مثل بقاء الشباب من الثوار في ساحات وميادين الاعتصامات السلمية في اليمن عامل ضبط لإيقاع الأوضاع في البلاد. وخرج شباب اليمن إلى ساحات وميادين الاعتصامات السلمية مطلع فبراير 2011 للمطالبة بتغيير النظام، وما يزالون يرابطون حتى اليوم في تلك الساحات السلمية. وحقق الربيع اليمني العديد من الاهداف الثورية التي خرج من أجلها الشباب، في حين ما تزال مطالب لم تتحقق وتعمل الساحات جاهدة على تحقيقها حاليا. وأطاحت ثورة الربيع اليمني بنظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي حكم البلاد لأكثر من 33 عاما. وتمكن العامل الخارجي في اليمن من ايقاف نزيف الدم اليمني من خلال مبادرة للتسوية السياسية " المبادرة الخليجية " التي يدعمها قرار مجلس الأمن الدولي 2014، ووقعت عليها الأطراف اليمنية في نوفمبر من العام المنصرم. وتضمنت المبادرة حل الأزمة ونقل السلطة بشكل سلمي، ودخول اليمن في مرحلة انتقالية لمدة عامين، بدأت منذ انتخابات الرئاسة المبكرة في البلاد في 21 فبراير الماضي، برئيس توافقي عبدربه منصور هادي، وبحكومة توافقية كذلك. وتخرج مسيرات شبه اسبوعية من ميادين وساحات الاعتصامات في العاصمة صنعاء ومدن رئيسة أخرى للمطالبة بتنفيذ باقي أهداف الثورة اليمنية. كما يتم احياء كل يوم "جمعة" في ساحات وميادين مفتوحة، تحت شعارات مختلفة تسهم في تنبيه الدولة اليمنية بتنفيذ مطالب الشباب الثورية. ويرى شباب الثورة الشبابية الشعبية في اليمن أن استمرار ساحات الاعتصامات السلمية بفعلها الثوري يسهم إلى حد كبير في ضبط ايقاع الاوضاع بشكل كامل في البلاد. وقال الناشط الشبابي زياد الجابري إن بقاء الساحات تسهم إلى حد كبير في ضبط عملية اداء الأجهزة الحكومية والسلطات الإنتقالية والقيام بعملية تقويم اي انحراف لهذه المؤسسات عن أهداف الثورة. وأوضح الجابري، وهو مدير تحرير الشبكة الإعلامية للثورة اليمنية لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن حرص شباب الثورة على البقاء في ساحات الحرية وميادين التغيير نابع من تخوفهم من وجود مخططات كثيرة تهدف إلى الالتفاف على ثورتهم بما يشبه الثورة المضادة. وأضاف " ما زالت الكثير من الأدوات الإعلامية والأمنية والعسكرية التابعة للنظام السابق تسعى لزعزعة وتدمير اليمن وإفشال المرحلة الإنتقالية وإعادة انتاج النظام القديم وهو ما يرفضه شباب الثورة ويعتبرون حدوثه خيانة عظمى لدماء الشهداء والجرحى ". وأشار إلى أنهم مستمرون في الساحات حتى هيكلة الجيش بشكل كامل والانتهاء المرحلة الانتقالية ووصول البلاد إلى بر الأمان عام 2014 حيث الانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور الجديد للبلاد. وأكد الجابري أن بقاء الساحات تسهم إلى حد كبير في ضبط عملية اداء الأجهزة الحكومية والسلطات الإنتقالية والقيام بعملية تقويم اي انحراف لهذه المؤسسات عن أهداف الثورة في نشر العدالة ومحاربة الفساد وبناء الدولة المدنيه. ونوه بان بقاء ساحات الاعتصام السلمية يسهم في مد قرارات السلطات الإنتقالية بالمزيد من الشرعية وإسنادها في التغلب على اي معوقات تنشئ هنا أو هناك وأيضا في الرقابة على اداء هذه السلطات وتقويم اي اعوجاج. من جانبها، ترى الحكومة اليمنية أن استمرار الساحات تمثل عامل محفز، وليست مربكة لأداء الحكومة، وان بقاء تلك الساحات من عدمه يعود للشباب المعتصمين. وأوضح مصدر حكومي ل((شينخوا)) أن بقاء الساحات لم يمثل عامل ارباك لأداء الحكومة بكافة مؤسساتها وهيئاتها، مشيرا إلى أن الساحات السلمية تمثل عامل إلهام ومشجع للحكومة للقيام بكافة مهامها بشكل صحيح وسليم. وحسب المصدر فان للساحات عامل ضغط ايجابي في ضبط اداء الاجهزة الحكومية، وهي ما تحتاجه المرحلة الانتقالية التي تمر بها اليمن حاليا. وأكد المصدر أن مسألة اخلاء الساحات من عدمه، امر يعود للشباب المعتصمين في تلك الساحات والميادين سواء بالعاصمة صنعاء أو مدن يمنية أخرى. بدوره، قال عارف ابو حاتم الكاتب والمحلل السياسي اليمني إن بقاء الساحات السلمية في اليمن " مهم " من اجل ضبط أداء الحكومة وأجهزة الدولة والعمل بجدية اكثر. وأوضح ابو حاتم ل((شينخوا)) أن الثورة المغدورة لم تحقق من أهدافها سوى اخراج الرئيس السابق علي عبدالله صالح من سدة الحكم وبعض اسرته، وما يحسب لها هنا أنها ألغت وإلى الأبد مشروع التوريث، وما عدا ذلك لا يزال القتلة والمجرمين وناهبي المال العام، يتمتعون بكامل الامتيازات، بل بعضهم ضاعف فرص النهب. وأضاف " الثورة المغدورة أيضا لم تكمل أهدافها بمحاسبة ومسائلة أحد وبناء دولة مدنية تتسع للجميع ويتساوى فيها الجميع، فكان لا بد من استمرار حالة الاعتصام السلمية". وتابع " أظن أن بقاء الساحات لا يربك أداء الحكومة وأجهزة الدولة بل يعطيها شرعية العمل بجدية نحو التخلص من الفساد المتضاعف، فالرئيس هادي وحكومة الوفاق جميعهم جاءوا على جماجم ودماء الشهداء وصمود الثوار ويجب عليهم العمل من أجل نجاح كامل أهداف الثورة اليمنية". وأكد ابو حاتم أهمية أن تبقى حالة الفعل الثوري مستعرة ومستقرة في النفوس والأذهان، لأن الثورة حالة مستمرة وليست لحظات عابرة في سنة أو شهر، والشعب الذي خرج لإسقاط رئيس دولة يجب أن يعرف أنه قادر على اسقاط مسئول أو فاسد في أي درجة كان ". ودعت اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية باليمن أمس الثلاثاء للخروج بمسيرة في صنعاء، وقال بيان للجنة إن مسيرة بالسيارات ستخرج عصر اليوم في صنعاء لتأكيد استمرار الفعل الثوري. وخرجت اليوم مسيرات حاشدة في كل من شبوة والبيضاء ورادع ومدن يمنية أخرى لتأكيد استمرار الفعل الثوري في اليمن.