أعلن الرئيس الأمريكي بارام أوباما قبل قليل إيقاف مناورات "النجم الساطع" العسكرية والتي تجرى كل عامين وهي حجر زاوية في العلاقات العسكرية الأمريكية المصرية، وذلك احتجاجا على أحداث العنف التي راح ضحيتها آلاف القتلى والجرحى منذ يومين. واشار أوباما في بيان له بث بصوته إلى ان التعاون بين واشنطنوالقاهرة لم يعد كما كان. إلى ذلك، دعت جماعة الاخوان المسلمين في مصر أنصارها إلى مسيرة احتجاجية في القاهرة يوم الخميس بعد مقتل 525 شخصا على الأقل في حملة أمنية لفض اعتصامين للرئيس المعزول محمد مرسي واشتباكات لاحقة تركت مصر أكبر الدول العربية سكانا في حالة من الاستقطاب والاضطراب. وتعرضت القاهرة ومدن أخرى لأعمال عنف صادمة يوم الأربعاء ولكنها اتسمت بالهدوء بدرجة كبيرة ليل الأربعاء بعد أن أعلنت الحكومة المدعومة من الجيش حالة الطواريء لمدة شهر وفرضت حظر تجوال من غروب الشمس وحتى الساعات الاولى من الصباح في العاصمة و13 محافظة أخرى. ولم يتضح بعد ما إذا كان الجيش سيتمكن من كتم غضب انصار الرئيس المعزول. ويبدو أن نقطة الاشتعال التالية ستظهر في وقت لاحق يوم الخميس بعد أن دعت الجماعة إلى مسيرات في العاصمة احتجاجا على سقوط قتلى. واشتبك إسلاميون من أنصار مرسي مع قوات الشرطة والجيش التي استخدمت الجرافات والقنابل المسيلة للدموع والذخيرة الحية يوم الأربعاء لفض اعتصامين في القاهرة والجيزة تحولا الى بؤرتين للمواجهة بين الاخوان والجيش. وامتدت الاشتباكات بسرعة وقال مسؤول من وزارة الصحة يوم الخميس إن 525 شخصا قتلوا ونحو 3717 اصيبوا بجروح في القاهرةوالاسكندرية وعدة بلدات ومدن في مختلف ارجاء مصر التي يقطنها نحو 84 مليون نسمة. وهذه ثالث واقعة قتل لمتظاهرين إسلاميين منذ عزل مرسي قبل ستة أسابيع لكن نطاق إراقة الدماء يوم الأربعاء فاجأ كثيرين واشار إلى أن الجيش عازم على احكام قبضته على البلاد. وجاء قرار فض اعتصامي الاخوان بمثابة تحد لمناشدات الغرب بضبط النفس والتفاوض على تسوية للازمة السياسية في مصر وجاءت إدانات من عدة دول وليس كلها. وفي أنقرة دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان مجلس الأمن الدولي يوم الخميس إلى الاجتماع سريعا والتحرك بعد ما وصفه بالمذبحة في مصر. وقال في مؤتمر صحفي "أناشد الدول الغربية. لقد لزمتم الصمت في غزة ولزمتم الصمت في سوريا ... ومازلتم تلزمون الصمت بشأن مصر. لذلك كيف تتحدثون عن الديمقراطية والحرية والقيم العالمية وحقوق الانسان." لكن الإمارات العربية المتحدة وهي واحدة من عدة دول خليجية ازعجها فوز مرسي في انتخابات 2012 عبرت عن تأييدها للحملة وقالت إن الحكومة المصرية "مارست أقصى درجات ضبط النفس". وفي موقع اعتصام مسجد رابعة العدوية بالقاهرة قام يوم الخميس جامعو القمامة بتنظيف المكان من بقايا الخيام المحترقة. وفكك الجنود المنصة المقامة في قلب مكان الاعتصام. وكان هناك مدرعة محترقة متوقفة في شارع قريب. وتقول جماعة الاخوان المسلمين إن أعداد القتلى أعلى بكثير من البيانات الرسمية وقال متحدث باسمها إن نحو ثلاثة آلاف شخص قتلوا في "المذبحة". ومن