كثيرا ما تشهد المفاهيم الإدارية ذات الصلة بالشأن المحلي تداخلات من مثيل الإدارة المحلية، الحكم المحلي، السلطة المحلية ،الفيدرالية واللامركزية... وعند صدر قانون السلطة المحلية رقم (4) لعام 2000.. كانت الوزارة الأولى المعنية به لا تزال تسمى وزارة الإدارة المحلية. ومع تشابه مفردتي سلطة وحكم في العربية والانجليزية معا حيث تعطيان ذات الدلالة الحرفية والاصطلاحية، إلا أن الأمر مختلف تماما بين مفردتي إدارة وحكم.. فالأولى تحمل معاني ودلالات حضارية انطلاقا من كون الوظيفة الحضارية لنظام الحكم هي إدارة مصالح الناس وشؤونهم.. غير ان مفردة حكم تعطي مدلولات السيطرة والغلبة وهي مفاهيم عفا عليها الزمن، أقله في الأنظمة الديمقراطية الحديثة. وعند الحديث عن اللامركزية فهي نوعان إدارية ومالية فقط ولامركزية سياسية .. الأولى وفق فقهاء القانون العام تعني ترك جزء من الوظيفة الإدارية للدولة بأيدي هيئات محلية تتمتع بالشخصية الاعتبارية دون أن تفقد السلطة المركزية رقابتها على عمل تلك الهيئات وفق ما يسمح به القانون ودون أن تفقد الدولة ترابطها ووحدتها.. وهو ما أخذت به في اليمن منذ صدور القانون آنف الذكر.. في حين أن اللامركزية السياسية تنظيم يتعلق بالنظام الدستوري للدولة وعلى حساب الوحدة التشريعية والتنفيذية والقضائية فيها، يتحقق عند قيام عدة دول أو دويلات، مثلا، بتكوين دولة اتحادية بينها، وضمن هذا المفهوم يندرج ما يسمى بالحكم المحلي أو الدولة الفيدرالية حيث تتمتع الوحدات الإدارية ليس بشخصيتها الاعتبارية الإدارية والمالية فقط، بل وأيضا القانونية والتشريعية. التوجهات الحالية في اليمن تنحو إلى تطوير النظام الإداري والسياسي والأخذ بنظام الحكم المحلي كما تضمنه البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية.. لكنه حكم محلي واسع الصلاحيات لا كامل الصلاحيات.. ما يعني الوصول باللامركزية الإدارية والمالية إلى أقصى مداها في نقل الصلاحيات للهيئات المحلية .. دون أن تفقد الدولة ترابطها ووحدتها فيما لو تم الأخذ بنظام الحكم المحلي كامل الصلاحيات الذي يعني الفيدرالية تماما.. وهو أمر لا يلائم طبيعة البلد وما تشهده من فتن واضطرابات قد تقود إلى الفرقة والشتات لا قدر الله .. وذلك ما أدركه المشرع اليمني بنباهة وذكاء. وعود على بدء، فالتناقض بين مفهومي الإدارة والحكم على المستوى المعرفي لا ينبغي أن ينسحب على الواقع، فالاصطلاح الدال على الحكومة في الولاياتالمتحدةالأمريكية هو (الإدارة الأمريكية) وهي تسمية تحمل مضامين ودلالات حضارية وتنزع عن الحكم سمة التسلط والغلبة كما أسلفت.. وبالقياس لا يمنع أن تأخذ اليمن بمضامين الحكم المحلي واسع الصلاحيات على أن تستبدل كلمة الحكم بالإدارة كما هو اسم الوزارة (الإدارة المحلية) للاعتبارات السالفة.. ولأن مفردة (إدارة محلية) أشمل وأعم ينضوي تحتها كافة المفاهيم الإدارية ذات الصلة بالشأن المحلي