لمناسبة اليوم العالمي للمرأة نظمت وزارة الخارجية الفرنسية في معهد العالم العربي في باريس، ندوة تمحورت على سؤال أساسي هو: هل «الربيع العربي» هو أيضاً ربيع ومدخل إلى تطوير أوضاع المرأة في الدول التي تشهد تغيّرات؟ وجمعت الوزارة حول هذا السؤال نساء من تونس ومصر واليمن وليبيا، إضافة إلى فرنسيات وناشطين وناشطات في حقوق الإنسان والتنمية. وعلى هامش الندوة، التقت «الحياة» وزيرة المرأة والأسرة التونسية سهام بادي التي أكدت أن لا خوف على مكتسبات المرأة في تونس، على رغم سيطرة «حزب النهضة الإسلامي» على الحكومة إثر فوزه في الانتخابات التشريعية، وذلك نتيجة تمسك المرأة التونسية بهذه المكتسبات وقوة المجتمع المدني. كما التقت «الحياة» وزيرة حقوق الإنسان اليمنية، حرية مشور التي اعتبرت أن السؤال المطروح الآن هو هل ستتمكن المرأة اليمنية التي أدت دوراً مؤثراً في الثورة والتغيير من تثمير مشاركتها في مؤسسات المرحلة الانتقالية اليمنية؟ وكانت بادي عادت إلى تونس بعد انقطاع 18 سنة أمضتها في فرنسا التي انتقلت إليها بعد سجنها لسنين في تونس بسبب نشاطها المعارض لنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، في حين أن مشور تولت منصبها في حكومة الوحدة الوطنية اليمنية بعدما نشطت طوال عقد كامل ضمن اللجنة الوطنية للمرأة اليمنية. واعتبرت الوزيرتان أن تولي منصب وزاري بعد التغيير فرصة للمشاركة في إعادة بناء النظام والمجتمع وتحسين أوضاع المرأة، على رغم العقبات والأولويات الأخرى التي قد تبدو أكثر إلحاحاً بالنسبة إلى بعض المسؤولين والقادة. وتقول بادي إن المخاوف المتعلقة بتراجع أوضاع المرأة في تونس «ليست بالحجم الذي صوره الإعلام وروّج له»، وإن أجواء الانفتاح التي أعقبت سقوط نظام بن علي «أطلقت العنان أمام الأحزاب المتطرفة والسلفيين الراغبين في فرض نموذج معين» في تونس. لكنها تعتبر هؤلاء «قلة» وظاهرة هامشية، مضيفة أن المرأة التونسية «لن تفرط بحقوقها» المكتسبة ضمن قانون الأحوال الشخصية القائم منذ عام 1956، وأن المجتمع المدني التونسي القوي لن يسمح «لمثل هذه التيارات بالتغلغل» في تونس. وعلى رغم الطابع الإسلامي لحزب النهضة، فانه لا يهدد مكاسب المرأة «كونه معتدلاً وهذا ما جعله يفوز في الانتخابات». لكن، ومع أن أوضاع المرأة في تونس أكثر تطوراً بالمقارنة مع دول عربية أخرى، فإن التحديات كثيرة، وفي طليعتها، بحسب بادي، ضرورة تطوير قانون الأحوال الشخصية لكي يتلاءم مع عالم اليوم، «فالمطلوب هنا تغيير أمور كثيرة لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية»، إذ أن الحضور النسائي في المجلس التأسيسي التونسي مثلاً يقتصر على 25 في المئة، في حين أنه ينبغي أن يكون مناصفة بموجب القانون، كما أن الحكومة الحالية تضم وزيرتين فقط مقابل 41 وزيراً، وهناك أيضاً قضايا مكافحة العنف ضد المرأة وضمان حقوق المرأة الريفية في التعلّم والطبابة والتأهيل المهني. وعن طبيعة المشكلات المطروحة على المرأة اليمنية، بعد رحيل الرئيس علي عبدالله صالح، تقول الوزيرة مشور إن اليمن يواجه مشكلات عدة، لا سيما إثر الانهيار الاقتصادي الذي بلغ ذروته العام الماضي، إضافة الى الفراغ الأمني. وترى أن المرأة تواجه تحدياً كبيراً، خصوصاً بعد دورها في الثورة «وذلك على صعيد حصولها على دور فاعل في كل مؤسسات المرحلة الانتقالية التي تهدف إلى إرساء الدولة الديموقراطية المدنية الحديثة». وتلفت إلى مشكلة أساسية أخرى هي الأمية التي تشمل نحو 65 في المئة من الفتيات، «وهي من أسوأ مخلفات العهد السابق»، ما يدفعها إلى الإصرار على أولوية التعليم. تتوقف مشور عند مشكلة في حاجة إلى حل سريع وهي وفيات الأمهات أثناء الولادة «بسبب غياب الخدمات الطبية، ولأن النظام السابق لم يخصص سوى 4 في المئة من موازنته للصحة، مقابل مبالغ هائلة خصصها للأمن والجيش». وعلى غرار نظيرتها التونسية، تشدد على ضرورة مكافحة العنف في حق المرأة، سواء في المنزل والمجتمع، ومكافحة زواج القاصرات إذ تؤكد إنها ستعود إلى مطالبة البرلمان بتحديد سن الزواج في 19 أو 17 سنة، بعدما كان هذا القانون أقر عام 2008 ثم سُحب بذريعة المزيد من التداول. وتراهن مشور على وجود النساء في كل مؤسسات الدولة وهيئاتها بنسبة يفترض أن تصل إلى 30 في المئة، لكنها تقر بأن النساء «سيواجهن صعوبة كبيرة في تحقيق هذه النسبة»، معتبرة أن تحقيق نسبة 15 في المئة في المدى المتوسط سيكون إنجازاً لا يستهان به.