المستحيل التحقق من البيانات بشكل مستقل نظرا لاتساع نطاق العنف. ويمنح إعلان حالة الطواريء وفرض حظر التجوال للجيش سلطات الاعتقال والاحتجاز لاجل غير مسمى التي احتفظ بها على مدى عقود في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي اطاحت به انتفاضة شعبية عام 2011. ويؤكد الجيش إنه لا يسعى للسلطة وانه تحرك الشهر الماضي لعزل مرسي استجابة للارادة الشعبية واحتجاجات حاشدة لكن الأزمة السياسية التي مزقت المصريين بين موال ومعارض لمرسي طغت على جهود استعادة الديمقراطية. وقدم السياسي المصري البارز محمد البرادعي الذي أيد عزل مرسي استقالته من منصب نائب رئيس الجمهورية مبديا استياءه من فض الاعتصامين بالقوة بدلا من التفاوض على انهاء الأزمة المستمرة منذ ستة أسابيع. ولم يتبع خطاه ليبراليون وتكنوقراط آخرون في الحكومة المصرية. وتحدث رئيس الوزراء حازم الببلاوي في كلمة بثها التلفزيون قائلا "لم يكن قرارا سهلا" موضحا ان السلطات لم يكن أمامها خيار اخر. وأضاف الببلاوي إن الأمور "وصلت إلى درجة لا يمكن لدولة تحترم نفسها أن تقبلها." وامتدت أعمال العنف إلى خارج القاهرة فاشتبك انصار مرسي وقوات الأمن في الاسكندريةوالمنيا وأسيوط والفيوم والسويس والبحيرة وبني يوسف. وقالت قوات الأمن ووسائل الإعلام إن الإسلاميين شنوا هجمات انتقامية على أهداف مسيحية في عدة مناطق وأضرموا النيران في كنائس ومنازل وشركات يملكها أقباط بعد ان أعطى البابا تواضروس مباركته لعزل مرسي. وقالت وكالة انباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية ان الكنائس هوجمت في المنيا وسوهاج واسيوط حيث فر المسيحيون عن طريق الاسطح إلى المبنى المجاور بعد أن احاطت حشود بالكنيسة ورشقتها بالحجارة. وقال وزير الداخلية محمد ابراهيم في مؤتمر صحفي إن 43 شرطيا قتلوا في الاشتباكات. وأكد مصدر أمني رفيع المستوى بوزارة الداخلية لوكالة أنباء الشرق الأوسط مقتل ثلاثة من رجال الشرطة في الساعات الأولى من صباح الخميس اثناء دفاعهم عن قسم شرطة حلوان. وقالت الوكالة إن مئات من أعضاء جماعة الاخوان المسلمين قاموا في الساعات الأولى من الصباح بالتجمع امام قسم شرطة حلوان في محاولة لاقتحامه وهو ما ادى إلى وقوع اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن. وبالبيانات الرسمية عن أعداد قتلى الأربعاء يتجاوز عدد القتلى منذ عزل مرسي 800 قتيل أغلبهم من أنصار الرئيس المعزول. وادانت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة العنف وطالبوا برفع حالة الطواريء وإلى حل سياسي شامل للازمة. ووصف جون كيري وزير الخارجية الأمريكي إراقة الدماء في مصر بانها "مؤسفة" وهي كلمة نادرا ما يستخدمها الدبلوماسيون الأمريكيون وحث جميع الأطراف على السعي لحل سياسي. وقال مسؤول أمريكي لرويترز إن واشنطن تدرس إلغاء مناورات عسكرية مع مصر مقررة هذا العام بعد أعمال العنف. وبدأت عام 1981 بعد اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل. واوقفت الولاياتالمتحدة بالفعل تسليم طائرات اف-16 مقاتلة فيما يشير إلى استيائها من الاحداث.