يستمر تكتل من القوى والفصائل بالمطالبة بانفصال الجنوب، وفك الارتباط القائم منذ العام 1990 بين شطري البلاد، وعودة دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، رغم التوجه القائم في صنعاء للتحول نحو النظام الاتحادي عبر 6 أقاليم، بينها إقليمان في الجنوب. وعبرت فصائل الحراك الجنوبي غير المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، عن رفضها مخرجاته، واستعدادها للوقوف أمام محاولات تنفيذها في المحافظاتالجنوبية. أُسس الحراك الجنوبي مطلع العام 2007، ليؤطر ويجمع عدداً من الحركات والقوى الشخصيات المطالبة بالانفصال. وقد رفع الحراك في بداية أمره شعارات مناوئة للنظام الحاكم، وداعية لإصلاح مسار الوحدة، لكنه لم يلبث أن تطور من حركة احتجاجية ضد التهميش والإقصاء الذي يعانيه الجنوبيون بشكل أكبر من الشماليين، إلى حركة تمرد مدنية متعاظمة، ليس فقط ضد حكم علي عبدالله صالح، وإنما أيضا ضد استمرار الوحدة بين شطري اليمن. وينشط الحراك في كل محافظاتاليمنالجنوبية، ودأب منذ سنوات على تنظيم مظاهرات واحتجاجات كانت في البداية أسبوعية، لكنها تحولت في الشهور الأخيرة إلى مناشط شبه يومية، وتعتبر محافظة الضالع إحدى أكثر مناطق الحراك سخونة ونشاطا. ويعد رئيس المجلس الأعلى للحراك الجنوبي حسن باعوم، من أهم قيادات الحراك، وأكثرها تعرضاً للاعتقال والمتابعة، ويقول باعوم إن فكرة تقسيم الجنوب إلى إقليمين محاولة خبيثة لشق الصف الجنوبي، وزرع الفرقة والنزاع في ما بينهم. وأوضح، في تصريحات صحفية، أن مخرجات الحوار الوطني بشكل عام، لم يكن الحراك مشاركاً فيه، والمشاركين في الحوار من أبناء الجنوب لا يمثلون إلا أنفسهم، وبالتالي لا يمكن الموافقة عليه، كما أنه لا يعني الحراك الجنوبي. مقابل ذلك، هاجم السفير اليمني في جمهورية مصر العربية، الأطراف الجنوبية المعترضة على قرار تقسيم اليمن إلى 6 أقاليم، قائلاً: إن حساباتها خاطئة. ونقلت صحيفة "الأهرام" عن السفير محمد الهيصمي، قوله: "إن الأطراف والمكونات اليمنية شاركت على مدى الأشهر ال9 الماضية في مؤتمر الحوار الوطني، الذي أقر هذا التقسيم الإداري لأغراض تنموية تخدم وحدة اليمن، ووقعت عليه 22 شخصية وطنية تمثل مختلف القوى والتيارات والطيف السياسي اليمني". واتهم الهيصمي الأطراف المعترضة على تقسيم اليمن إلى 6 أقاليم، بأنها "توظف موقفها لأهداف أخرى، وأن من يهاجم القرار هم فئتان؛ الأولى تضم من ليست لديهم فكرة كافية عن وسائل الإدارة المحلية". والثانية الأطراف الجنوبية التي قال إن لديهم حسابات أخرى تمس وحدة اليمن. ومنذ ظهور قضية "الحراك الجنوبي" في المحافظاتالجنوبية، عام 2007، بتجمعات احتجاجية أولية في الضالع، لمجاميع صغيرة من الضباط والجنود المسرَّحين من الخدمة في القوات المسلحة، ظلت الدولة تنظر إليها على أنها مجرد "أصوات خرقاء لمتضررين فقدوا مصالحهم، وسرعان ما تزول"! ويقول القيادي في الحراك الجنوبي صلاح الشنفرة، إن مخرجات حوار صنعاء لا تعني شعب الجنوب، مؤكداً قدرة أبناء الجنوب على وقف كل المشاريع التي تنتقص من هدف التحرير والاستقلال، حسب قوله. وناشد الشنفرة أبناء الجنوب مواصلة النضال والتصعيد والخروج بمظاهرات ومسيرات لوقف مخططات نظام صنعاء، وقال إن القصف اليومي والمجازر التي ترتكب كل يوم هي من مخرجات حوارهم. ودعا القيادي الحراكي، دول الخليج والمجتمع الإقليمي والدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية، للوقوف إلى جانب شعب الجنوب حتى استعادة دولته، حد