- الشرق الأوسط - عرفات مدابش وحمدان الرحبي : كشفت مصادر يمنية ل«الشرق الأوسط»، عن جهود تبذل من أجل التوصل إلى اتفاق بين الحوثيين والدولة اليمنية، ينهي المعارك الدائرة في أكثر من منطقة بين الجماعة المتمردة، والقبائل المسنودة من الجيش. وفي حين أشارت المصادر إلى وساطة عمانيةوإيرانية للضغط على الحوثيين لتوقيع الاتفاق، أجرى المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر محادثات في صعدة مع زعيم المتمردين عبد الملك الحوثي، وطرح عليه «مقترحات تسوية»، قالت المصادر إنها باتت وشيكة. غير أن مسؤول أميركي رفيع في صنعاء شكك في نيات الحوثيين. ويكثف بنعمر من لقاءاته في صعدة للتوصل إلى حل للأزمة اليمنية، في الوقت الذي تشهد عدد من مناطق العاصمة صنعاء اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش ورجال القبائل من جهة والمتمردين الحوثيين من جهة أخرى وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين. والتقى المبعوث الأممي بزعيم المتمردين الحوثيين في محافظة صعدة بعد أن نقلته طائرة خاصة إلى هناك، وذلك في سياق تكثيف مشاوراته لحل الأزمة بين الحكومة والحوثيين المتمرسين في صنعاء وحولها بمسلحيهم، وتشير المعلومات الرسمية إلى أن إيران طلبت من الحوثيين عبر وسيط عماني الموافقة على مشروع الاتفاق. وحسب «الشرق الأوسط» فإن الحكومة اليمنية طلبت من سلطنة عمان التدخل لدى إيران التي تدعم الحوثيين من أجل حقن الدماء. من جانبه قال السفير الأميركي، بصنعاء، ماثيو تولر، إن «استخدام العنف من قبل جماعة الحوثي يشير إلى أن لديهم نيات غير التي يعلنونها وهي إسقاط الحكومة والتراجع عن الإجراءات الاقتصادية الأخيرة المتمثلة في رفع الدعم عن المشتقات النفطية». وجاء موقف السفير في مؤتمر صحافي بصنعاء، قال فيه إن «على جميع الأطراف الدخول في المفاوضات الحالية بحسن نية للتوصل إلى حل دائم للأزمة وبما ينسجم مع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل». وأضاف «نحن ندرك كما يدرك اليمنيون أن أي مواجهات مسلحة ستدمر اليمن، لذا فإن الأمر يستدعي دعم جهود الرئيس عبد ربه منصور هادي لحل هذه الأزمة عبر المفاوضات والوقوف سويا لمواجهة من يعرقلون مسيرة التسوية السلمية»، معتبرا أن «نجاح المفاوضات الحالية خطوة في الاتجاه الصحيح». إلى ذلك، ارتفع عدد قتلى المواجهات المسلحة التي اندلعت أول من أمس، واستمرت حتى فجر أمس، بالضاحية الشمالية الغربية للعاصمة صنعاء، إلى أكثر من 30 شخصا معظمهم من الجنود بينهم مدنيون، فيما قتل جنديان في مواجهات جديدة في منطقة حزيز بجنوبصنعاء، صباح أمس الأربعاء. وتمكن مسلحو الحوثي من اختطاف جندي ونهب طقم عسكري يتبع قوات الاحتياط (الحرس الجمهوري المنحل). وذكر شهود عيان في منطقة شملان غرب صنعاء ل«الشرق الأوسط»، أن اشتباكات عنيفة استمرت لأكثر من 12 ساعة، دارت في المنطقة بين مسلحي جماعة الحوثي المتمردة ومسلحين قبليين بمساندة قوات من الجيش، وأكدوا مشاهدتهم لجثث جنود مرمية على الطرقات، فيما سمع أصوات انفجارات عنيفة يعتقد أنها قصف بالدبابات لمواقع تمركز فيها الحوثيون، الذين استهدفوا في كمين تعزيزات عسكرية مكونة من مدرعات ودبابات، كانت متجهة إلى قرية القابل التي سيطر عليها الحوثيون صباح الثلاثاء، فيما ذكرت مصادر محلية أن مسلحي الحوثي فجروا مقرا لحزب الإصلاح في قرية القابل، وحاصروا دار القرآن الكريم في منطقة