فيما بدا أن التسوية السياسية في اليمن وصلت إلى طريق مسدود بعد شهرين من فشل تنفيذ الحزمة الأخيرة من قرارات هيكلة الجيش التي أقرها الرئيس عبد ربه منصور هادي، في 18 ديسمبر 2012، يبدو أن مجلس الأمن الدولي اتجه لاتخاذ تدابير حيال العراقيل الموضوعة في طريق "الانتقال السلمي للسلطة وواضعيها في البلاد". وكشف كبير مستشاري المبعوث الأممي لليمن جمال بن عمر، عن محادثات جارية بين أعضاء مجلس الأمن بهدف الخروج ببيان أو قرار بهذا الشأن قبل نهاية هذا الأسبوع. وقال عبدالرحيم صابر، في تصريحات أدلى بها ل"الأولى": "الآن، هم في إطار تحديد ما سيقولونه في بيانهم أو قرارهم" المتوقع صدوره في اليومين القادمين. وانطلاقاً من أن "المجلس ألزم نفسه بمعاقبة الأطراف المعرقلة بناءً على القرار 2051"، على حد قول صابر، فإن المجلس "سيوضح في بيانه المقبل طبيعة العراقيل التي تواجه انتقال السلطة في اليمن، ويحدد واضعي هذه العراقيل في أي قرار مقبل قد يتخذه ضدهم". وكشف كبير مستشاري بن عمر عن وجود لجنة تتولى دراسة البيان أو القرار الذي سيخرج به المجلس بشأن اليمن، مشيرا إلى أن المحادثات في إطارها بدأت مع اجتماع المجلس الخميس، واستمرت الجمعة، وتوقفت السبت والأحد يومي الإجازة، لتستأنف الاثنين، وما تزال مستمرة. وقال إن اللجنة المكلفة من مجلس الأمن بهذا الموضوع، تناقش الآن صيغة البيان أو القرار التي ستقوم بعرضها على سفراء المجلس ليقوموا بالتشاور حولها قبل إعلان البيان. وأفاد صابر أن العراقيل التي تواجه الانتقال السلمي في البلاد وواضعيها يمثلون الموضوع الرئيسي للمحادثات الجارية في مجلس الأمن منذ الخميس الماضي، مشيرا إلى أن المجلس سيبني بيانه أو قراره بصورة رئيسية على ما توصل إليه خلال زيارته لليمن. وكان مجلس الأمن الدولي زار اليمن، الشهر الماضي، حيث عقد اجتماعا أكد فيه على دعمه للتسوية السياسية وخطوات الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي أمضى حتى الآن نصف فترته الانتقالية. وأوضح صابر أن المجلس خلال زيارته لليمن اطلع "عن كثب على العراقيل التي لا تزال قائمة في طريق العملية الانتقالية إلى حد الآن"، من خلال لقائه بالأطراف السياسية في اليمن، "وعليه، فالصورة واضحة لديه، وهو المخول بالتالي بتوضيح طبيعة العراقيل وتحديد المعرقلين". هذه العراقيل كان واضحاً أنها حاضرة على طاولة مجلس الأمن، الخميس الماضي، عندما عقد اجتماعا مفتوحا قدّم فيه المجلس تقريره لنفسه حول زيارته لليمن كتقليد أممي، وأعقبه لقاء مغلق بين بن عمر ومجلس الأمن، قدم فيه الأول للأخير إحاطة حول زيارته ال18 إلى اليمن، ومشاوراته "مع كبار المسؤولين في الرياضوالدوحة"، وفقا لبيان صحافي صادر عن بن عمر. وانعقد اجتماع مجلس الأمن بعد وصول العملية السياسية في اليمن إلى حالة انسداد تنذر بفشل الانتقال السلمي للسلطة في البلاد، الذي يرعاه المجتمع الدولي، وهو ما عبر عنه بن عمر في بيانه حين انتهى بالقول إنه أبلغ مجلس الأمن أن "الكرة في ملعبه الآن. عليه التحرك الآن. إذ لم يبقَ هناك مجال لتضييع الوقت. فالوقت يمضي