تعبيره. وبالرغم من مناشدات حثيثة من قيادات الحراك لدول الخليج والعالم للتدخل لعمل حوار ندي بين جنوب وشمال، يقول الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، الدكتور عبداللطيف الزياني، إن اليمن أنهى مرحلة مهمة من المبادرة وآليتها التنفيذية، بعد التوافق على الوثيقة التي أصدرها مؤتمر الحوار الوطني. وأعرب الزياني، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الكويتية، عن تفاؤله بأن اليمن سيتعدى هذه المرحلة، لتتحقق تطلعات اليمنيين في الاستقرار والتنمية. ويعود مسار الارتباط بين شطري اليمن إلى العام 1990، حين أعلن الطرفان في 22 مايو 1990، عن الاتفاق على توحيد شطري اليمن، بعد مفاوضات طويلة. وبعد 3 سنوات من الوحدة دخلت البلاد في أزمة سياسية عميقة أدت لاندلاع حرب أهلية بين طرفي الوحدة، في 27 أبريل 1994، انتهت بإجهاض حركة الانفصال، وخروج عدد من قادة الجنوب، من بينهم علي سالم البيض، نائب الرئيس اليمني، خارج البلاد. ويقول السفير قاسم عسكر، إن الرئيس عبد ربه منصور هادي، يعد جزءاً من المنظومة لنظام الحكم اليمني الذي ينفذ هجمات ضد الجنوب. وأكد أن الحراك لديه خطط تصعيدية سوف تشهدها الفترة القادمة، وستتم مواجهة من سماه بالعدوان بكل قوة، والشعب في الجنوب سيتصدى لهم بحكمة واستبسال حتى التحرير والاستقلال، حسب قوله. لكن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر، قال إن إعلان تقسيم اليمن إلى 6 مناطق، يعد تطوراً كبيراً في تاريخ اليمن، حيث اتفق اليمنيون على هذا الهيكل الاتحادي، إلا أنه حذر من "احتمال أن يستغرق إنشاء الهيكل الجديد وقتاً طويلاً". كما رحب بن عمر بالاتفاق الخاص بقضية الجنوب، معتبراً أنه "اتفاق عادل" تم من قبل جميع الأطراف السياسية، كجزء من الوثيقة الختامية للحوار اليمني، بحسب وكالة الأنباء الكويتية "كونا". بدأ نشطاء جنوبيون من منظمات حقوقية ومجتمعية وسياسية عدة، الدعوة لتنظيم تظاهرات حاشدة أمام المقر الرئيس لجامعة عدن، التي قال رئيسها إنه سيدشن رسمياً أولى الفعاليات السياسية لإقليم عدن، (الاثنين) القادم. وقالت مصادر سياسية في صنعاء إن هذه الفعالية التي ستقام (اليوم) الاثنين، سيتم فيها رفع شعارات مؤتمر الحوار الوطني اليمني، وشعارات رسمية لإقليم "عدن". مقابل ذلك، دعا نشطاء من الحراك الجنوبي للتصدي لهذه الفعالية التي قالوا إن الهدف منها تزوير موقف أهالي الجنوب من مؤتمر الحوار اليمني ومخرجاته. مطالبين الشرفاء من أبناء الجنوب بالتصدي لكل من تسول له نفسه تزوير إرادة الناس في الجنوب. ويرى محفوظ الكلدي، وهو أحد شباب الحراك، أن مخرجات الحوار ما هي إلا حبر على ورقة، وأن الحوار كان شكلياً منذ بدايته، والغرض منه "تهدئة الوضع في الشمال، وليس إيجاد الحل للقضية الجنوبية". من جانبه، قال محافظ عدن المهندس وحيد علي رشيد، إن من يرفض مشروع الأقاليم هم حكام الأمس المستبدون، الذين يريدون العودة إلى الحكم كثوار. وطالب رشيد، في تصريحات نقلها موقع "الصحوة نت" التابع ل"إخوان اليمن"، بضرورة إعادة الاعتبار لمدينة عدن ووظيفتها الاقتصادية، بعيداً عن المناكفات السياسية وصراع الأحزاب، مضيفاً: عدن التي نريدها اليوم أن تحمي اليمن.. علينا أن نحميها ونبنيها.. والرئيس هادي أوفى بالتزامه تجاه عدن وشبابها. لكن العميد علي محمد السعدي، القيادي في الحراك الجنوبي قال: مخاطباً الرئيس هادي: أي محاولة أو تمرير أي مشروع يراد منه أن تعاد اللحمة بيننا وبين هذه القوى الحاقدة، ما هو إلا ضرب من الخيال، حد قوله.