هذا المؤتمر ما يلي :-
1- اقتراح الإصلاحات والتعديلات الدستورية.
2- إصلاح النظام السياسي وهيكل الدولة.
3- القضية الجنوبية.
4- القضايا ذات البعد الوطني ومنها قضية صعده.
5- إصلاح نظام الخدمة المدنية.
6- إصلاح القضاء.
7- إصلاح الإدارة المحلية.
8- إصلاح نظام الانتخابات.
وهناك لجنة دستورية سيشكلها المؤتمر وحكومة الوفاق الوطني مهمتها صياغة مشروع دستور جديد لليمن , بالإضافة إلى اقتراح الخطوات اللازمة لمناقشة مشروع الدستور والاستفتاء عليه.
ويمكن ترتيب أولويات المرحلة القادمة في الجوانب التشريعية على النحو الآتي :-
1- الدستور هو القانون الأساسي الذي يعلو على كل القوانين وقمة النظام القانوني للدولة وسوف يحدد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الخطوط الرئيسية لشكل الدولة ونظام الحكم فيها والعلاقة بين سلطات الدولة وكذا النظام اللامركزي وغير ذلك من القضايا التي اشرنا إليها من قبل , ومن ثم ستتولى اللجنة الدستورية إعادة صياغة مشروع دستور جديد لليمن , ووضع برنامج زمني لمناقشته وإقراره والاستفتاء عليه من قبل المواطنين.
2- إصلاح قانون الانتخابات العامة والاستفتاء.
3- إعداد مشروع قانون التقسيم الإداري الجمهورية.
4- إعداد مشروع قانون الحكم المحلي واللوائح المنفذة له.
5- إصلاح منظومة القضاء.
6- إعداد مشروع القانون المالي والقوانين الأخرى ذات الصبغة المالية.
7- إصلاح منظومة الخدمة المدنية.
8- إصلاح المنظومة القانونية للضرائب.
المراجع
1- مستقبل الحكم المحلي في الجمهورية اليمنية , بحوث ومناقشات الندوة الثانية للثوابت , 1995م.
2- مصطفى الجندي , الإدارة المحلية وإستراتيجيتها , منشأة دار المعارف بالإسكندرية , 1987م.
3- د.دائل محمد المخلافي , اللامركزية الإدارية بين الحكم المحلي والادارة المحلية , الطبعة الرابعة , 2002م.
4- د/ خالد محسن الاكوع , محاضرات في مبادئ الإدارة المحلية , مركز تطوير الإدارة العامة – جامعة صنعاء. 2008م.
5- د/ ثامر كامل الخزرجي , النظم السياسية الحديثة والسياسة العامة , مجدلاوي للنشر والتوزيع , عمانالأردن.
6- د/ خالد محسن الاكوع , محاضرات في السياسة العامة , مركز تطوير الإدارة العامة – جامعة صنعاء. 2008م.
7- د/ احمد عبدالرحمن شرف الدين، مبادئ الإدارة المحلية , منشورات جامعة صنعاء , 1986م.
8- وثيقة الانقاذ الوطني المقدمة من اللجنة التحضيرية للحوار الوطني , 2008م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.