اتخذت السلطات اليمنية العديد من الاجراءات الاستثنائية "أمنية وعسكرية" في العاصمة صنعاء ومحيطها لمواجهة تحركات جماعة الحوثي" شيعة" وذلك بعد ايام من سيطرة الجماعة على مدينة عمران اقرب واكبر مدينة متاخمة للعاصمة (50 كم) شمال صنعاء. وسيطر مسلحو جماعة الحوثي الثلاثاء الماضي على مدينة عمران كاملة بعد معارك ضارية بدأت في 19 مايو الماضي مع وحدات عسكرية من اللواء 310 يساندها مسلحون من أنصار حزب الإصلاح "إخوان مسلمون"، لم تفلح اتفاقات لوقف إطلاق النار في إيقافها. فخلال فترة المواجهات أبرمت لجنة رئاسية ثلاثة اتفاقات لوقف إطلاق النار إلا أنها انهارت جميعا أمام تواصل المعارك. وتعد جماعة الحوثي التي تتخذ من محافظة صعدة شمال اليمن مقرا لها أكبر جماعة يمنية مسلحة، وكانت قد خاضت ستة حروب ضد القوات الحكومية خلال فترة تمردها على الدولة ما بين عامي 2004 و 2009 في ظل حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح. وقوبلت سيطرة الجماعة للمدينة واقتحام اللواء 310 مدرع، ونهب جميع عتاده العسكري، وقتل قائده وضباط وجنود، وتشريد معظم سكان المدينة ، باستنكار محلي واسع ودولي وإقليمي. وما تزال الجماعة تتحرك بشكل كبير في مناطق عدة تابعة لمحافظة صنعاء ومتاخمة للعاصمة. وقال سكان محليون (الأحد) لوكالة أنباء (شينخوا) إن الحوثيين يشنون هجمات متقطعة على عدة مناطق في مديرية همدان نحو (25 كم) شمال العاصمة وان مواجهات عنيفة وبشكل متقطع تدور حاليا بين وحدات عسكرية مسنودين برجال قبائل، ومسلحي الجماعة في كل من "الجائف والخياط" ومناطق أخرى في همدان. كما ما تزال المواجهات مستمرة حتى الآن بين قوات الجيش ومسلحي الحوثي حول جبل "ضين"اخر حاجز عسكري في محافظة عمران يربط المحافظة بالعاصمة صنعاء. وأكد مصدر محلي مسئول لوكالة أنباء (شينخوا) أن مسلحي الحوثي يشنون هجمات مستمرة على الجبل العسكري ، وان قوات من الجيش تخوض مع الجماعة مواجهات مستمرة في محيط الجبل. وحسب المصدر فان المواجهات يستخدم فيها اسلحة ثقيلة ومتوسطة، وان الحوثيين يسعون إلى اسقاط الجبل ، باعتباره اخر المناطق التي تتواجد فيها الدولة بالمحافظة. ويتخوف من تحركات الحوثي باتجاه العاصمة صنعاء، وهو الامر الذي جعل السلطات اليمنية تتخذ العديد من الاجراءات الاستثنائية امنيا وعسكريا لمواجهة أي عدون على العاصمة. وأجرى الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الليلة قبل الماضية، تغييرات في بعض القيادات العسكرية بالبلاد ، كما أمر بإجراء تعزيزات أمنية للعاصمة، وقبلها أمر القوات في صنعاء ومحيطها بالاستعداد القتالي. وشملت التغيرات العسكرية اقالة قائد المنطقة العسكرية السادسة اللواء الركن محمد علي المقدشي وهي قوات تدير صنعاء عسكريا ومحافظة عمران وغيرها من المدن القريبة من العاصمة، وتم تعيين اللواء محمد يحيى غالب الحاوري قائدا للمنطقة. كما شملت التغيرات اقالة قادة عسكريين وتعيين قادة جدد في مجموعة ألوية الصواريخ التابعة لقوات الاحتياط الاستراتيجي التي تتخذ من العاصمة مقر لها.. وتتبع مجموعة الصواريخ للرئيس مباشرة. وفي السياق ذاته، عقد الرئيس اليمني (السبت) اجتماعا ضم قيادات امنية عليا، تم خلاله مناقشة المهام والإجراءات الأمنية المطلوبة لتنفيذ الخطة الأمنية بأمانة العاصمة. وشدد هادي على ضرورة تعزيز اليقظة الأمنية وتنفيذ الخطة الأمنية المعتمدة لأمانة العاصمة، حتى تسهم بشكل إيجابي في استتباب الأمن والوقاية من الجريمة وضبط مرتكبيها. وقبل يومين، وجه الرئيس هادي برفع درجة الاستعداد القتالي بالوحدات العسكرية والأمنية في إطار أمانة العاصمة والمحافظات المجاورة. وذكرت حينها وكالة الانباء الرسمية (سبأ) أن الرئيس هادي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة ، وجه برفع درجة الاستعداد القتالي بالوحدات العسكرية والأمنية في إطار امانة العاصمة والمحافظات