بسرعة، ولن تكون هناك فرصة ثانية". ويبدو أن الجرس الذي قرعه بن عمر في لقائه المغلق بالمجلس، لاقى آذانا صاغية لدى المجلس، لكن هذا لم يترجم نفسه في صورة موقف واضح وفوري من المجلس عقب انتهائه من الاجتماع، الأمر الذي عزز من حالة الإحباط المتفاقمة وسط اليمنيين تجاه الدور المنتظر من المجلس لعبه في وضع حد للعراقيل التي توضع من قبل أطراف الصراع في طريق العملية الانتقالية. غير أن تصريحات كبير مستشاري بن عمر تكشف في هذا التقرير أن المسألة لم تنتهِ بانتهاء اجتماع مجلس الأمن الأخير، وأن موقفا متوقعا صدوره من المجلس قد يكون وشيكا. وفي حين أكد أنه لا يملك أية معلومات، وليس لديه توقعات بشأن مضمون البيان أو القرار المتوقع صدوره، قال إن كل شيء ممكن. وتبدو الأيام القليلة القادمة مرشحة لتحول في مسار العملية السياسية وعملية إعادة هيكلة الجيش اللتين تمران بحالة انسداد منذ شهور تفاقمت منذ صدور حزمة قرارات الهيكلة الأخيرة في ديسمبر. وأصدر هادي حزمة قرارات في إطار هيكلة الجيش، وصفت بالجريئة، لكنها لم تصدر كاملة بسبب عرقلة أطراف عسكرية لها. وكان اللواء علي محسن الأحمر تصدر قائمة المعرقلين لهذه الحزمة، بحسب المعلومات التي تداولتها وسائل الإعلام المحلية والعربية، خلال الشهرين الأخيرين. ووفقا لهذه المعلومات، فقد تمحور اعتراض الأحمر على قرارات الهيكلة الأخيرة حول عدد من النقاط؛ من بينها رفضه التخلي عن الفرقة الأولى مدرع وقيادة المنطقة الشمالية الغربية التي قضت القرارات بتقسيمها إلى قيادتين منفصلتين، كما بسبب تدخله في قرارات هادي المتعلقة بتعيين قادة المناطق العسكرية. ويبدو أن عرقلة الأحمر لقرارات الهيكلة استندت الى موقف خليجي داعم قادته الرياضوالدوحة اللتان تصدّر موقفاهما عناوين وسائل الإعلام منذ صدور القرارات في ديسمبر. لكن موقفي العاصمتين الخليجيتين، اللتين تمتلكان نفوذاً قوياً لدى كل من حزب الإصلاح واللواء الأحمر، والقادرتين بالتالي إما على إقناع الأخيرين بتنفيذ قرارات هادي، أو دعمه في تعنته، قد يشهدان تحولاً. وكان بن عمر أجرى زيارتين للسعودية وقطر، وهو في طريقه لحضور اجتماع مجلس الأمن في نيويورك، حيث أحاط الأخير علما بمشاوراته مع "كبار المسؤولين" في الرياضوالدوحة. وكشف كبير مستشاري بن عمر عن أن الأخير التقى في الدوحة بالأمير القطري حمد بن خليفة، وولي عهده ورئيس وزرائه. كما كشف للمرة الأولى أن بن عمر زار الرياض قبل زيارته الأخيرة لليمن، وهي زيارة لم يتم الإعلان عنها، وقد التقى هناك بوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، والأمير مقرن بن عبدالعزيز، وخرج "بانطباع إيجابي"، مشددا على أن النتيجة التي حملها من العاصمتين الخليجيتين "كانت إيجابية جدا". مؤشرات عدة طفت على السطح في الأيام القليلة الماضية، ترجح احتمال وجود تحول في الموقف الإقليمي والدولي المساند، منها إشارة بن عمر في حوار متلفز إلى أن المناطق العسكرية ال7 ستتولاها قيادات جديدة، أي أن رفض اللواء علي محسن لترك منصبه كقائد لمنطقته الحالية أو منطقة جديدة، يبدو قد تم ضمان تخليه عنه.