المحجر بهمدان مهددين بتفجيره. وفي منطقة حزيز جنوبصنعاء هاجم الحوثيون طقما عسكريا تابعا لقوات الاحتياط، وقتل جنديان وجرح آخر، فيما اختطفوا جنديا ونهبوا الطقم العسكري، وكانت المنطقة شهدت مواجهات عنيفة سابقة، واتهمت السلطات الحوثيين باحتلال منازل المواطنين والمدارس وتحويلها إلى متاريس لمسلحيهم. إلى ذلك أكد قائد قوات الأمن الخاصة اللواء الدكتور محمد الغدراء، جاهزية قوات الأمن الخاصة في حماية الممتلكات العامة والخاصة وتنفيذ المهام والواجبات الأمنية بمهنية عالية. ونقلت وكالة الأنباء الحكومية عن الغدراء قوله إن «قوات الأمن الخاصة ستكون مساندة للأجهزة الأمنية المختلفة لمواجهة الاختلالات الأمنية وإحباط وإفشال كل المؤامرات الرامية لزعزعة الأمن والاستقرار». وتعيش العاصمة صنعاء منذ أسبوع أوضاعا أمنية صعبة بعد إقامة الحوثيين لأكثر من 8 مخيمات اعتصام لمسلحيهم وأنصارهم بالقرب من مواقع عسكرية وحكومية حساسة، مثل مطار صنعاء، ومعسكرات للجيش جنوبا وغربا، ومخيمات أمام 3 وزارات حكومية في خط المطار، فيما يغرق سكانها في ظلام دامس بعد توقف محطة مأرب الغازية المولدة للكهرباء بسبب استهداف مسلحي الحوثي لخطوط النقل في منطقة مفرق الجوفمأرب. وأكد مصدر حكومي في مؤسسة الكهرباء أن استمرار المواجهات المسلحة في محافظة الجوف، منعت الفرق الفنية من إصلاح الأضرار التي لحقت بخطوط نقل الطاقة الكهربائية. وفي سياق الحرب في محافظة الجوف شمال البلاد، شهدت جبهات المعارك هدوءا نسبيا في مناطق الغيل والخانق، فيما استمرت في المصلوب، وذكرت مصادر قبلية ل«الشرق الأوسط»، أن وساطة قبلية توصلت إلى هدنة لمدة 24 ساعة، في مديرية الغيل التي سيطر عليها الحوثيون الثلاثاء، وأوضحت المصادر أنه تم تسجيل خروقات للحوثيين بعد قنصهم لأحد أفراد اللجان الشعبية في منطقة الغيل، فيما صد الجيش واللجان الشعبية هجوما كبيرا للحوثيين على نقطة تابعة للأمن في منطقة المصلوب، وتمكنوا من قتل عدد من المهاجمين، وقتل اثنان من اللجان الشعبية. إلى ذلك أعلنت قبائل جهم المشهورة، بمحافظة مأرب، عن وثيقة تضمنت حماية المنشآت الحكومية والمعسكرات في المنطقة ومواجهة من يحاول الاعتداء عليها. وتنص الوثيقة التي تم التوقيع عليها في ملتقى قبلي بسوق مديرية صرواح أمس الأربعاء على تأمين منطقتهم من أي اعتداء مسلح من أي جماعة والوقوف يدا واحدة في وجه كل من يفرض أي رأي بالقوة، ومحاربة كل من يسعى لجر القبيلة لحرب. من ناحية أخرى، يواصل من تصفهم السلطات اليمنية بالمخربين استهداف شبكات وأبراج الكهرباء في البلاد، ويعيش معظم اليمنيين في المحافظات دون تيار كهرباء وذلك بسبب الهجمات المتعمدة التي تستهدف شبكات الكهرباء في محافظة مأرب منذ فترة والتي أدت إلى أن معظم المدن اليمنية تعيش في ظلام دامس. ويقول مواطنون في صنعاء ل«الشرق الأوسط» إنهم «يعانون معاناة كبيرة جراء انقطاع التيار الكهربائي، خصوصا في ظل الهجمات المتواصلة التي تستهدف شبكات الكهرباء في الآونة الأخيرة والتي أدت إلى تحويل الأوضاع اليومية إلى معاناة وإلى اضطرار المواطنين إلى شراء مولدات كهربائية والمشتقات النفطية من أجل أن تمضي حياتهم بشكل شبه طبيعي، وكانت محكمة يمنية أصدرت أحكاما بالسجن على مجموعة ممن وصفتهم بالمخربين من محافظة مأرب بسبب هذه الأعمال التي عطلت الحياة اليومية في العاصمة صنعاء وكل المحافظات وأدت إلى خسائر اقتصادية كبيرة».