المجاورة. وأشار إلى أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها محافظة عمران فرضت واقعا جديدا وكشفت النوايا الحقيقية للحوثيين وخروجهم عن إجماع الشعب ومخرجات الحوار الوطني ما يتطلب التعامل معه بجدية ومسئولية. وشدد على ضرورة أن تكون الوحدات العسكرية والأمنية في يقظة واستعداد دائمين لتنفيذ المهام المنوطة على الوجه الأمثل، كما حث جميع القيادات والضباط وكل المقاتلين على التفاعل مع متطلبات المرحلة . من جانبها، أعلنت الداخلية اليمنية تشكيل لجنة ازمات امنية ، وتكليف نائب وزير الداخلية بالإشراف المباشر على الاجراءات الامنية في اطار العاصمة والمناطق المجاورة. وذكر مركز الاعلام الامني الناطق باسم الوزارة، أن وزير الداخلية اللواء عبده حسين الترب اصدر قرارا بتكليف نائبه اللواء علي ناصر لخشع بالإشراف المباشر على شرطة أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، وذلك بناء على توجيهات رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة برفع درجة الاستعداد الأمني بأمن أمانة العاصمة وامن محافظة صنعاء . ونص القرار على تكليف لخشع بالإشراف الكامل والمباشر على شرطة أمانة العاصمة وشرطة محافظة صنعاء بما فيها الوحدات الأمنية المتواجدة في أمانة العاصمة وتشمل قوات الأمن الخاصة ، شرطة الدوريات وامن الطرق وحراسة المنشآت والبحث الجنائي.. وان يمنح كافة الصلاحيات باتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة لمعالجة القضايا ومواجهة أي اخلالات أمنية طارئة بما يكفل تعزيز الأمن والاستقرار وتحقيق السكينة العامة للمواطنين. كما اصدر وزير الداخلية اليمني قرارا بشأن تشكيل لجنة أزمات أمنية، وذلك بناء على توجيهات هادي برفع درجة الاستعداد الأمني بأمن أمانة العاصمة وامن محافظة صنعاء . ميدانيا، انتشرت منذ الليلة الماضية قوات امنية كبيرة في العاصمة صنعاء واستحدثت حواجز امنية ، وفرضت نقاط تفتيش واسعة. وذكر شهود عيان لوكالة أنباء (شينخوا) أن قوات تابعة للأمن الخاص "أمن مركزي" انتشرت الليلة الماضية في عدد من شوارع وأحياء العاصمة صنعاء وقامت باستحداث العديد من الحواجز الامنية والتفتيش للسيارات والمركبات. وأوضح الشهود أن القوات الامنية التي انتشرت بعدد من الشوارع والإحياء مزودة بمدرعات واطقم كاملة التسليح، وانها استحدثت نقاط تفتيش في الشوارع الرئيسية وبعض مداخل الاحياء السكنية بالعاصمة. كما انتشرت قوات عسكرية في مناطق على محيط العاصمة من عدة اتجاهات، خاصة في الجهة الغربية والشمالية. وحسب شهود العيان فان النقطة الامنية في المدخل الرئيس الغربي للعاصمة بمنطقة "الصباحة" شوهد فيها زيادة اعداد كبيرة من رجال الأمن، وانه تم تزويدها بدبابات وعربات واطقم أمنية وانه شواهد استحداثات كبيرة في المنطقة تمثلت بوضع متاريس قتالية كبيرة. بدورها، لم تعلق جماعة الحوثي على اعلان السلطات اليمنية على الاجراءات الامنية والعسكرية الأخيرة واكتفت بالتعليق بان الحياة في عمران " طبيعية". وذكرت الجماعة بان كتيبة عسكرية وصلت مدينة عمران يوم امس لاستلام مقر اللواء 310 مدرع ، وان الحياة طبيعية في عمران والجميع يعيش حالة من الوئام والشراكة والإخاء. وقال محمد عبدالسلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة، في منشور له على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" إنه في إطار تطبيع الأوضاع العامة في مدينة عمران وصلت كتيبة عسكرية من اللواء التاسع لاستلام اللواء 310 وللإشراف على استكمال التواجد الأمني في محافظة عمران. واضاف " نطمئن كل أبناء مدينة عمران الا يلتفتوا للمخاوف والأكاذيب التي تزرعها عناصر وميليشيات حزب الإصلاح (اخوان مسلمون) بخصوص الوضع العام في عمران فالحياة طبيعية والجميع يعيش حالة من الوئام والشراكة والإخاء. ورحب متحدث الجماعة بأي دور إنساني ترغب أي جهة القيام به في مدينة عمران.