لا يبدو الاتفاق الذي وقعته الأطراف السياسية في اليمن مع جماعة الحوثي كافيا لإبعاد البلاد عن الانزلاق إلى الحرب الاهلية بعد أن أصبحت عاصمة البلاد في قبضة الحوثيين، ولأن تفاصيل الانهيار الكبير لقوات الجيش أمام المسلحين الحوثيين لم تتكشف بعد. ولأن الاتفاق يحمل في مضامينه بوادر صراع لن يتوقف. ومع استمرار سيطرة الحوثيين على كافة المنشآت العسكرية والمدنية الحساسة في العاصمة، بما فيها مطار صنعاء، رفض هؤلاء التوقيع على الملحق الأمني التابع لاتفاق التسوية السياسية، والذي يعد أهم منجز يمكن أن يحسب للأداء السياسي للرئيس عبدربه منصور هادي، ويمكن الاعتماد عليه في تطبيع الحياة السياسية واستعادة سلطة الدولة التي غابت منذ سنوات عن مناطق واسعة من شمال البلاد وأجزاء من جنوبها. وفي ظل غموض الموقف وعدم وجود تفسير واضح للانهيار السريع الذي أصاب وحدات الجيش وسيطرة الحوثيين على الموقف، التزم حزب الإصلاح الحليف الرئيس للواء علي محسن الأحمر، المستشار العسكري للرئيس وقائد الحروب الستة على الحوثيين في صعدة، التزم الصمت تجاه ما حصل، باستثناء التنظيم الناصري الذي رفض التوقيع لأن الحوثيين رفضوا الملحق الأمني. وكان لافتاً في مشهد تهاوي قوات الجيش وسيطرة الحوثيين على المؤسسات الحكومية ومنازل اللواء الأحمر هو خروج الموقع الرسمي لوزارة الدفاع بخبر يفيد بإعلان العاملين في دائرة التوجيه المعنوي والسياسي للقوات المسلحة إلى ما أسموها الثورة الشعبية ضد الفساد. دواعي الفشل واستنادا إلى تجارب سابقة في الاتفاقات بين السلطات اليمنية والحوثيين والتي لم تصمد في غالبها، فإن الاتفاق الجديد يحمل في مضامينه دواعي الفشل، لأن الحوثيين أصبحوا القوة الرئيسة المسلحة في البلاد، ولأنهم أيضا رفضوا الملحق الأمني الذي يلزم الأطراف الموقعة على اتفاق الشراكة بإزالة جميع عناصر التوتر السياسي والأمني من أجل حل أي نزاع عبر الحوار وتمكين الدولة من ممارسة سلطاتها. ووقف جميع أعمال العنف فوراً في العاصمة صنعاء ومحيطها من جميع الأطراف. وينص الملحق كذلك على ضرورة بسط سلطة الدولة واستعادة سيطرتها على أراضيها كافة وفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ووضع آلية، بمساعدة فنية من الأممالمتحدة، لتنفيذ توصيات مؤتمر الحوار الوطني الشامل المتعلقة بنزع السلاح واستعادة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من كافة الأطراف والجماعات والأحزاب والأفراد التي نهبت أو تم الاستيلاء عليها وهي ملك للدولة على المستوى الوطني وفي وقت زمني محدد وموحد. معضلة السلاح الثقيل ولأن قضية نزع السلاح الثقيل والمتوسط الذي استولت جماعة الحوثي عليها من معسكرات الجيش عند هزيمتها في صعدة وعران، وأخيراً في صنعاء كانت سببا رئيسا في معارضة حزب الإصلاح مشاركة الحوثيين في الحكومة التي نص مؤتمر الحوار على تشكيلها من كافة القوى التي شاركت فيه. وحيث إن الحوثيين يتهمون حزب الإصلاح وعائلة الأحمر أيضاً بامتلاك أسلحة ثقيلة ومتوسطة فإن الملحق الأمني نص على أن تشمل آلية نزع السلاح تمثيلاً لجميع المكونات، ولا تستثني من عملها أي أطراف أو جماعات أو أفراد. وتتضمن الآلية خطة مفصلة وجدولاً زمنياً للتنفيذ ووفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. وحتى يتخذ الاتفاق طابع الشمولية نص المحلق على وقف جميع أعمال القتال ووقف إطلاق النار في محافظتي الجوف ومأرب فوراً، وانسحاب جميع المجموعات المسلحة القادمة من خارج المحافظتين مع ترتيب الوضع الإداري والأمني والعسكري هناك، مع ان مثل هذا الاتفاق كان أبرم بين الجماعات القبلية هناك والحوثيين منذ عدة أيام. نص خاص أفرد الملحق نصا خاصا بوضع محافظة عمران التي سقطت الشهر الماضي بيد الحوثيين، حيث ألزمت الحكومة الجديدة بتشكيل لجنة مشتركة، في غضون خمسة أيام من تشكيلها، مهمتها تطبيع الوضع واستكمال أعمال ترتيب السلطات الإدارية والأمنية والعسكرية، بما يحقق فرض سلطة الدولة ويحقق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة.