رحبت الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة في المغرب ترحيبا متحفظاً بالإعلان عن إلغاء فقرة مثيرة للجدل في القانون الجنائي كانت تعفي الرجل المغتصِب من المتابعة القانونية في حال زواجه من ضحيته. هذا ما عبرت عنه في حديث لإذاعة هولندا العالمية الناشطة البارزة خديجة الرياضي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. أمينة الفيلالي ثار النقاش بقوة حول الفقرة الثانية من الفصل 475 من القانون الجنائي في مارس (آذار) من العام الماضي اثر حادثة انتحار الشابة أمينة الفيلالي بعد ستة أشهر من زواجها من رجل كان قد غرر بها واغتصبها وهتك عذريتها. وأصبحت الفيلالي رمزاً للدفاع عن حقوق الفتيات ضحايا الاغتصاب في المغرب، وللمطالبة بعدم السماح للجناة بالإفلات من العقاب. مكافأة المجرم رغم أن السيدة خديجة الرياضي وزميلاتها في الحركة النسوية والحقوقية المغربية عبرت عن ارتياحها لخطوة وزارة العدل في الموافقة على إلغاء الفقرة التي تعتبرها الناشطات تكافئ المجرم بدلاً من معاقبته، إلا أنها لا تراها خطوة كافية لحماية ضحايا الاغتصاب والتغرير والخداع، وخاصة من القاصرات. تقول السيدة الرياضي إن "شبكة الناشطات سبق أن أعددن مشروعاً متكاملاً لمواجهة حالات الاغتصاب والاستغلال الجنسي وتزايدها في المغرب وحماية حقوق الضحايا ومعاقبة الجناة. وحتى الآن لم تتم مناقشة المشروع الذي بذلت الحقوقيات المغربيات جهوداً كبيرة في إعداده". الفصل 475 ينص الفصل 475 من القانون الجنائي المغربي على أن "من اختطف أو غرر بقاصر تقل سنه عن ثمان عشرة سنة بدون استعمال عنف وﻻ تهديد وﻻ تدليس أو حاول ذلك، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم." لكن الفقرة الثانية من الفصل ذاته تتيح للجاني الإفلات من العقوبة إذا تزوج بضحيته: "ومع ذلك، فإن القاصرة التي اختطفت أو غرر بها، إذا كانت بالغة وتزوجت من اختطفها أو غرر بها فإنه ﻻ يمكن متابعته إﻻ بناء على شكوى من شخص له الحق في طلب إبطال الزواج، وﻻ يجوز الحكم بمؤاخذته إﻻ بعد صدور حكم بهذا البطﻼن فعﻼ." هذه الفقرة الثانية هي التي طالب الكثيرون بإلغائها، على خلفية انتحار الشابة أمينة الفيلالي. واعتبر هؤلاء أن المصير المأساوي لهذه الشابة هو النتيجة الطبيعية لهذا القانون الذي يعاقب ضحية الاغتصاب بدفعها إلى الزواج من الرجل الذي اغتصبها، من أجل "الستر" والحفاظ على سمعة العائلة. الالتفاف على القانون هل يعني إلغاء هذه الفقرة من القانون الجنائي نهاية لهذه الظاهرة ذات الجذور الاجتماعية، والتي تضع "شرف العائلة" فوق المصلحة النفسية والعاطفية للفتاة المغتصبة أو المغرر بها، وكذلك فوق مفهوم العدالة القاضي بضرورة معاقبة المجرم لا مكافأته؟ لا تعتقد السيدة الرياضي بأن هذه الظاهرة ستختفي بمجرد إلغاء الفقرة من النص القانوني: "ستكون هناك وسائل كثيرة للالتفاف على القانون، وهو ما يحدث حالياً أيضا في حالات اغتصاب لا ينطبق عليها هذا الفصل اصلاً. مثل حالات الاغتصاب للفتيات الراشدات، حيث يتم ايضاً التخلي عن متابعة الجاني في حالة زواجه من الفتاة المغتصبة، رغم عدو وجود اساس قانوني لذلك. المشكلة موجودة أيضا لدى القضاة الذين يتساهلون كثيراً في معاقبة مرتكبي جرائم الاغتصاب." السياحة الجنسية تشير السيدة الرياضي أيضاً إلى ثغرات أخرى كثيرة سواء في القوانين أو في الإجراءات المتبعة لتطبيق القوانين في مجال حماية الفتيات والقاصرين من الاستغلال الجنسي: "هناك مشكلة أخرى لا تقل أهمية وهي استغلال القاصرين جنسياً من قبل الأجانب الذين اصبحت بعض المدن المغربية مثل مراكش للأسف المقصد الرئيسي لهم للسياحة الجنسية. فحتى في حال تقديم بلاغات ضد سواح اجانب قاموا باستغلال القاصرين جنسياً فلا يتم منعهم من مغادرة البلاد، وهو ما يجعلهم بمنأى عن المتابعة القانونية ويحصنهم ضد العقوبة."